خارطة الدم.. مسارات "الحرب السورية" وأطراف الصراع - It's Over 9000!

خارطة الدم.. مسارات "الحرب السورية" وأطراف الصراع

بلدي نيوز – (تركي مصطفى)
تتغير جغرافية الحرب الدائرة في سورية بين أطراف الصراع على وقع وتيرة التطورات المتتابعة عسكريا وسياسيا, تتخللها تحولات متلاحقة, تتبدل فيها مساحات الاحتلال والتحرير بين مد وجزر متلاطم في المكان والاتجاه, لتلتهم نار الحرب قادة ومقاولين ومرتزقة بعدتهم وعتادهم, فتولد أفكار ومخططات, وتموت مشاريع, تتمايز فيها مطامع القوى الدولية التائهة بين آستانة القيصر المتهالك, وجنيف الإمبراطور الغامض الهدف والمصير, وبين هذا وذاك, يبقى حلم السوريين وطناً على مستوى تضحيات عشرات آلاف الشهداء, والمعتقلين, والثكالى والمشردين.
توطئة
تقدم هذه الورقة وصفًا موجزًا لمسرح العمليات العسكرية بين أطراف الصراع "فصائل المعارضة المسلحة, والميليشيات الشيعية الإيرانية, وتلك التابعة للأسد التي يساندها الروس, وميليشيا (قسد) المدعومة أميركيا, بالإضافة إلى تنظيم الدولة المتقهقر", ونمهد لهذه الورقة  باستعراض صورة الخارطة الميدانية بخطوط الاشتباك الحالية, وما يتصل بها من نتائج للمعارك وأهدافها المرحلية، وما يرافق ذلك من تآكل للقادة الميدانيين أمراء وقادة ميليشيات, وجنرالات إيرانيين ومرتزقة روس, إضافة للعتاد المستهلك والمدمر, وتناقش الورقة مستجدات التطورات القائمة في أبعادها العسكرية, يتجسد ذلك في إعادة حسابات قدراتها عدة وعتادا واستراتيجية, تزامنا مع التطورات السياسية ومعطياتها وانعكاسها وآفاقها على الساحة السورية. وتتوقف الورقة عند أبرز التطورات وأكثرها تأثيرا في الميدان العسكري, بمحركاتها الدافعة لكل الأطراف المتصارعة وفق المتغيرات الإقليمية والدولية.
مقدمة
يحتدم الصراع عسكريا  بين الأطراف المتحاربة في عملية "الأر ض لنا " التي ينفذها الجيش السوري الحر في البادية السورية, وعملية "غضب الفرات" التي تشنها ميليشيا "قسد" ضد تنظيم "الدولة" في الرقة منذ بداية الشهر المنصرم, بينما تلتزم  فصائل المعارضة وقوات الأسد في الشمال السوري وبعض المناطق الأخرى باتفاقية "تخفيف التصعيد" التي أبرمت في الآستانة, في الوقت الذي يخترق رعاة الاتفاقية إثر العدوان الذي تشنه الميليشيات الإيرانية في منطقة حوران ليحتدم الصراع في محافظة القنيطرة وسط تراجع ملحوظ للميليشيات الإيرانية, لتتسع رقعة الأراضي المحررة بعد التقدم الذي أحرزه الجيش السوري الحر في محيط مدينة "البعث", لتزج إيران بآلاف المقاتلين من ميليشياتها المأجورة في الصحراء السورية بغية فتح ممر الهلال الشيعي الواصل بين طهران والبحر المتوسط مرورا ببغداد, فاصطدمت بفصائل الجيش السوري الحر المدعوم من البنتاغون عند الحدود السورية- العراقية, وإعادة تنظيم "الدولة" استراتيجية المواجهة ليقف في وجه الميليشيات الإيرانية المهاجمة عند أطراف حقل "آرك" والمحطة الثانية شرقي تدمر 30 كم, فيما توقفت عجلة ميليشيا "قسد" عن التقدم على حواف مدينة الرقة "عاصمة الخلافة", ولم تتوقف طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وتلك التابعة للروس عن استهداف المدن والبلدات السورية في وادي الفرات من الرقة وحتى البوكمال, ليرتقي مئات الشهداء الأبرياء من المدنيين العالقين بين الإرهاب, والإرهاب, ووفقا لهذا المشهد المتغير نناقش أبرز هذه التطورات من خلال المحاور الآتية:
أولا: فصائل المعارضة المسلحة
تشمل الجيش السوري الحر, والفصائل الإسلامية, وتشغل حيزا جغرافيا على امتداد كامل محافظة إدلب وأجزاء من أرياف حلب, وحماة, وحمص, ودرعا, والقنيطرة, والبادية السورية.
انحسار فصائل الثورة جغرافيا:
منذ سقوط مدينة حلب المحررة بيد قوات الأسد وميليشيات إيران الشيعية, تزامنا مع قصف جوي روسي لم يتوقف, تتالت الصدمات إثر توسيع دائرة قضم المناطق المحررة في ريف دمشق ومحيطها  وفي حي الوعر الحمصي وتهجير ثوارها وسكانها عبر اتفاقات محلية برعاية روسية, وتعثر الأعمال العسكرية الكبرى في ريفي حماة الشمالي ودمشق, إثر تجاهل أمراء وقادة الفصائل ومعهم القادة السياسيون للمعارضة مواجهة الجمهور بشجاعة للوقوف على أسباب الانكسار الذي ولد الانحسار الجغرافي والحفر في الأسباب العميقة للكوارث المتراكمة على المستوى العسكري, وفي مقدمتها الأخطاء التكتيكية القاتلة التي أصر القادة العسكريون على تحقيقها, بينما كانت الميليشيات الشيعية تعتمد خططا استراتيجية مغايرة, كالحصار الكامل للبلدات والمدن الثائرة وتحويلها إلى جزر يتم تجفيفها من ثوارها وأهلها بالقوة المسلحة قتلا وتدميرا وتشريدا, أو الناعمة عبر تهجير سكانها, وكذلك سيطرتها على كامل طرق الإمداد الواصلة بين المدن والقرى الثائرة المتباعدة, كالسيطرة على طريق خناصر نقطة الوصل بين مدينة حلب ووسط سورية, أو طريق مطار دمشق الدولي لاستمرار وصول التعزيزات الإيرانية, أو التوغل في ريفي حلب الشمالي والجنوبي لتطويق المدينة بعد سيطرتها على طريق "الكاستلو", وكذلك استمرار عمل الطريق الواصل بين العاصمة دمشق ومدينة درعا.
هذه التطورات العسكرية جرت فصائل الثورة إلى الوقوع في أفخاخ وألغام الميليشيات الشيعية في التكتيك العسكري, لتدخل في اشتباك بينيّ أدى إلى انهيارات كبيرة في هياكلها العسكرية, وأعنف تلك المواجهات الصراع بين "فتح الشام", ومجاميع الجيش الحر بعد خسارة حلب, وما شهدته غوطة دمشق بين "جيش الإسلام وفيلق الرحمن", وأحلاف كل منهما.
التراجع السياسي
جاء مؤتمر آستانة كمحصلة لهزيمة حلب المدوية, وكانت مقدمته اتفاق أنقرة الذي نص على إجلاء سكان المنطقة المحررة من مدينة حلب لتبدأ الماكينة الروسية بالتعاون مع إدارة أوباما السابقة, بعملية وأد الثورة في مقبرة آستانة, غير أن التغييرات في الإدارة الأميركية, ووصول الجمهوري دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة وضع حدا للمخطط الروسي وأربك حسابات كل الأطراف, لتأتي الخطوة الاستباقية من موسكو في "تخفيف التصعيد" قطعا للطريق أمام عزم واشنطن على إقامة مناطق آمنة, لتحتدم المساومات الدولية في جنيف لاقتسام مناطق النفوذ بينما يتفرج عسكر وساسة الثورة على تقطيع أوصال وطن قدم مليون شهيد ومثلهم من المعتقلين وأضعافهم من المشردين, مما يدفع المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري إلى مراجعة نقدية لانكسارها, ورسم استراتيجية جديدة لمجابهة الميليشيات الشيعية عسكريا, والمخططات الدولية سياسيا.
 إعادة ضبط للموازين
في ضوء الصراع الدولي المحموم, وفي ظل التوافقات الروسية - الأميركية, والخلافات  المستجدة على تشكيل المنطقة عبر جنيف وآستانة, يتوجب على فصائل الثورة تغيير أدواتها واستحداث أخرى تتناسب والتطورات القائمة المتمثلة بمحاولة اجتثاث الثورة السورية, وإعادة تدوير نظام الأسد, وذلك بالبحث عن خطوة استكمال إعادة هيكلة حقيقية للفصائل في جسم عسكري باتجاه وحدوي, وفق صيغة عسكرية موحدة, تضم كبرى فصائل المعارضة المسلحة التي تشكل في حال اجتماعها ثلاث فرق عسكرية تملك عتادا مختلفا, ويتوجب قيام حوارات بين قادتها تنطوي على  تشكيل عسكري جديد, والاتعاظ من تجربة التشرذم والتشظي التي أضرت بالثورة أولا وبالفصائل ثانيا, وينبغي أن يتجاوز التشكيل الموحد تجارب فاشلة على هذا المستوى, إنما يعني الانصهار الكامل بعدده وعدته وذراعه العسكري ومؤسساته الناظمة, وإداراته المتخصصة. بعيدا عن المرجعية العقائدية المؤدلجة والفكرية للفصائل, وإشراك جمهور الثورة في القرارات من خلال المجالس المحلية المنتخبة شعبيا, واعتماد نظام داخلي يحصر مهام الكيان العسكري في حماية الجبهات والابتعاد عن الأعمال المدنية, وإنتاج جيش وطني, يعتبر القاعدة الشرعية التي تضع نهاية حتمية لنظام الأسد, اعتمادا على صيغة وطنية للحفاظ على الجمهورية العربية السورية, بجيش وطني حر, وعلم الاستقلال .
إن نجح قادة وأمراء الفصائل في تذليل العقبات السالفة والتوافق على المبادئ الوطنية الجامعة, فالكيان العسكري الذي تقوده هيئات مدنية وتخدمه وتحميه قوى عسكرية شعبية موحدة هو البديل السياسي لنظام الأسد القائم, وإن بقينا متخندقين ومختنقين بالفصائلية, فإننا نقف شهودا على نهش أحشاء وطننا بعد تقطيع أوصاله بين الأطراف الدولية والإقليمية, وهذا ما يحاك الآن في جنيف وآستانة.
إيران والأسد والمرتزقة
تجلى البعد العسكري الإيراني في سورية بمظاهر استقطاب متعددة لبنادق الميليشيات الطائفية المأجورة التي استقدمتها من لبنان والعراق وأفغانستان وغيرها مما أدى إلى تعاظم النفوذ الإيراني في سورية وسيطرتها على قرار نظام الأسد من خلال انتشار تلك الميليشيات في غالبية المناطق السورية وقتالها ضد الشعب السوري تحت شعارات مذهبية, وارتكابها مجازر وحشية فاقت المجازر الصهيونية والنازية في قتل الأغيار, فاستولت على منطقة القصير بريف حمص الغربي وعلى غالبية الشريط الحدودي اللبناني السوري وعلى محيط العاصمة دمشق, وشاركت كذلك في معارك حلب وريفها, وحاولت شراء ذمم ميليشيات الشبيحة, لإضعاف جيش الأسد, ولتكون يدها العسكرية الباطشة هي العليا في سورية, ودفعت مقابل ذلك الآلاف من القتلى ومثلهم من الجرحى عدا عن أموالها المجمدة التي حصلت عليها نتيجة الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة, وضختها في سورية لتمويل مرتزقتها والأسد في الحرب ضد الشعب السوري الثائر.
تآكل جنرالات "الحرس الثوري" وقادة الميليشيات
إن التدخل العسكري الإيراني لدعم نظام الأسد كان باهظ التكلفة بشريا واقتصاديا وسياسيا, إذ لقي عشرات الجنرالات مصرعهم في سورية, إضافة إلى آلاف من جنودها ومرتزقتها العراقيين واللبنانيين والأفغان، وأبرز هؤلاء الجنرالات, الجنرال حسن الشاطري, وهو الاسم الحركي لحسام خوش نويس، القيادي البارز في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، ورئيس الهيئة الإيرانية لإعادة إعمار لبنان، والموجود على لائحة الشخصيات الإيرانية التي تفرض واشنطن عقوبات عليها بسبب ارتباطها بمنظمات إرهابية، في إشارة إلى "حزب الله" اللبناني, لقي مصرعه بالقرب من مدينة الزبداني, والجنرال عبد الله اسكندري, أهم ضباط الحرس الثوري الإيراني، قتل على يد الثوار في مدينة مورك بريف حماة الشمالي, والجنرال جبار دريساوي, الذي لقي حتفه في معارك حندرات شمال حلب, وهو أحد ضباط قوات الباسيج التابعة للحرس الثوري. والجنرال محمد علي دادي, قتل في ريف القنيطرة بغارة إسرائيلية استهدفت موكبه، إلى جانب ضباط وقياديين إيرانيين ومن "حزب الله".
الجنرال دادي يعتبر من أكبر الرتب العسكرية التي قتلت في سوريا، وهو برتبة لواء، وشغل منصب قائد فيلق "الغدير" التابع للحرس الثوري. والجنرال عباس عبد إلهي, شغل هذا الضابط منصب قيادة العمليات الإيرانية جنوب سوريا، في المواجهات التي جرت في منطقة "مثلث الموت"، وهي المنطقة التي تصل أرياف دمشق ودرعا والقنيطرة, والجنرال محمد صاحب كرم أردكاني قتل على يد الجيش الحر في محافظة درعا، بحسب ما نقلت وكالة "أهل البيت" الرسمية الإيرانية آنذاك، مؤكدة أنه قيادي بارز في الحرس الثوري الإيراني, والجنرال كريم غوابش الذي قتل خلال معارك مدينة الزبداني, وقال موقع "سايبر أمان" الإيراني، إن غوابش كان من المشاركين في حرب الخليج الأولى بين إيران والعراق، وشغل منصب مستشار لحرس "الثورة الإسلامية" في سوريا, والجنرال حسين همداني أشهر جنرال إيراني قتل في سوريا، وأكثرهم تأثيرًا في الحرب السورية على اعتباره المؤسس الفعلي لميليشيات "حزب الله" السوري، "الشبيحة", وأحد القادة الأوائل في قوات الحرس الثوري الإيراني ومن مؤسسيها, لقي مصرعه على يد فصائل الثورة في ريف حماة الشمالي, والجنرال فرشاد حسوني زاده, قتل في معارك غوطة دمشق وشغل زاده سابقًا منصب قائد لواء "صابرين" التابع للحرس الثوري الإيراني، والجنرال مسلم خيزاب, قتل في معارك سهل الغاب في ريف حماة.
عمل خيزاب قائدًا لكتيبة "يا زهراء" التابعة لفيلق الإمام الحسين في الحرس الثوري الإيراني، وبلغ عدد قتلى الحرس الثوري نحو 1200 ضابط وعنصر، منهم تابعون لميليشيات أفغانية وباكستانية تعمل تحت راية "الحرس الثوري".
كما لقي العديد من قادة ميليشيا "حزب الله" اللبناني الشيعي مصرعهم, ولم يكن مقتل القيادي مصطفى بدر الدين مجرد حادثة استهدفت حياته, بل مثل خسارة فادحة لحزب الله إذ يعتبر العقل المدبر في الحزب, اغتيل بالقرب من دمشق, ويذهب محللون أن الإيرانيين وراء عملية اغتياله, وتتالى سقوط قادة "حزب الله" من الصف الأول والثاني, مثل سمير قنطار وجهاد مغنية حتى تجاوز عدد القتلى ما يقارب 3500 قتيل, اعترف الحزب بنصفهم.
لاشك أن ما يدفع إيران في استمرار عدوانها المتصاعد نتيجة الكلفة البشرية الهائلة التي دفعتها في الحرب ضد الشعب السوري, لذلك فهي تقف ضد أي حل ينهي الصراع في سورية, ويبحث في قضية الأسد من حيث استمراره في السلطة أو مستقبل الميليشيات الإيرانية, غير أن تحولات السياسة الأميركية ستجبرها على الالتزام بنتائج التفاهمات الدولية.

 "قسد" وتوابعها (استراتيجية التناقضات)
تشكيل قتالي قيادته كردية, تضم تحالفا من المقاتلين الأكراد وأقلية من العرب وتحظى بدعم الولايات المتحدة، سيطرت على منبج غربي نهر الفرات وتعمل على وصل منطقتي عفرين وعين العرب كوباني عبر مناطق جرابلس ومنبج والباب قبل أن تجهض عملية "درع الفرات"  مشروعها الانفصالي, وسبق للقوات الكردية أن قاتلت إلى جانب قوات نظام الأسد ضد الجيش السوري الحر, تدخل معركة الرقة بأهداف متباينة, وأهمها: 
- ميليشيا  pyd الكردية المستولدة من تنظيم  pkk المصنف على لوائح الإرهاب, ارتكب مجازر كثيرة ذات بعد عرقي, واحتل مناطق سورية واسعة بدعم الولايات المتحدة عسكريا وسياسيا. ويعتبر العمود الفقري لقوات "قسد".
- قوات النخبة: فصيل عسكري مسلح يعود معظم منتسبيه لقبيلة شمر, يتلقى دعما وتدريبا من الولايات المتحدة, يقوده أحمد الجربا الذي شغل منصب رئيس ائتلاف قوى الثورة في العام 2014م.
- ميليشيا صقور الرقة: تشكيل عسكري أسسه نظام الأسد بالاشتراك مع الميليشيات الكردية الانفصالية من بعثيين وموالين للنظام إثر سيطرة "قسد" على تل أبيض في حزيران/يونيو 2015، لسحب البساط من تحت الجيش الحر مُمثلاً بلواء ثوار الرقة.
بالإضافة إلى فصائل مختلفة تنضوي تحت لواء وحدات حماية الأكراد مثل (جيش الثوار- جبهة الأكراد- لواء الشمال الديمقراطي- قوات العشائر- لواء مغاوير حمص-  لواء التحرير- لواء السلاجقة- قوات الصناديد- المجلس العسكري السرياني- مجلس منبج العسكري- مجلس ديرالزور العسكري).
 استراتيجية التناقضات
أظهرت الخارطة الميدانية حاجة انفصاليي الأكراد لنظام الأسد انطلاقا من الحصار الذي يعانيه كانتون الجزيرة السورية بحيث تصعب مهمة التواصل مع كانتون عفرين, إذ يسيطر غربا "درع الفرات", وللتواصل بين الكانتونات الانفصالية لابد من المرور عبر منافذ نظام الأسد الذي يحتاج هو الآخر للنفط والغاز الذي يسيطر عليه كرد الحسكة, ويحتاج أيضا لحبوب الحسكة, وخط اتصال مع العراق فإيران, لذلك فطريق الإمداد الممتد من الحسكة إلى حلب يعد بمثابة شريان لكانتونات الأكراد, وكلاهما يتشارك الخصومة مع تركيا التي تعتبر وحدات الكرد الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني الذي تدرجه أنقرة على لائحة الإرهاب.
من مواقع القوة التي تتحكم بها قوات نظام الأسد بعد تمددهم شرقا باتجاه منبج والتوغل باتجاه الرقة سيطروا على طريق الجزيرة - حلب عبر مدينة منبج الواقعة تحت نفوذ الوحدات الانفصالية الكردية مما أعطاهم ميزة استراتيجية للتحكم والإمساك بخناق الميليشيات الكردية وتوابعها، من هنا تبرز ملامح المواجهة بحسب الثقل الجغرافي والتحكم بطرق الإمداد. فالولايات المتحدة تعترف فقط بالوحدات الانفصالية الكردية في قدرتها على محاربة تنظيم الدولة مما أعطاها ذريعة القيام بعمليات تطهير عرقي على نطاق واسع, وصادرت الحريات العامة دون تمييز بين الأعراق بما فيهم الأكراد الرافضين لتوجهات تلك الوحدات, لتنحصر مهامها في تحقيق المصالح الأميركية على شكل مجموعات مرتزقة لا تملك رؤية واقعية ولو حتى على مستوى أحلام الأكراد القوميين.
دوائر المعارك (استهداف المدنيين)
كانت ولا تزال المعارك دائرة بمحافظة درعا, والبادية السورية ومدينة الرقة وريف دير الزور ومركز المحافظة, وهي أكثر المناطق احتداما وتعرضا لهجمات الطيران الروسي وذاك التابع للتحالف الدولي والصواريخ بعيدة المدى سواء التي أطلقها الروس من البوارج الحربية الراسية في البحر المتوسط, أو تلك التي أطلقتها إيران, بهدف قتل أكبر عدد من المدنيين لأسباب طائفية وعدوانية تحت مدعى محاربة الإرهاب, وأحدثت تلك الضربات نتائج كارثية خاصة في مدينة الرقة التي تتعرض لتدمير ممنهج راح ضحيته مئات الشهداء والجرحى من المدنيين الأبرياء .
فيما يستقتل نظام الأسد في معركة درعا التي أرهقت قواته وكبدته خسائر بشرية فادحة, وانتقاما لذلك شن طيرانه ولا يزال عشرات الغارات يوميا مستهدفا مركز المدينة وبلداتها بشكل عشوائي, علاوة على الصواريخ العشوائية التي تطلقها قواته البرية, ما أدى إلى دمار هائل في الممتلكات وخسائر بشرية بالعشرات, أدت إلى إفراغ البلدات المستهدفة من سكانها.
وفق ذلك يمكن تصور الآفاق المحتملة لتطورات المسرح الميداني لمسار الحرب الدائرة بحسب ما تقتضيه المصالح الدولية المحمومة بين الولايات المتحدة وروسيا, فإما استمرار المعارك التي قد تأخذ بعدا دوليا تظهر ملامحه من خلال التوجه الأميركي لكبح التوسع الإيراني في المنطقة وهذا يتوقف على الدور الروسي الداعم للجانب الإيراني, أو التوصل إلى حلول سلمية تنهي الصراع بعد تفاهمات دولية لاقتسام الفريسة السورية.

مقالات ذات صلة

حسين سلامي"لم يعد لإيران أي وجود عسكري حالياً في سوريا"

إيران تعلن تواصلها مع قادة "العمليات العسكرية" في سوريا

سيناتور أمريكي لفصائل المعارضة "فليكن الله معهم، ولسوريا الحرية"

نظام الأسد يدين دعم الولايات المتحدة الأمريكية لأوكرانيا بالصواريخ البالستية

"المجلة" تنشر وثيقة أوربية لدعم التعافي المبكر في سوريا

صحيفة أمريكية توثق آلية تهريب نظام الأسد للممنوعات إلى الأردن

//