طلاب الجامعات السورية: أولوياتنا البحث عن كرامتنا في بلد يحترم الإنسان - It's Over 9000!

طلاب الجامعات السورية: أولوياتنا البحث عن كرامتنا في بلد يحترم الإنسان

بلدي نيوز - (غزل سالم)  

يبحث طلاب الجامعات السورية عن ملاذات آمنة في أولى خطواتهم على درب الحياة العملية، حيث تختلف أولوياتهم بعد عقد من الزمن على الحرب في بلادهم، فمنهم من اختار السفر ومنهم من تأخر في الالتحاق بالجامعة ومنهم من آثر العمل الميداني على حساب استكمال دراسته الجامعية، ومنهم من تمكن من متابعة دراسته، ولا يخفى الدور الذي تلعبه مناطق النزاع وأثرها على الفرص التي تتوفر لهؤلاء الشبان.

"لما أرتب أولوياتي بلاقي الحياة الكريمة في بلد يحترم الإنسان أهم من كلشي، لهيك حابة سافر، الله أعلم وين الخير موجود بس أكيد مو سوريا".

بهذه الكلمات اختتمت الحديث إحدى الشابات السوريات التي تحدثت عن تجربتها الجامعية في سوريا، حيث قررت سميرة (23 سنة) أن تأتي من مكان إقامتها في دولة الكويت إلى جامعة دمشق لدراسة الطب البشري، نتيجة العلامات العالية التي حصلت عليها في المرحلة الثانوية.

وتقول سميرة إنها لم يكن لديها أدنى فكرة عن المكان التي ستذهب إليه، والجامعة التي ستدرس الطب فيها، وكضريبة لغربتها عن البلاد وشهادتها غير السورية كان عليها أن تدفع سنويا مبلغ مالي قدره (3200 دولار) لا يوجد مقابله حتى سكن محترم يليق بالطلاب.

وحول السكن الجامعي للطلاب قالت ساخرة: "تصوراتي عن السكن وردية جدا لدرجة كنت مقررة كل يوم أنزل أركض وأرجع أفطر وروح على دوامي، بس طلعت غلطانة بطريقة فظيعة، لأنه حرفيا الوقت بالسكن ما كان بكفي لقتل الصراصير وتنظيف الغرفة وسماع بهادل المشرفات "، بالإضافة إلى حوادث السرقات والغش التي يتعرضن لها الطالبات المستجدات في السكن، وخاصة التي تأتي من خارج سوريا، فالجميع ينظر لها على أنها مكسب مادي يجب أن يستغله.

وتوضح سميرة الإشكال الذي عانت منه من ضغوط المواد والمعلومات وقلة المصادر الموثوقة للبحث والدراسة، وسوء التنسيق بين المدرسين والطلاب، وضغوطات الحياة اليومية التي يعاني منها الجميع من انقطاع الكهرباء والمياه وندرة أماكن السكن المناسبة للطلاب.

تقول الشابة السورية أن كل ذلك جعلها مغيبة عن أي نشاطات اجتماعية أو علمية تخص دراستها أو رغباتها، ذلك ما جعلها تنسحب من دراستها ومن البلاد. وتقول إنه بالنسبة إليها أن تعيش وتدرس في سوريا، فذلك يحتاج إلى طاقة كبيرة وقوّة نفسية وعقلية.

أما حلا (24 سنة) من مدينة دريكيش السورية، وهي طالبة صيدلة في جامعة تشرين في محافظة اللاذقية، تتحدث عن تجربتها خلال سنوات دراستها وتقول: "ما لاحظته في بداية الجامعة هو الاكتظاظ الهائل للطلاب القادمين للدراسة من مختلف المحافظات السورية، وظهر ذلك بوضوح في قاعات المحاضرات والمختبرات حول أجهزة البحث اللازمة، مما عرقل اكتساب العلم في بعض المراحل، وهذا ما حصل في الجامعات التي وقع عليها ضغط العدد الطلابي الكبير نتيجة النزوح من المناطق التي تعرضت للتدمير في سوريا".

وتروي حلا أنها كانت تبحث عن فرق تطوعية أو جمعيات تسير وفقاً للأهداف الإنسانية والنبيلة في إطار التنظيمات المدنية، وذكرت عدة تجارب لها استنتجت منها بأن أصحاب هذه المبادرات لم يكن سعيهم واهتمامهم واستخداماتهم للجمل والعبارات الرنانة التي تؤثر على العمل المدني إلا لكسب الشهرة والتمويل والابتعاد عن حاجات المجتمع الحقيقية.

وتضيف بأنها تحدثت كثيراً ضمن محيطها عما يلزم من مبادرات حقيقية اجتماعية كانت أم بيئية لسد بعض الحاجات أو على الأقل ترميمها، لكنها لم تجد سوى الاستهزاء بسخرية ووصفها "حاملة سلم الإنسانية بالعرض وطاحشة فيه".

من جهتها راما (اسم مستعار 20 سنة) وهي طالبة تمريض في جامعة الفرات في مدينة دير الزور تقول: "شعور بالخذلان لعدم قدرتي على تحقيق شيء من أحلامي في الدراسة أو السفر أو الحياة الاجتماعية المريحة".

وتوضح أن الخذلان هو في التلاعب بالعلامات النظرية الذي تأتي تبعاً للواسطة التي يمتلكها الطالب؛ يحبط هذا التلاعب حماسها ومتابعتها، وبالنسبة لدوامها في المشفى العملي تؤكد أن أبسط الأدوات اللازمة للتدريب والتمرين غير موجودة، وكمية الأدوية القليلة جداً وحتى عدد الأطباء قليل بالنسبة للأقسام الطبية وغرف العمليات الموجودة.

وتضيف أن كل ذلك جعلها تقول "كنت كثير متحمسة أدخل الجامعة ورح اشتغل خلصت الثانوية لأنصدم بواقع أسوأ بكثير مما كنت أسمع وأسوأ بكثير من أني أقدر حقق أحلامي".

يقول هؤلاء الطلاب بعد أن شكلت الحقيقة صدمتهم الأولى أزاء أحلامهم الوردية: "على ذات الأرض في هذه البلاد، قد يعرقل دراستك رسوم مالية ورئيس جامعة غير معترف بها، تمنعك حتى من اكتساب التعليم دون شهادة توثقها".

أما الشاب عبد الله (23 سنة ) وهو من مدينة إدلب يتحدث عن مسيرته وانقطاعه عن التعليم رغم تحصيله الجيد في مراحل دراسته الإعدادية والثانوية فيقول: "النزوح والتضييق الأمني الذي عانت منه المدينة وصولاً إلى سوء إدارة الجامعة الموجودة، كل ذلك جعله يبتعد عن ما كان يرغب فيه، وكان شغوفاً بالوصول إليه".

وبحسب عبد الله فإن انقطاعه عن الدراسة جعله يتجه إلى العمل المهني البسيط ليسد احتياجاته المادية، إلى أن بدأ لاحقاً بتعلم المونتاج وفنيات العمل الإعلامي الذي كان يرغب بممارسته، وتوفرت له فرصة للعمل مع جهات عدّة في المجال الذي أحب وتدرب عليه، ومع استقراره مادياً بدأت عائلته تشجعه للعودة إلى الدراسة مؤكداً ذلك بقوله: "ما ضلت الأحلام الوردية إني كون بالجامعة، بس فكرت مشان الشهادة مو أكتر".

ويقول عبد الله إنه استطاع بعد ذلك الحصول على الشهادة الثانوية بمجموع بسيط، لكن استمراره في الجامعة لم يحصل بسبب فساد الإداريين والعاملين في الجامعات، معبراً عن ذلك بأن كل عرقلة تواجه الطالب هناك الغاية منها هي دفع مبالغ أكثر وتحصيل رسوم إضافية، ولا يهم متابعة وحضور الدروس أو توفر المدرسين؛ بل ما يهم هو الكسب المالي وأن تدفع أكثر، تلك المعاملة مع الطلاب وحرمان البعض من تقديم الامتحانات بسبب التأخر في تسديد الرسوم دفع عبد الله إلى إيقاف دراسته في فرع الأدب الإنكليزي الذي اختاره، واستمراره في مجال عمله بالإعلام ساعياً في الوقت ذاته للسفر خارج سوريا.

قد تكون الاختلافات الاجتماعية عائقاً نفسياً للدراسة تغير من مسار حياة البعض ومن الطبيعي اليوم أن يكون الخوف من الآخر ومن اختلافه؛ اجتماعياً كان أم ثقافياً سبباً في انعزاله والابتعاد عن الانخراط في المجتمع، هذا ما تركته آثار الحرب على الجميع.

يجمع هؤلاء الشبان على أنهم إذا ما أنهوا دراستهم اليوم من الجامعات، فلا حوافز تدفعهم للإنجاز، حاملين ذاكرة خالية، وفرص المساهمة في التغيير التي يسعون إليها تكاد تنعدم؛ يبحثون عن مكان ما في هذا العالم يلبي طموحاتهم.

مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى حشد الدعم الإقليمي والدولي لسوريا

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

//