Middle East Eye – ترجمة بلدي نيوز
بعد ساعات من انهيار محادثات جنيف للسلام، قال وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" لعاملي الإغاثة السوريين، خلال محادثة على هامش مؤتمر المانحين لسورية، في لندن: "إن البلاد يجب أن تتوقع ثلاثة أشهر من القصف الذي من شأنه أن يهلك المعارضة".
وقالت المصادر، أن كيري اتهم المعارضة السورية بترك المحادثات، وتمهيد الطريق لهجوم مشترك من قبل الحكومة السورية وروسيا على حلب، إحدى عاملات الإغاثة التي طلبت عدم الكشف عن هويتها لحماية منظمتها، أخبرت صحيفة "عين على الشرق الأوسط"، أن كيري قد قال: "لا تلقوا باللوم علي بل لوموا معارضتكم".
وفي الوقت الذي يفر فيه عشرات آلاف اللاجئين من الحكومة السورية والقصف الروسي في حلب، صرح كيري للصحفيين يوم الثلاثاء: "إن كل من روسيا وإيران مستعدان لوقف اطلاق النار في سوريا".
وأضاف كيري بأنه "يستطيع معرفة ما إذا كانت هذه الأطراف جدية في سعيها لإيقاف إطلاق النار" وذلك بعد اجتماع مجموعة دعم سورية الدولية، الذي ضم 17 دولة بما فيها الولايات المتحدة وروسيا - ومن المقرر أن يعقد في ميونيخ الأسبوع المقبل.
لكن كيري ترك عاملي الإغاثة السوريين مع انطباع قوي بأن الولايات المتحدة قد تخلت عن الجهود المبذولة لدعم المقاتلين الثوار في سورية، وكانت قد توقفت محادثات الأمم المتحدة هذا الأسبوع بعد أن رفض مندوبي الحكومة السورية والمعارضة اللقاء، وأصر ممثلو المعارضة على أن كافة أشكال القصف يجب أن تتوقف قبل أن تستأنف المحادثات، فيما قالت الحكومة السورية أن المعارضة "غير جادة" في دفع عملية السلام للأمام.
وقال مصدر تركي رفيع المستوى، يوم الجمعة، أن كيري أعطى رسائل مختلطة بعد انهيار عملية جنيف، مما وضع المزيد من الضغوط على تركيا والمملكة العربية السعودية.
وحذر رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو في مؤتمر المانحين، يوم الثلاثاء، أن عشرات الآلاف من السوريين في طريقهم من حلب إلى الحدود التركية، وفي اليوم نفسه، قالت السعودية أنها قد وضعت قواتها كجزء من قوات متعددة الجنسيات لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية".
ووفقاً للمصدر التركي الرفيع المستوى، تشعر كل من تركيا والمملكة العربية السعودية بالقلق الشديد من انهيار محتمل للجيش السوري الحر المعترف به من قبل الولايات المتحدة.
وقال اثنان من عاملي الإغاثة السوريين الذين تسنى لهم التحدث مع كيري في مؤتمر المانحين، بأنهم قد قالوا له أنه لم يفعل ما يكفي لحماية المدنيين السوريين، ولكنه أجاب بأن المعارضة السورية هي من يجب أن تلام على ذلك، مضيفاً أنها من الأساس لم تكن تريد التفاوض ولا وقف إطلاق النار، وانسحبت من المفاوضات.
وقالت عاملة إغاثة أخرى للصحيفة في محادثة منفصلة، بشرط عدم الكشف عن هويتها أن كيري قد قال: "ماذا تريدون مني أن أفعل؟ أن تدخل الولايات المتحدة في حرب مع روسيا؟ هل هذا ما تريدونه؟".
وقال مصدر ثالث يدعي أنه خدم كصلة وصل بين الحكومتين السورية والأمريكية على مدى الأشهر الستة الماضية، أن كيري قد أرسل رسالة إلى بشار الأسد في تشرين الأول يخبره بأن الولايات المتحدة لا تريد إزالته عن الحكم، وبدلاً من ذلك، ووفقاً للمصدر، فإن كيري قد أصر على الأسد أن يتوقف عن استخدام البراميل المتفجرة لأنها تروع السكان المدنيين.
وزعم المصدر أيضاً أن كيري قد قال للأسد أنه إن توقف عن إلقاء البراميل المتفجرة، فسيستطيع حينها كيري بيع "قصة للجمهور"، وكان رد الأسد أن طلب مقابل ذلك أن تتوقف الولايات المتحدة عن دعم الثوار.
ويأتي خط تواصل كيري مع الأسد بعد سلسلة من المواقف المتراجعة في السياسة الأمريكية، خصوصاً بعد توقف برنامج تدريب وتسليح المقاتلين السوريين، والذي فشل فشلاً ذريعاً في آب الماضي عندما تم تدريب مجموعة من المقاتلين المدربين حديثاً، تحت تسمية "الفرقة 30" المسلحة من قبل الولايات المتحدة، ولكن تم كشفهم والقبض عليهم بعد أن عبروا الحدود إلى سوريا للمرة الأولى، وبعد شهر، تم القبض على مجموعة أخرى من المقاتلين من قبل جبهة النصرة، و قيل أن أسلحتهم قد سلمت لتنظيم القاعدة في سوريا.
كما وزعم تقرير في "لندن ريفيو أوف بوكس" من قبل سيمور هيرش أن برنامج التدريب قد تم تخريبه من قبل جنرالات في البنتاغون الذين لم يصدقوا أنه سيعمل، فقدموا معلومات للأسد عن تحركات القوات.
وفي الآونة الأخيرة، تعرض وزير الخارجية الأمريكي لانتقادات شديدة بسبب الضغط على المعارضة لحضور محادثات جنيف، وبأنه قد هدد بأن المعارضة ستخسر دعم الولايات المتحدة اذا لم تذهب للمؤتمر.
وبالمثل، تعرضت الإدارة الأميركية لانتقادات لاذعة بأنها قد قبلت ببقاء الأسد رئيساً على سورية، وهي خطوة يقول بعض الخبراء أنها أضعفت موقف ونفوذ الولايات المحتدة أمام روسيا، فضلاً عن خلق توترات مع حلفائها في الجيش السوري الحر الذين تعهدوا على أنفسهم أن بقاء الأسد هو تجاوز للخط الأحمر.
وعندما سألت صحيفة "عين الشرق الأوسط " وزارة الخارجية الأمريكية حول ادعاءات عاملي الإغاثة السوريين وما أدلى به مصدر الاتصال بين كيري والأسد، وجهت الوزارة الصحيفة إلى تصريحات كيري، يوم الجمعة، وما قاله في المؤتمر الصحفي، لكنها لم تجب على وجه التحديد على ما ورد في الادعاءات.