بلدي نيوز - (ميرفت محمد)
تُظهر التصريحات المتتالية لمسؤولي إسرائيل خيبة أمل كبيرة من روسيا والولايات المتحدة؛ فتارة يسافر رئيس وزرائها (بنيامن نتنياهو) إلى موسكو أو يرسل وفد رفيع المستوى من جهاز الاستخبارات الإسرائيلي إلى واشنطن، وتارة يهدد بخيار العمل المنفرد في سوريا.
يعود هذا الهاجس إلى ما تعتبره إسرائيل سيطرة عسكرية حقيقية على الحدود المحتلة الفلسطينية الشمالية من قبل المليشيات الشيعية الإيرانية، فحسب ما ذكره موقع (وللا) فإن المعلومات الاستخبارية المتوفرة لدى إسرائيل تؤكد أن ''إيران شرعت فعلا في بناء قواعد صواريخ داخل سوريا، بالإضافة إلى قطعها شوطا في تدشين الممر البري الذي يصل طهران ببغداد ودمشق وبيروت".
إسرائيل وثمن الشراكة
"داعش خرج وإيران دخلت.. نحن نعارض بشدة وجود إيران وملحقاتها العسكرية في سوريا، ونحن سنقوم بكل ما يلزم من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل"، هذا ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو).
أما وزير التعليم، وزعيم تحالف أحزاب المستوطنين في الكنيست، (نفتالي بينيت) فقال في مقابلة نشرت على موقع صحيفة "يديعوت أحرنوت": "يجب أن يكون واضحًا أنه في نهاية المطاف، فحتى حينما نتوجه إلى الولايات المتحدة الأميركية، وأيضًا إلى روسيا، فإننا بهذا نحاول تجنيدهم، ولكن ليس الاتكال عليهم. إن إسرائيل تحتفظ لنفسها بالحق في الدفاع عن نفسها حتى ضد الإيرانيين عند حدودنا".
فعلى الرغم من كون إسرائيل شريك في الكثير من القرارات المتعلقة بسورية؛ -فحتى إن لم تتدخل مباشرة لكون الروس والأمريكان هما الضامنان لهذه الشراكة- إلا أنها ليست راضية عن الثمن الذي تناله من الشراكة الفعلية في القرار السياسي، وتريد من حلفائها الروس والأمريكان تحجيم نفوذ الإيرانيين وحزب الله والمليشيات الشيعية في المناطق المتاخمة للحدود مع فلسطين.
حصة إسرائيلية لتحجيم النفوذ الإيراني
يقول الكاتب والمختص بالعلاقات الدولية والشؤون الخارجية (خالد الغري) أن روسيا تعمل جيدًا بأن محاربة (داعش) حاليًا تتطلب مساندة برية للمعركة الجوية، لذلك دفعت موسكو نحو فتح المجال أمام الحرس الثوري الإيراني بإدخال ٤٠٠٠ مقاتلة للمؤازرة البرية، وهو ما يعني إشراك إيران رسميًا في محاربة (الإرهاب) إلى جانب التحالف الدولي.
ويوضح "روسيا تعلم جيدًا بان العلاقات الأمريكية الإيرانية ليس بأفضل حالها، ومطلوب منها تعويم الدور الإيراني واعتباره شريكًا في محاربة الإرهاب، لذلك تعول في محاربة التنظيم على المليشيات الشيعية التي تحاول أن تكون هي القوة الضاربة بوجه الإرهاب السني، وسمحت لدخول ١٥٠٠ خبير عسكري إيراني، الأمر الذي يقلق إسرائيل التي تتخوف من تواجد الحرس الثوري الإيراني والمليشيات الشيعية وحزب الله على حدودها الجنوبية من خلال غض النظر الروسي عن ذلك".
ويؤكد (الغري) لبلدي نيوز على أن زيارات المسؤولين الإسرائيليين لروسيا وأمريكا تدلل على الأهمية التي توليها إسرائيل للوضع الناشئ في سورية، وعلى حالة الذعر في إسرائيل، التي تدرك أن قدرتها على التأثير ضئيلة ومحدودة للغاية، وخاصة أن الدولتين العملاقتين تتنافسان وديًا على حماية أمن إسرائيل واتفاق الجنوب السوري هو دليل قاطع، ويضيف "إسرائيل تريد الاطمئنان الفعلي على سير الاتفاقات التي تجري في سورية والتي تصفها روسيا بأنها تفاهمات وليس اتفاقات لوقف إطلاق النار، و نتنياهو يريد حصته في سورية لعدم تدخله المباشر ضرب حزب الله وإيران والأحزاب المتطرفة بحجة محاربة الإرهاب".
تخوف حقيقي أم تصريحات للاستهلاك الداخلي
يرى المحلل العسكري (راني جابر) أن ضابط الإيقاع الأمريكي في المنطقة هو الذي يحدد الأدوار ككل، ويرسم الخطوط العامة لأي تصرفات لأي قوة في المنطقة.
ويضيف "من هنا لا يمكن بمكان حدوث أي صدام حقيقي أو مواجهة بين إيران وإسرائيل بدون إذن مباشر من الأمريكان، وبدون ضوء أخضر وبخاصة إذا كان التغيير الناشئ عن هذا الصدام على المستوى الاستراتيجي، بما يتعارض مع الخطط الأمريكية في المنطقة، والتي تعتمد كثيراً على القوة البرية الإيرانية".
ويتابع (جابر) القول لبلدي نيوز أنه عمليًا منذ الثورة الخمينية لم يحدث أي صدام حقيقي بين إيران وإسرائيل، بسبب قدرة إسرائيل حتى اللحظة على حسم أي صراع لمصلحتها عسكريا، وذلك بسبب قدرتها على ضرب وتفكيك البنية الأساسية للنظام الإيراني ومراكز قوته وقطع سلسلة القيادة التي تعتبر محورية في السيطرة عليه وبالتالي منعه من أي ردات فعل، وكذلك قدرتها على الضغط على أمريكا للضغط بدورها على إيران، التي تكشف الأيام تدريجيا أنها أحد المكونات "الخشنة" في الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة.
ويشدد (جابر) على القول أن ما يحصل في سوريا سيكون نتيجة تفاهمات وليس نتيجة عمل عسكري أو حتى ضغط تقوم به إسرائيل، ويختم بالقول "القوى في المنطقة ليس من مصلحتها خلال الفترة الحالية أي صدام، ويوجد تنسيق عالي المستوى بين الجميع، ما يؤكد فكرة أن التصريحات الإسرائيلية حول إيران في سوريا ليست ذات قيمة حقيقية، بل هي مجرد تصريحات للاستهلاك الداخلي".