بلدي نيوز – حلب (عبدالعزيز الخليفة)
تتعمد طائرات النظام والطائرات الروسية استهداف مراكز الدفاع المدني في عدد من المدن السورية، بهدف منع رجال "القبعات البيضاء" كما يطلق عليهم الأهالي، من تأدية مهامهم في إنقاذ المدنيين جراء القصف.
الحرب على فرق الدفاع المدني لم تقتصر على القصف فحسب، بل بتهميش دورهم كما فعلت السلطات الأمريكية قبل أيام، عندما منعت مدير الدفاع المدني السوري رائد الصالح من تسلم جائزة "المساعدة الإنسانية" من قبل منظمة المجتمع المدني "إنترآكشن" ومنعه كذلك من دخول الأراضي الأمريكية رغم أنه يمتلك تأشيرة دخول سارية المفعول حتى نهاية العام الجاري.
وكانت المنظمة قررت منح جائزتها إلى الدفاع المدني السوري، لإنقاذه حياة حوالي أربعين ألف شخص منذ بدء حرب النظام ضد الشعب في سوريا.
واستشهد اليوم الثلاثاء، خمسة عناصر من فريق الدفاع المدني في مدينة الأتارب بريف حلب الغربي، جراء ست غارات شنتها مقاتلات روسية استهدفت المركز الرئيسي للدفاع المدني.
وتشكلت فرق الدفاع المدني في المحافظات السورية بعد قصف قوات النظام على المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار، وارتكاب مجازر مروعة بحق المدنيين.
لم يكن هناك ما يسمى بـ"الدفاع المدني" داخل المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار، حيث كانت معظم عمليات الإنقاذ تتم عبر محاولات فردية تقتصر على سكان الحي الواحد، لكنها تعمل اليوم في المناطق المحررة بمنهجية مختلفة عن الفرق الأخرى في دول الجوار والعالم، وكثيراً ما تسقط براميل وقذائف النظام أثناء قيام رجال القبعات البيضاء بانتشال جثث الضحايا، ليسقطوا على إثرها شهداء فوق جثث من ينقذوهم.
وبحسب ما نشره فريق الدفاع المدني السوري على موقعهم الرسمي، فإنهم يعملون وفقاً للقانون الإنساني الدولي، وكما هو محدد في البروتوكول الأول "المادة رقم 61" من اتفاقيات جنيف لعام 1949، متعهدين بتقديم الخدمات المذكرة في الفقرة الخامسة بما يتوفر من إمكانيات، ويسعون لتقديم الخدمات كافة منها: "توفير سكن الطوارئ، واللوازم، والإصلاح الطارئ للمرافق العامة التي لا غنى عنها، وإزالة التلوث، وتدابير وقائية مماثلة، والمساعدة في الحفاظ على المتطلبات الضرورية للبقاء على قيد الحياة، وتأمين المقابر في الحالات الطارئة، وكشف ووضع علامات على المناطق الخطرة (مثل المناطق التي فيها ذخائر غير منفجرة)، وتحذير السكان المدنيين من الهجمات والمخاطر وإطفاء الحرائق".
ولم يقتصر عملهم فقط على مساعدة المدنيين بشتى أطيافهم في أوقات القصف وغيرها، فقد صنعوا بسواعدهم عدة مراكز لتدريب وتطوير الشبان والشابات المدنيين للعمل كعناصر دفاع مدني.
يقول "محمد الحاج علي" أحد عناصر فرق الدفاع المدني في مركز هنانو بمدينة حلب لبلدي نيوز: "بدأنا العمل في عام 2013 بعمليات البحث والإنقاذ بدون معدات أو آليات مخصصة للدفاع المدني، وبدون خبرات أو تدريبات، بدأنا كمتطوعين بدون أي مقابل".
وكان مركز هنانو أول مركز بمدينة حلب، وأصبح عدد العاملين فيه 25 عنصرا جلّهم من أبناء المدينة، انضموا بعد رؤيتهم لحجم الدمار والمجازر المرتكبة بحق المدنيين، وبعد حملة البراميل المتفجرة التي تلقيها طائرات النظام السوري على المناطق المكتظة بالمدنيين، أكد الحاج علي أن خبرتهم زادت من المواقع التي رأوها وساعدوا فيها.
وتابع محمد الحاج علي لبلدي نيوز، "بدأت عدة منظمات بتقديم الدعم والتدريبات لنا، حتى وصلنا لمرحلة متطورة بعمليات البحث والإنقاذ والإطفاء وإسعاف الجرحى، طبعاً بداية عملنا كان فقط إزالة الأبنية الآيلة للسقوط، لافتقار سيارة لنقل الجرحى".
وأكمل، "بعد ذلك أصبحنا نستطيع إنقاذ أكبر عدد ممكن من المدنيين، وفور وصولنا على مكان الكارثة يكون هدفنا الأول هو إسعاف الجرحى والمصابين الذين ما زالوا على قيد الحياة، وبعد ذلك نبدأ بالبحث والغوص تحت الانقاض لمساعدة الناجين من الموت".