ما أبعاد صراع عائلتي "الأسد - مخلوف"؟ - It's Over 9000!

ما أبعاد صراع عائلتي "الأسد - مخلوف"؟

بلدي نيوز – (تركي مصطفى) 

مقدمة:  

يبدو أن السباق بين "رامي مخلوف" وزوجة ابن عمته "أسماء الأسد (الأخرس)" للاستحواذ على مكاسب الحرب في سوريا، لن يدوم طويلا، في ظل انكشاف الأمر للسوريين، خصوصا المؤيدين للأسد، ومع تصاعد الصراع الناشب بين أفراد العائلة، من خلال معاودة ظهور رامي مخلوف الثاني خلال أقل من يومين، وتوغّل أجهزة الأسد الأمنية في امبراطوريته المالية، وما يثار بشأن تفاهمات سرية أبرمتها روسيا مع الولايات المتحدة، فيما يتعلق بتحجيم الدور الإيراني في سوريا، إذ رافقت سجالات عائلة الأسد، تفسيراتٌ مختلفة، منها ما يرجّح تحريك روسيا لطرفي الصراع بقصد إلزام الأسد دفع مبلغ يقدر بنحو ثلاثة مليارات دولار من الديون المستحقة عليه في مهلة محددة. 

وهو ما جعل تفاعلات الصراع تتصاعد بعد رفض رامي تقديم يد المساعدة لابن عمته، بحجة عدم وجود سيولة، ويبدو أن ما يجري عملياً، هو بداية لإطاحة ناعمة بسلطة الأسد وعائلته، وهذا أحد أهم أسباب الزيارة الخاطفة لـ"محمد جواد ظريف" وزير خارجية إيران إلى دمشق إثر الاهتزازات التي أصابت الركيزة الأساسية لمشروعهم الاستيطاني في المنطقة. 

رامي مخلوف "متلفزا" 

قبل يومين تابع السوريون الجزء المذاع من كلمة رامي مخلوف، بعد غياب ناف عن التسع سنوات ما عدا إطلالات أبنائه على صفحات الانستغرام وهم يتنعمون بأموال "السوريين". 

في كلمته المصورة، دافع رامي مخلوف، عن الاتهامات الموجهة له بقضايا كبيرة أقلها "التهرب الضريبي" إثر مطالبة زوجة ابن عمته "أسماء الأسد"، بدفع مئة مليون دولار "130" مليار ليرة سورية، ضرائب متأخرة على شركة الاتصالات "سيريتل" التي يمتلكها. كانت لغة مخلوف مليئة بـمعاني "الورع والبساطة"، فضلا عن تراكيبها التي أدهشت الشاعر السوري المعارض ماهر شرف الدين والذي تساءل:" تصدّقون أنني حين بدأتُ الاستماع لرامي مخلوف وهو عاجز عن قول جملة سليمة النطق ومتصلة المعنى... شعرتُ بالخجل كسوري! فكيف سمحنا لهذه الحثالة أن تتسيَّد علينا طوال نصف قرن؟!" 

مافيا الأسد-مخلوف 

برزت وتطورت عائلة "مخلوف" في سوريا؛ بعد أن تمكنت من فرض إرادتها وسيطرتها الاقتصادية، وأصبحت قوة موازية لقوة النظام، بل هي من يسيطر على مراكز القوة الفعلية، ومع تطورات الحرب السورية تحولت تلك القوة إلى عصابة متمردة تواجهها قوة النظام. فما الذي حدث؟ 

منذ العام 1972وحتى العام 1998 كان محمد مخلوف أبو رامي، شقيق زوجة حافظ أسد وخال بشار، الأب الروحي لـ"لصوص المال العام" الذي ينتمي أغلبهم لعائلة الأسد، وارتقى مخلوف الأب من مدير المؤسسة العامة للتبغ التي تولاها بين عامي (1972-1985) إلى الاستحواذ عملياً وبمشاركة بشار على كل ما له علاقة بالنفط والغاز والاتصالات والمناطق الحرة والفنادق الكبرى والمتوسطة والمطاعم المختلفة والخدمات والمرافئ والحدود. 

ومع تفاقم مرض حافظ أسد، وقبل وفاته بعامين، أصبح محمد مخلوف الوصي على العرش الأسدي، باعتبار بشار ضعيف خبرة وشخصية على حد سواء. من هنا بدأت مملكة عائلة الأسد المالية تتوسع حتى بات مخلوف يستولي على 65 بالمئة من الاقتصاد السوري. ولما طلب بوتين من بشار أن يسدد له جزءا من ثمن الاسلحة وخدمات آلاف العسكريين الروس في سوريا وتزويده بالوقود وغيرها من الديون، أظهر الأسد عجزه، لشح الموارد، وسيطرة أطراف أخرى على حقول النفط والغاز، وكذلك العقوبات، فأمر بوتين بشار بأن يستعيد شيئاً من المال من جماعاته العائلية والمقربة منه، وأبرزها "ابن خاله رامي مخلوف"، وصديقه "محمد حمشو"، و"سامر فوز" وغيرهم من أصحاب البيوتات المالية. 

ظهور الصراع للعلن 

على إثر مطالبة بوتين، الأسد بدفع بعض المستحقات من الديون المتراكمة، انتزع بشار من ابن خاله "رامي" جمعية البستان، عام 2019، لتديرها زوجته "أسماء الأخرس"، وإزاء ذلك، يلحظ تصاعد نبرة خطاب عائلة مخلوف من خلال تسريب فضائح تخص عائلة زوجة أسماء الأسد في إعلان واضح لانفضاض الشراكة والبدء بالمواجهة من خلال "فضح" شركة "تكامل"، العائدة ملكيتها لابن خالة أسماء، مهند الدباغ، الأمر الذي دفع وزير التجارة السوري، عاطف النداف، إلى إصدار قرار بمنع "تكامل" المصدرة للبطاقة الذكية في سوريا من التدخل بتوزيع الخبز. والفضيحة الثانية، تهريب المخدرات للسعودية التي يقوم بها الأخوين "بشار وماهر شخصيا" وبعلمهم ولصالحهم حصريا بحسب آل مخلوف. بعد أن ضبطت كميات هائلة من المخدرات المصنعة في مصانع خاصة بسوريا ومصدرة للدول العربية. وأما الفضيحة الأخرى وليست الأخيرة، فهي شراء رئيس النظام بشار الأسد لوحة كهدية لزوجته بمبلغ 30 مليون دولار. 

محفزات الصراع

ومن مظاهر سوء "العلاقة العائلية" بين "رامي وبشار" امتناع الأخير عن التواصل المباشر مع ابن خاله، وهذا تفسير واضح عن وصول هذه العلاقة إلى مرحلة قد تقود إلى العنف، لكن هذا المنع لا يقتصر تفسيره على موقف بشار فحسب، بل وموقف الطرف الإيراني الذي مثّل الفاعل الأبرز في الاصطفاف مع موقف الأسد الذي ساءت علاقته بروسيا، على خلفية إظهار حقيقة الأسد العاجز عن تلبية المصالح الروسية وعلى رأسها دفع المستحقات المترتبة عليه، فضلا عن موقفه من التوجه الدولي إزاء تمسكه بالوجود الإيراني في سوريا.  

اصطفاف الشارع

ما لم نكن نتوقعه ونحن نتفاعل مع صراع "العائلة الحاكمة"، أن البلد تحول جسما برأسين "أسماء الأخرس" و"رامي مخلوف" ومن ورائهما قوى محلية "رؤوس الشبيحة" وأخرى إقليمية ودولية، حصدت على مدار سني الثورة رؤوس الذين ثاروا ضدهم كما أنتجت رؤوسا جغرافية بمسميات متعددة، وكانت سبب الحرب وويلاتها وما نتج عنها من قتل أكثر من سبعمائة ألف شهيد وإفقار من تبقى من الشعب السوري وتشتت الملايين من شبابه ونوابغه في أصقاع الأرض.  

ما يجري اليوم من مساجلات بين قياصرة المال والسلطة هو التشرذم ما قبل الساعة الأخيرة من عمر العائلة، صراع من أجل النفوذ والهيمنة، ومن أجل الصنمية الفردية، صراع من أجل السيطرة المادية، في حين غابت المصلحة العليا لسوريا الدولة، وضاعت معه حقوق حتى المؤيدين من رؤوس "الشبيحة" الذين اصطفوا لجانبهم وقتلوا لأجلهم وما يزالوان.. كل السوريين يذكرون التفاف المستفيدين حول "مملكة الأسد", الذين جعلهم مأجورين باليومية لحماية قيصرية ابن خاله المالية، وعاملهم كنخاسة أغبياء وأشركهم ببيع البلاد "بيعة لص" على طريقة ابن خاله رامي، لذلك من المتوقع بعد شهور قليلة، سيتصاعد الصراع بين قطبي "لصوص الوطن" وستتجاذب "أسماء الأخرس" وابن "خال زوجها"، أطرافا من الطائفة العلوية، وأخرى خارجية، فكبار الضباط والسماسرة يتوجسون من مخرجات الصراع، ويركزون على محور واحد من محاوره، وهو "بقاء السلطة" بأيديهم، وسنمنع عن الجهة الفلانية وعن مبادرتها في حلّ الخلاف، وسنشاهد حالات عنف ضد أشخاص أو ربما جماعات وأن سببه هو انتماء هؤلاء للكلبيين أو الحدادين، وستصبح بعض مناطق الخاضعة لسيطرة النظام مغلقة على جماعة فلان النافذة أو نحو ذلك.  

الحضور الروسي الإيراني 

على الرغم مما سبق، ومع ما تواجهه "عائلة الأسد من صراع، وما يدور بينهما من تنافس قد يفضي إلى اتساع الفجوة بينهما، إلا أن "مخلوف" و"الأسد" استطاعا تكوين مراكز نفوذ داعمة لكل منهما، لمواجهة أي تحولات داخل سوريا، إذ لا يزال تأثير إيران واضحاً في القرار السياسي للأسد، من خلال هيمنتها على وزارة الدفاع والأجهزة الأمنية والحرس الجمهوري،  فيما لا تزال روسيا تحاول إعادة هيكلة النظام وفق النموذج الروسي بعيدا عن الهيمنة الإيرانية وطموحاتها في تحقيق مشروعها، فضلاً عن دعم دولي للتوجه الروسي لإزاحة إيران من المشهد السوري، وهذا أهم أسباب تفاعلات صراع عائلة الأسد. 

خلاصة 

إن ما تجلى من حقائق حول ما أثاره صراع "مخلوف الأسد"، تزامنا مع انهيار الدولة في سوريا؛ فإن إيران استشعرت بالخطر المتسلل إليها من مكان حساس في خاصرتها، وإن كان ذلك الاستشعار مبكرا، وهذا ما تعكسه تحركاتها الأخيرة إثر زيارة جواد ظريف لدمشق، وقبله وصول قاآني قائد فيلق القدس إلى حلب لتكوين جبهة قوية تواجه التحرك الدولي لإزاحتها من سوريا.

مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى حشد الدعم الإقليمي والدولي لسوريا

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

//