العلاقات الأمريكية-الروسية غير متوقعة.. وسوريا على المحك - It's Over 9000!

العلاقات الأمريكية-الروسية غير متوقعة.. وسوريا على المحك

هافنغتون بوست – (ترجمة بلدي نيوز)
بعد أشهر من التكهنات حول التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يبدو أننا وصلنا إلى نقطة اللاعودة ، ففي خطوة قوية قام الرئيس الأمريكي باراك أوباما بفرض عقوبات جديدة على موسكو، طرد 35 مسؤولاً روسياً من الولايات المتحدة واتهم اثنين من وكالات الاستخبارات الروسية بتهمة التجسس والتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وأصدر مكتب التحقيقات الفيدرالي تقريراً مفصلاً عن الحادث، مشيراً بإصبع الاتهام الى الكرملين.
من جهته أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن موسكو لن تنتقم بطريقة مماثلة بسبب العقوبات أو طرد الدبلوماسيين، وسوف تنتظر لترى بدلاً من ذلك ما ستفعله الإدارة الأمريكية الجديدة.
ومع كل الأنظار الآن على بوتين، ترامب وأوباما، إلا أنه في السياسة الخارجية هناك قضية أساسية في العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا- بغض النظر عمن هو المسؤول: وهي سوريا، والطريقة التي يتم بها التعامل بها مع هذا الصراع سيحدد داخل روسيا ما إذا كانت الشعبية المحلية لبوتين سوف تستمر خلال الانتخابات الرئاسية الروسية القادمة.
وكما ارتفع التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا هذا الأسبوع، دخل وقف هش لإطلاق النار حيز التنفيذ في سوريا - بدعم من روسيا وتركيا، بعد أسبوع من تهجير المدنيين والثوار من حلب الشرقية، إثر العديد من المحاولات الفاشلة والمتعثرة في إجلاء أولئك الذين ظلوا في المدينة المحاصرة، وكان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قادراً على تمرير قرار بالإجماع لتمكين الموظفين التابعين للأمم المتحدة بالمراقبة والمساعدة في عملية النقل.
وفي الوقت نفسه، التقت كل من روسيا وإيران وتركيا في موسكو للتوسط في محادثات السلام بين الثوار السوريين ونظام الأسد، وغابت واشنطن!
إذاً في الشهر الماضي وحده، شهدنا سقوط حلب والأزمة الإنسانية هناك والتي أدت إلى زيادة التوتر في جميع أنحاء العالم، ومن ثم اغتيل السفير الروسي إلى تركيا من قبل رجل انتقد دور روسيا في حلب والوضع في سوريا.
وخارج أعمال العنف، هناك الكثير من التطورات المثيرة للانقسام: فقد اجتمع قادة الدول حول الأزمة السورية دون الولايات المتحدة - وهذه خطوة مثيرة للاهتمام نظراً لدور الولايات المتحدة السابق في سوريا والدول المجاورة.
وبغض النظر عن الاهانة وسواء كانت متعمدة أو لها تأثير، فما زالت الولايات المتحدة لاعباً أساسياً في هذه اللعبة السياسية وبحالة عدم اليقين في سوريا.
وأحد العوامل المهمة -والتي أشار إليها بوتين بالفعل رداً على عقوبات أوباما- هو أن أمريكا سوف يكون لها رئيس جديد قريباً، والذي يختلف كثيراً عن اوباما: دونالد ترامب والذي وصف كمؤيد لروسيا.
الولايات المتحدة التي كانت تعارض التدخل الروسي وسياسته في الصراع السوري، هل سيحول سياستها رئيس الولايات المتحدة الجديد ويغير "ديناميكيات الصراع"؟ الجواب من وجهة نظر روسية مليء بالتناقضات، وكلاهما المواجهة أو التعاون ممكنة بين البلدين.
فمنذ سعيه للرئاسة، كانت هناك تكهنات متكررة للتعاون بين بوتين وترامب، بالإضافة إلى تعاملات ترامب وصفقاته التجارية مع روسيا، وفي الواقع، ادعى ترامب أن الوقت قد حان للولايات المتحدة لتركز على مشاكلها الداخلية والتوقف عن أن يكون لها دور كبير في الصراعات المختلفة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك سوريا.
ومع أنه أعلن عن عدم رغبته بتدخل أمريكا في الصراعات الدولية، صرح الرئيس المنتخب أيضاً عبر تويتر، أن من ضمن سياسته الخارجية العمل على سباق التسلح النووي، ووضع خطة هي مماثلة إلى حد مخيف لتكتيكات الحرب الباردة.
وقد دفعت هذه التصريحات لاستخدام الأسلحة النووية إلى انتقادات شديدة من الخبراء النوويين والخوف مما قد يفعله الرئيس الجديد، ولكن إشادة ترامب هذا الأسبوع بقرار بوتين بعدم الرد على عقوبات الرئيس أوباما الجديدة، خلط الأمور مجدداً من موقفه الحقيقي من روسيا!
وبصرف النظر عن إعجاب ترامب ببوتين، يعتقد البعض داخل المجتمع السياسي الروسي بأن ترامب يستعد لوضع المزيد من الثقة في النظام السياسي الروسي -وإذا كان هذا صحيحاً- سوف يساعد ذلك بوتين، ومن المرجح أن يعزز العلاقات الروسية-الأمريكية.
يقول لفلاديمير سوتنيكوف، مدير مركز أبحاث روسيا الاستراتيجية، "عندما يصبح ترامب رسمياً رئيسا للولايات المتحدة، فإنه سوف يقدم الدور الرئيسي في سوريا إلى روسيا وغيرها من الشركاء المحتملين في المنطقة، مثل تركيا وإيران، وسيترك الولايات المتحدة للتركيز على المعركة مع تنظيم الدولة الإسلامية ".

هذا التغيير والفوضى في سوريا والتي سيرثها الرئيس الأميركي الجديد، بالإضافة إلى مزاعم ترامب بأن تركيزه سيكون على التهديد الأكبر وهو إرهاب تنظيم الدولة ، وروسيا التي تركز اهتمامها على الإرهاب الدولي، وخاصة في ضوء اغتيال سفيرها مؤخراً- من المرجح أن هذه المسارات ستجعل البلدين يتعاونان معاً بشكل جيد في العام الجديد.
يقول سوتنيكوف في الواقع، هناك بالفعل أسباب للاعتقاد أن العلاقات بين البلدين يمكن ان تتحسن، فمقتل السفير الروسي في تركيا قد يكون أحد الأسباب للتقارب الروسي– الأمريكي في محاربة الإرهابيين."
وقد ردد هذا السيناريو بوتين خلال مؤتمر عقد مؤخراً في روسيا والذي أعلن عن توقعاته بتطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا بمساعدة ترامب، مدعياً أنه على أقل تقدير، العلاقات لا يمكن أن تزداد سوءاً مما هي عليه الآن.
ولكن حتى ان كان هدف ترامب نفسه تعزيز العلاقات والتعاون مع روسيا، فقد لا يكون ذلك كافياً، لأنه لا تزال هناك حاجة إلى العمل بالتعاون مع هيئات أخرى في الحكومة الأمريكية، قد يكون لديهم أجندات أخرى.
يقول سيرغي ديمدنكو، وهو خبير في دراسات الشرق : " يجب أن لا ننسى مصالح المملكة العربية السعودية، الشريك المالي مع الولايات المتحدة"، التي هي على استعداد لدعم الثوار ضد نظام الأسد في سوريا، و قد تشجع الولايات المتحدة لأن توفر لهم المزيد من المساعدة. "
ووفقاً لديمدنكو ، حتى لو كنا نرى وجود نية للتعاون مع روسيا من جانب الولايات المتحدة باسم ترامب، فإنها لن تستمر طويلاً، فالرئيس الجديد لن يكون قادراً على تجاهل الكونغرس وتوصياته".
إذاً هل سيحدث ترامب فرقاً في الكرملين؟ مفتاح هذه العلاقة السياسية قد يأتي من دور السكرتير الجديد للدولة، ريكس تيلرسون، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل، والذي تربطه علاقات خاصة وثيقة داخل روسيا، والذي قد يصبح أحد عوامل المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا، كما أن لتيلرسون علاقات تجارية مع رجل الأعمال الروسي ايغور سيتشين، واحد من أقوى الناس المحيطين ببوتين، ويملك مستوى من الثقة للسلطة التنفيذية داخل المجتمع الروسي، قد تكون كافية لتعزيز العلاقات السياسية كذلك.
ولكن القضية مع سوريا أكبر من أن تكون فقط مواجهات دبلوماسية مع دول خارجية، فليس العديد من الدول تستطيع الاستمرار بالتدخل العسكري، بما في ذلك روسيا- حيث تراوحت تقديرات التكلفة الإجمالية في سوريا ما بين 2.5 إلى 4 مليون دولار يومياً، ولكن العامل الأكبر هو أن الصراع يكلف الحكومة الروسية أكثر بكثير ، مع العديد من الروس الغير سعداء، لجهود دولتهم في الحرب في عام 2016 مقارنة بالعام السابق.
وبينما يمكن لروسيا أن تستمر في تحمل التكلفة العسكرية للحرب لتحقيق مكاسب سياسية، إلا أن البلاد لديها حافز أكبر بكثير للحد من الإنفاق، خصوصاً في أوقات الأزمات الاقتصادية وانخفاض مصلحة الشعب الروسي.
يقول سيرغي بروزوروف، وهو متخصص في تكنولوجيا المعلومات من موسكو "نحن نتابع أخبار سورية منذ أشهر، ولكنها لا تصبح أكثر وضوحاً، لماذا جنودنا ما زالوا يقاتلون هناك، ضد تنظيم الدولة ولماذا يستغرق ذلك كل تلك القوة والوقت الطويل؟ إذا نحن نساعد هناك نظام الأسد، ما هو سبب ذلك؟ وهل ساعد هو روسيا بأي وقت مضى؟ ".
ويقول ناديجدا غروشينا وهو مواطن روسي: "لا أحد من شأنه أن يشجع الرئيس الذي يرسل الشعب الروسي ليموتوا بعيداً عن المنزل من أجل لا شيء."
وفي الواقع، في وقت سابق من هذا الشهر، أعلن الناشط الروسي المناهض لبوتين "أليكسي نافالني" نيته المشاركة في انتخابات عام 2018، وهو المعروف بتحقيقاته في مخططات الفساد للحكومة الروسية، وبشكل أعم، بإنفاقها الموازنة العامة للدولة، وقد سبق ذكره للزيادة في المصاريف العسكرية في حين أن هناك الكثير من الاحتياجات المحلية !
طموحات نافالني الرئاسية وغيره من المعارضة السياسية في البلاد المتبقية، قد توحي للدول الأخرى أن روسيا ليست استبدادية بقدر ما كان يعتقد سابقاً، فبوتين حول ذلك في صالحه، حيث يعتقد بعض الناس أن الرئيس الروسي أبقى المعارضة السياسية لتعطيه المزيد من الشرعية وتكون بمثابة حجة قوية لصالح زيادة العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا مع روسيا.
وإذا ما أصبح الدور الروسي في النزاع السوري أقوى بعد المفاوضات، فسيحصل بوتين على الكثير من الرصيد السياسي محلياً ودولياً لبناء علاقات مع كل من ترامب وأوروبا.
وبغض النظر عن ما يحدث داخل كلا البلدين، وكيف تتغير ديناميكيات العلاقة الثنائية بين الولايات المتحدة وروسيا ، فإن سورية والفوضى فيها هي تحت رحمة هذا المستقبل !

مقالات ذات صلة

واشنطن"دبلوماسيون كبار من إدارة بايدن سيزورون دمشق"

قسد تقترح حلا لمدينة عين العرب شمال شرق حلب

أمريكا تجري مراجعة لتصنيف "تحرير الشام" بعد تجاوبها

ما ابرز النقاط التي جاءت باتصال وزيري الخارجية التركي والامريكي بشأن سوريا

امريكا وفرنسا يتقدمان بمبادرة لاستئناف الحوار الكردي الكردي في سوريا

التدخل الروسي في سوريا.. تسع سنوات من القصف والانتهاكات وتقويض العدالة

//