بلدي نيوز – (نور مارتيني)
يبتكر المجتمع الدولي طرقا جديدة يوميا من أجل كسب المزيد من الوقت لصالح آلة الحرب التي لا ترحم، ويبدو أن الأمم المتحدة لم تعد قادرة على إيجاد حل للمعضلة السورية، التي أسهمت إلى حد كبير في عرقلتها، خاصة نتيجة القرارات التي تتعلق بحجب الدعم اللازم عن الجيش الحر في بدايات الثورة، ما أدى إلى تشعب الأطراف وضياع مسؤولية، والانتشار العشوائي للسلاح.
منذ مطلع عام 2016، وبعد تهديدات وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" بـ"القضاء على المعارضة السورية، خلال ثلاثة أشهر"، كانت "حلب" هي مربط الفرس، حيث سعى الروس إلى تركيز هجماتهم على المرافق والمنشآت الطبية في القسم الشرقي من مدينة "حلب"، وكذلك في ريف إدلب الجنوبي، الذي يعتبر المنطقة الأكثر حيوية في محافظة إدلب، كمرحلة أولى، ثم عمدت إلى تضييق الخناق عليها، ومنع دخول المواد الغذائية والإغاثية إليها، بغية تركيع أهلها، غير أن "جيش الفتح" نجح في إحداث ثغرة، تمكنت من فك الحصار عنها، ولكن النظام والروس تمكنوا من فرض الحصار مجدداً، كنتيجة طبيعية للقصف الوحشي.
اليوم، وبعد مضي نحو ثلاثة أشهر على الحصار الجديد، وبعد رفض نظام الأسد لإدخال أي مساعدات إنسانية، أو مواد طبية إلى القسم الشرقي من مدينة "حلب"، ناهيك عن تدمير ما تبقى من مشاف فيها وإخراجها عن الخدمة، يخرج علينا المبعوث الأممي "ستافان دي مستورا" بمبادرة جديدة موضوعها حلب، يكرر فيها دعوته السابقة إلى خروج "جيش الفتح" من حلب إلى إدلب وريفها، ولكنه هذه المرة يفكر بصوت عالٍ، ويطرح فكرة "الإدارة الذاتية" في "حلب الشرقية"، حيث قال المبعوث الأممي إلى سوريا أنه "اقترح على السوريين ضرورة أن يخرج المقاتلون من حلب على أن تُبقي الحكومة السورية على الإدارة المحلية في المناطق الشرقية"، وأوضح أنه تعامل مع الموضوع كـ"حالة خاصة".
يبدو أن ملامح الفدرلة التي جرى الحديث عنها مطولاً، في الكواليس الدولية، ومن خلال مفاوضات بالوكالة، قد بدأت تتبلور ملامحها، مع عزل الرقة، وتهجير ثوار الجنوب إلى إدلب تباعاً من خلال هدن ومفاوضات محلية، فيما أعلنت الأمم المتحدة أنها لا تعلم شيئاً عنها.
حول مقترح المبعوث الأممي "ستافان دي مستورا"، يقول مصطفى سيجري رئيس المكتب السياسي في "لواء المعتصم" التابع للجيش الحر أنه تم رفض اقتراح ديمستورا، لأنه يشرعن إجرام الأسد، ويتعامل معه كسلطة شرعية، ويجعله شريكاً دولياً على حساب الشعب السوري وجيشه الحر.
وتابع سيجري "كنا نرفض المساواة بين الجلاد والضحية، وأصبحنا اليوم في نظر دي مستورا نحن الجلاد، ونظام الأسد الإجرامي يدافع عن نفسه! وهذا شيء مؤسف وانحياز كامل إلى الباطل".
وأكد رئيس المكتب السياسي في "لواء المعتصم" أن هناك اجتماعات الآن على الصعيد العسكري والسياسي،، لاتخاذ موقف واحد تغلب فيه المصلحة وتحد من إجرام روسيا والأسد".
فيما يرى "سيجري" أنه حتى ولو كانت نوايا المجتمع الدولي هي تقسيم سوريا، فإنه "على جميع الاحوال، حتى النظام قد رفض مبادرة دي مستورا، لذا ينبغي عليه إيجاد مقترح جديد، وليس من الجيد بالنسبة له الوقوف عند هذه المبادرة".
وفي الوقت الذي تتفتق فيه عبقرية المجتمع الدولي عن مبادرات وحلول مؤقتة، يعيش أهالي حلب أقصى حالات الضنك والهلع، فيما تعجز الأمم المتحدة عن إدخال سلة غذائية واحدة إلى الأهالي المحاصرين، بل وتكرّم سفير نظام الذي يكاد يجهز على من تبقى من أهالي حلب، سواء عن طريق القصف الذي لا يرحم، أو الجوع، فيما برد الشتاء القارس بات قاب قوسين أو أدنى.