بلدي نيوز – (منى علي)
عرضت الإخبارية السورية (الناطقة باسم نظام الأسد)، اليوم الاثنين، بثاً مباشراً لما قالت إنه تجمع في مدينة الكسوة لـ500 مسلح جاؤوا من أجل تسوية أوضاعهم و"العودة إلى حضن الوطن"، كما يشيع نظام الأسد.
وقال التقرير التلفزيوني إن 500 شاب ممن حملوا السلاح في مناطق الكسوة والمقيليبة والطيبة وزاكية، توافدوا من أجل تسليم سلاحهم وتسوية أوضاعهم، في مشهد مسرحي هزلي لم تكتمل أركانه ويمضي على ما اشتهى مفبركوه، حيث أخطأ أحد المسلحين المزعومين وقال إنه قرر العودة إلى حضن الوطن لكي يقاتل أمريكا وروسيا!، قبل أن ينهره أحدهم من وراء الكاميرا ويتركه المذيع هارباً، (الدقيقة 8:35 – 8:55) من الفيديو.
وبعيداً عن المشهد الهزلي، يعيش سكان الكسوة وقراها في الغوطة الغربية من ريف دمشق، حالة فقدان توازن وحيرة وانعدام أفق بعدما بدأ التهجير يطرق أبوابهم، فالباصات الخضراء صارت قريبة جداً من محطتهم، وهم يعيشون بين تجاذبات وخيارات كلها مرارة، فالتهجير يعني لهم ترك مدنهم وقراهم إلى الأبد، حسب ظنهم، والبقاء يعني الخضوع لسلطة الولي الفقيه بإيران، واقتناء "الحسينية" (قطعة طينية صغيرة مستديرة الشكل يزعم الشيعة أنها مصنوعة من تراب كربلاء يضعونها تحت جبهتهم أثناء السجود في الصلاة)، واحتراف اللطم وسبّ الصحابة وأم المؤمنين عائشة، كضرورات لإثبات الولاء والتنعم في حضن الوطن!
السيدة (س.ق) من بلدة "الطيبة" التابعة للكسوة، عبرت عن قلقها ومشاعر الموجودين في المنطقة فقالت في حديث خاص لبلدي نيوز عبر وسائل التواصل: "نحن في ظرف يجعل الحليم حيران... فالناس بين خيارين أحلاهما مر وعلقم، فإما التهجير إلى إدلب والتي تعني المجهول بالمطلق وفقدان بيوتنا وأرزاقنا وانقلاعنا من جذورنا إلى الأبد، والآخر هو البقاء في عيشة الهوان والمذلة، حيث يتجرع الناس غصة ست سنوات وهم ينتظرون ثورتهم أن تثمر".
وأردفت بمرارة: "كيف يمكن أن نتعايش مع قاتلي أبنائنا ونعيش تحت رحمتهم"؟..
وعما يشيع نظام الأسد ولجان مصالحاته من أن "تسوية الوضع" متاحة لكل راغب، قالت الناشطة (ف.ع) من مدينة قدسيا لبلدي نيوز بأنه "يوجد شبان حاولوا إجراء تسوية لوضعهم، فهم يفضلون البقاء في بيوتهم على رحلة التشرد إلى إدلب.. ولكن قوبل طلبهم بالرفض وتم تهجيرهم قسرا". ما يبيّن أن ما يسمى "تسوية وضع" منوط باعتبارات النظام ومن خلفه إيران المتحكمة بملف العاصمة وسوارها، ويبدو أن الاعتبار الأول هو تهجير معظم الناس، ليحل مكانهم آخرون قادمون من وراء الحدود، يأخذون أماكنهم وأسماءهم وبيوتهم وتاريخهم ومستقبلهم..
يذكر أن إيران تسعى لتفريغ العاصمة دمشق من معظم سكانها عبر التهجير وافتعال الحرائق في الأسواق التاريخية والتضييق على الحريات والتهديد، فيما تتبع سياسة التهجير القسري في الريف الدمشقي لتأمين "سوار العاصمة" بمسافة 30 كم حولها، كما فعلت في مدن التل وخان الشيح ومعضمية الشام وداريا، كل ذلك بموافقة ورعاية الأمم المتحدة التي يعتبر قانونها التهجير القسري للسكان بمثابة جريمة حرب!