بلدي نيوز – (ميرفت محمد)
لم يكن تقدم نظام الأسد وميليشيات إيران، وقضمهم لمناطق حدودية مع الأردن مفاجئا، إذ دفع انسحاب جيش العشائر، ومن ثم قطع طرق الإمدادات للمقاتلين من الجيش الحر الموجودين في منطقة الشعاب، النظام لاتخاذ خطواته لتقدم والسيطرة على 50 كيلومترا من الشريط الحدودي مع الأردن.
لقد تسبب انسحاب "جيش العشائر" من مناطق "تل أسدي، وتل جارين، وتل الرياحين، وبئر الصابوني"، بمساحة تقدر بنحو 100 كم باتجاه الأراضي الأردنية بسقوط ريف السويداء الشرقي بيد النظام بسهولة، وهو ما طرح تساؤلات عدة حول من يقف وراء قرار الانسحاب، وما خطورة هذه التطورات في توجه النظام نحو دير الزور في المرحلة القادمة.
رغبة أردنية
يرى السياسي السوري ورئيس هيئة الإنقاذ السورية (أسامة الملوحي) أن انسحاب جيش العشائر له تفسير واحد فقط، وهو أن هناك تنسيق ما بين الأردن والنظام السوري، وهو الأمر ليس بخفي، إذ أن التنسيق بين الطرفين في بعض الأحيان بشكل مباشر أو يمر عبر الروس، حسب قوله.
ويقول (الملوحي) "وصول النظام السوري للحدود الأردنية هي رغبة أردنية للأسف، بدليل قضية المعبر الرئيس في درعا، فالأردن صرح أنه لن يفتح هذا المعبر بشكل رسمي وفعال إلا إذا عاد للسلطة السورية، سلطة بشار الأسد"، ويتابع القول "الأردن أوعزت ليس فقط لجيش العشائر وإنما لفصائل أخرى بأن تنسحب وتسهل سيطرة النظام على المناطق الحدودية بين سورية والأردن".
فيما يتعلق بحرص النظام على السيطرة على دير الزور، فقد توقع (الملوحي) قبل نحو العام أن يتقدم النظام تجاه منطقة السخنة في البادية السورية التي تتفرع فيها الطرق تجاه الرقة وتجاه دير الزور، وقد وصل بالفعل النظام لمنطقة السخنة وسيطر على أغلب مناطقها، إذ تعد منطقة السخنة في البادية منطقة إستراتيجية.
ويحدد (الملوحي) الوصول إلى البادية مع منطقة الجزيرة (شمال شرق الفرات) كهدف للنظام السوري، ويشبها بـ"سورية المفيدة"، لأن فيها المياه (نهر الفرات)، وفيها النفط في شمال شرق سورية، ويواصل الحديث لبلدي نيوز بالقول "البادية مع الجزيرة هي سورية المفيدة، لذلك نجد أن الولايات المتحدة عن طريق الأحزاب الكردية سيطروا بصمت على مناطق شاسعة، سيطروا على معظم السدود على نهر الفرات، وهم يستمرون في السيطرة على مناطق كثيرة في الرقة وحولها".
ويؤكد (الملوحي) على أن الأمريكان سيسمحون للنظام السوري بالوصول لدير الزور لكون أعداد الميلشيات الكردية لا تكفي للسيطرة على هذه المنطقة الشاسعة، وواشنطن تسعى لأن يكون لديها تشكيل من قبل فصائل موالية لها، وربما وصلت إلى مراحل متقدمة في تحقيق ذلك، لذلك ستسمح للنظام بالتقدم، خاصة أن النظام يحرص وفرغ الكثير من الجبهات عبر الخدع من أجل أن يتجه نحو دير الزور، حسب الملوحي.
تأمين حدود سورية المفيدة
يؤكد الكاتب الصحفي (يمان دابقي) على أن الأردن يهمه في المقام الأول حماية أمنه القومي والتخلص من ورقة اللاجئين، ومنع وصول وتمركز التنظيمات الإرهابية على الحدود مع سورية، وقد نال هذا حيز من أهدافه بعد التفاهم مع روسيا وإسرائيل.
ويوضح (دابقي) أن الأردن لحد ما يأمن من تقدم النظام السوري، بسبب وجود تفاهمات وخطوط حمر يتم الوقوف عندها من جانب النظام، فالأردن تجاوز المرحلة الأخطر بالنسبة له وأنتج اتفاق الجنوب الذي يضمن له حماية أمنه القومي وكل ماعدا ذلك لن يشكل خطراً على أمن المملكة بعد اليوم، ويتابع القول "النقطة المشتركة بين النظام والأردن هي التخلص من التنظيمات الإرهابية، والوصول إلى تفاهم مشترك حول آلية تفعيل معبري نصيب الحدودي بإدارة مدنية، وكل ماعدا ذلك يبقى في نطاق تأثيرات مخفضة".
ويشير (دابقي) إلى أن هذه المناطق لم تكن مهمة بالنسبة للنظام السوري عندما كانت تحت قبضة (تنظيم الدولة) قبل عامين، موضحًا "بعد طرد التنظيم من قبل فصائل الجنوب وأخرى من أسود الشرقية وفصائل عشائر الجنوب، أصبحنا نرى تحركات النظام والدخول في سباق زمني للوصول إلى الحدود الأردنية مع سورية، للتحكم بالمعابر الحدودية ووضع قبضة النظام على التحكم بالاقتصاد"، ويضيف (دابقي) خلال حديثه لبلدي نيوز أنه بذلك تصبح المعادلة العسكرية للنظام هي بسط السيطرة على جميع قرى ريف السويداء الشمالي الشرقي، ليصبح الطريق أمامه سالك في اتجاه عمق البادية السورية والحـدود الأردنية، لتأمين حدود سورية المفيدة جغرافياً وللتحكم بالاقتصاد عن طريق المعابر، واستعادة منابع النفط وتخليصها من قبضة الفصائل.
النظام في منطقة مأزق
يؤكد القيادي في تيار الغد السوري (عبد الجليل السعيد) أن النظام السوري يحاول اقتناص فرصة ذهبية في الوقت بدل الضائع، إذ أن واشنطن قننت الدعم في الغرفة العسكرية المشتركة في الأردن مؤخرًا، الأمر الذي أدى بالضرورة إلى اتخاذ قرار مفاجئ من تلك الفصائل بترك النقاط.
ويستدرك (السعيد) لبلدي نيوز "لكن المسألة برمتها ليست مرتبطة بتوسيع جيش الأسد لمناطق سيطرته، بسبب وجود ميلشيات متنوعة ومختلفة في مصالحها حركها الأسد إلى تلك المعركة، وفي الوقت نفسه يؤجل الجانب الروسي البت في قضايا الحدود، و من هنا سيكون النظام في منطقة مأزق وليس في مناطق نفوذ" .
ويشدد (السعيد) على أن موقف الأردن شبه واضح من الوضع السوري، فهو متعاون مع الأمريكان والروس، لكنه غير معني بالتصعيد على حدوده مع أي فصيل فضلاً عن ميلشيات الأسد، مضيفًا "الأردن يراقب بعينٍ الموقف الأمريكي من ذلك، وبالعين الأخرى يتفاهم مع موسكو حول تلك التطورات، وبالمحصلة لن يتخذ إجراءات مشددة لا من الناحية السياسية أو العسكرية".