كيف يتجاوز الثوار آثار معركة حلب عسكرياً؟ - It's Over 9000!

كيف يتجاوز الثوار آثار معركة حلب عسكرياً؟

المحرر العسكري لبلدي نيوز – (راني جابر) 
سقطت حلب نتيجة للكثير من التراكمات التي تجمعت منذ الأيام الأولى للعمل العسكري ضد النظام، ومعرفة هذه المشاكل والتراكمات هو بداية الحل لتجاوز هذه المأساة.
يبدأ تجاوز نتائج معركة حلب من معرفة مسبباتها، وهي انعدام الاستراتيجية وغياب العمل المنظم، فضلا عن التشرذم والفصائلية، والاعتماد على الردفعلية والركون للدفاع، والدخول في معارك هامشية تبعد عن المعركة الأساسية، وتجاهل المبادئ العسكرية الأساسية في التخطيط للمعارك على المستويين الاستراتيجي والتكتيكي، وعدم وجود تخطيط طويل الأمد، ومحدودية الرقع الجغرافية التي تفتح فيها المعارك.
ومنها أيضاً السماح للنظام بالتفرد بالجبهات، والاعتماد على مصادر التسلح والتمويل الخارجية، وانخفاض فاعلية التصنيع العسكري ومحدوديته، وتجاهل العديد من التقنيات العسكرية المختلفة المتوفرة والكثير من التكتيكات العسكرية، التي كانت تؤدي نتائج مختلفة تماما في المعارك المختلفة.
ويضاف إليها، عدم استغلال المواقف الاستراتيجية واللحظات الحاسمة، وعدم الإجهاز على النظام في العديد من المواقع، وعدم حسم العديد من المعارك، إضافة لعدم حشد الجهود في اتجاه إيجاد حلول للمشاكل التقنية والعسكرية التي تصادف الثوار، وأهمها مشكلة الدفاع الجوي، وتسليم الكثير من المفاصل الحساسة لأشخاص غير مؤهلين، وعدم الاعتماد على أصحاب الاختصاص، ومستوى الخرق الأمني العالي للنظام.
كل ذلك تسبب في وصول النظام تدريجيا لحصار حلب عبر معركة طويلة امتدت قرابة عامين، انتهت بإحكام الطوق حول المدينة واقتحامها وما نشهده الآن من مذابح فيها.
الأمور الواجب اتباعه لتجاوز هزيمة حلب
تعتبر الأخطاء المذكورة سابقاً أخطاء قاتلة وكل منها كفيل لوحده بهزيمة جيوش كاملة، ولعل أكثر من معركة أو حرب كانت إحدى هذه الأسباب لوحدها كافية لهزيمة إحدى القوتين المتقاتلتين، لكن ما غطى على كل هذا لدى الثوار هو بسالتهم وشجاعتهم الكبير في القتال، وعقيدتهم الصلبة، والتي ساهمت في ثباتهم في أكثر المواقف.
استراتيجياً وتكتيكاً
- العمل الاستراتيجي الموحد، والذي قد لا يشترط وحدة الفصائل مع أنه الأفضل، ولكن مع توحيد التخطيط والقيادة والأهداف حسب الجغرافيا والأهداف، بهدف التنسيق بين الفصائل المختلفة وتوحيد جهودها للعمل على الاستفادة من جميع قواتها في المعارك.
- هدف الثورة والعمل المسلح واضح وهو إسقاط الأسد وداعميه، لكن يجب إيجاد استراتيجية واضحة لذلك تشمل مجموعة المراحل والخطوات والأساليب التي تعتمد لإسقاطه، بداية بالمعارك التي يجب أن تفتح ثم المناطق التي يجب السيطرة عليها، والتكتيكات التي يجب أن تستخدم على الأرض، بهدف دحر قواته وهزيمتها.
- الاعتماد على الاستراتيجية الهجومية، والتوقف عن القبول بالهدن والمصالحات وإيقاف المعارك في اللحظات الأخيرة، والعمل الهجومي دائما، وفتح المعارك بشكل دوري ومتزامن ضد قوات النظام، وإجبارها على القتال دائما على أكثر من جبهة.
- مهاجمة المواقع الاستراتيجية للنظام، وبخاصة مناطق البيئة الحاضنة له، والسيطرة عليها وإجباره على الدخول في معارك دفاعية بشكل دائم عن هذه المناطق، ومنع وضع الحياة "الآمن" في مناطقه.
- قطع طرق المواصلات الرئيسية للنظام، ومنعه من إمداد عناصره ومؤيديه بالأغذية والأعتدة، والسعي لحصارهم بشتى السبل، وبخاصة طريق خناصر أثريا، وطرقه عبر الجنوب باتجاه درعا، وطرقه في المنطقة الوسطى من حمص باتجاه الساحل.
- منع المطارات من العمل بقصفها بشكل متكرر وتدمير مدارج المطارات التي تعرف إحداثياتها بشكل دقيق وبخاصة في المنتصف وذلك بشكل دوري، وتدمير مجموعة طائرات الشحن التي يمتلكها.
- منع إمدادات النفط والغاز عن مناطق النظام، ومنع إمدادات الغذاء بكافة أنواعها، ومنع وصول القمح والمواد الأخرى التي تعتبر مواد استراتيجية.
- العمل على اكتشاف الثغرات الأمنية في الفصائل والأشخاص والجهات القائمة خلفها، والعمل على اختراق النظام وأجهزته وشراء عملاء داخلها.
- السيطرة على المدن الرئيسية حتى لو كانت ستتعرض للقصف، فهي نتيجة حتمية للأعمال العسكرية، ولكن وضع خطط شاملة للسيطرة عليها، تشمل ضمان تدمير كامل قوة النظام في المنطقة وليس فقط الدخول إليها بدون ضمان تدمير كامل قدرات النظام (مثل مدينة إدلب).
- السعي لتدمير منظومة القيادة والسيطرة لدى النظام، عبر تدمير خطوط الاتصال السلكية المختلفة، والتي ما يزال الكثير منها يمر ويعمل في مناطق الثوار وتحت أقدامهم، وبخاصة الكابلات الضوئية والمحورية.
- وضع خطة واستراتيجية محددة وواضحة للعودة لمدينة حلب، وتحريرها من جديد، بالاستفادة من جميع المقدرات.
عسكرياً وتقنياً
- الاعتماد على الأشخاص المؤهلين والموثوقين في قيادات الفصائل والوحدات العسكرية، وخصوصاً من العسكريين المنشقين خلال الأشهر الأولى للثورة، وإجراء تمحيص وتدقيق في الضباط والعناصر المنشقين بعد ذلك، ومعرفة ماضيهم وارتباطاتهم العائلية والاجتماعية، والعمل على سد الثغرات الأمنية بشكل جيد.
- السعي لرفع سوية تدريب العناصر والأفراد من المدنيين والملتحقين الجدد بالثوار، والعمل على تدريبهم ورفع سويتهم قبل الدخول إلى المعارك، وتدريبهم على تكتيكات جديدة لم تستخدم قبلاً، لأن النظام أصبح يعرف عقلية ومنهجية عمل معظم الفصائل.
- السعي لرفع سوية العناصر من العسكريين والقياديين من أصول مدنية، عبر دورات التكتيك العسكري ودراسة التاريخ العسكري والمعارك التاريخية، وإنشاء مراكز أبحاث مختصة بالموضوع .
- الاستفادة من المعارك التي يدخلها النظام ضد أطراف ثانية (مثلا معركته ضد تنظيم الدولة في ريف حمص)، بهدف توجيه ضربات في مناطق مؤثرة على هذه المعركة تسمح بإضعاف النظام في تلك المعركة والحصول على نتائج إيجابية، من استهلاك لقوته وعناصره وإجباره على سحب قواته من مناطق بعينها بهدف الهجوم عليها.
- الاستثمار الجيد في الانتاج العسكري، وتحديدا الأسلحة المختلفة المضادة للدبابات والطائرات، خصوصاً العبوات المضادة للدبابات والألغام، والمفخخات المختلفة، والعمل على إنشاء مصانع خاصة لهذه المنتجات مع طواقم تطوير مؤهلة من المهندسين القادرين على تصميم معدات وأجهزة مشابهة والاستفادة من خبرات ضباط التسليح والمهندسين العسكريين في إنتاج هذه الاسلحة (يجب أن يكون الانتاج بمستويات احترافية وليس ارتجاليا).
- العمل على تطوير القدرات الصاروخية المصنعة محلياً، والحد من الاعتماد على الهاون( مثل مدفع جهنم وعمر بسبب مداه القصير)، فمثلا حركة حماس استطاعت النصر في معركة غير متكافئة إطلاقا بالاعتماد على الصواريخ والتي وصلت لمديات حتى 150 كم، الأمر الذي يعد سلاحاً استراتيجياً، وهو غير موجود إطلاقاً لدى الثوار الذين توقفوا عن تطوير الصواريخ منذ قرابة 3 سنوات.
- الاستثمار في أجهزة ومعدات التمويه المختلفة والتي أهملها الثوار تماماً خلال السنوات الماضية، والتي لها أهمية كبيرة في تخفيض فعالية وسائط الاستطلاع المختلفة.
- العمل على الاستثمار في تطوير وسائل تمويه المناطق والمنشآت، وبخاصة مولدات الدخان، والتي لها أهمية كبيرة في تخفيض فاعلية قصف النظام.
- العمل على تطوير وسائل الاستطلاع المختلفة، وخصوصاً الطائرات المسيرة بدون طيار، والتي يجب أن تصنع محلياً، وتحويلها لطائرات مسيرة مسلحة.
- العمل على الاستثمار أكثر في الاستحكامات الهندسية المختلفة، والتي لها أكبر الأثر في تخفيف حدة القصف الروسي والنظام، بحكم أنه قصف مساحي وليس دقيقاً غالباً، والذي يمكن الحد من تأثيره كثيرا بالاستحكامات الهندسية المبنية بشكل جيد (شهدت معركة السوم 1916 إطلاق مليون ونصف قذيفة مدفعية بريطانية على خط الدفاع الألماني الذي صمد بسبب استحكاماته الهندسية).
- العمل على الاستثمار لتصنيع مضادات الطائرات المحلية، خصوصاً مع وجود معظم المكونات اللازمة لتصنيعها بشكل مدني، وإمكانية الحصول عليها بسهولة.
- الاستثمار في تطوير العربات المفخخة المختلفة، والسعي لتصغيرها قدر الامكان، تجنباً لتدميرها عبر الصواريخ المضادة للدبابات التي يستخدمها النظام.
- الاستثمار في وسائط الاتصالات المشفرة والقفازة والتي تسمح بالعمل بسرية، وعدم اكتشافها من قبل النظام، والعمل على تطوير تجهيزات السطع الالكتروني لدى الثوار والتي تعتبر متخلفة جدا.
- شراء أو تصنيع منظومات تشويش راديوي، بسبب أهميتها وتأثيرها في المعركة الحالية، لما للاتصالات الراديوية من أهمية في المعركة .

هذه مجموعة من الخطوات المهمة التي إذا نفذها الثوار فسوف يكون لهم اليد العليا في المعركة القادمة والتي ستكون معركة كسر عظم وتحرير لكامل سوريا من نظام الأسد.

مقالات ذات صلة

"المجلة" تنشر وثيقة أوربية لدعم التعافي المبكر في سوريا

صحيفة أمريكية توثق آلية تهريب نظام الأسد للممنوعات إلى الأردن

تقارير تكشف اعتقال نظام الأسد لـ9 من اللاجئين السوريين العائدين من لبنان

مجلس الأمن.. دعوة قطرية لدعم ملف المفقودين في سوريا

الولايات المتحدة ترفض إفلات نظام الأسد من المحاسبة على استخدام الأسلحة الكيماوية

"الشبكة السورية" تطالب بمحاسبة الأسد في الذكرى الـ11 لهجوم الغوطة الكيميائي