نظام الأسد.. دور وظيفي بدعم دولي - It's Over 9000!

نظام الأسد.. دور وظيفي بدعم دولي

بلدي نيوز – (صالح العبدالله)
حظي نظام الأسد خلال سنوات حكمه الطويلة منذ استولى على الحكم في سوريا بعد سلسلة من الانقلابات العسكرية، وعمليات التصفية الداخلية التي أوصلت حافظ الأسد للحكم في نهاية المطاف، بالدعم الدولي المختلف الأشكال، والذي يدرك النظام تماماً أنه أحد العوامل الأساسية لبقائه في الحكم، خصوصاً مع يقينه التام أنه مرفوض تماماً من الشعب الذي لم يوفر فرصة للثورة على النظام منذ مطلع الستينيات، لتصل الأمور ذروتها نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، ويتوج النظام قمعه للسوريين بمجزرة حماة التي قتل خلالها خمسون ألف شخص بدعم دولي كامل.
دعم دولي
نظام الأسد هو أحد أكثر الأنظمة اعتماداً على الخارج في بقائه، فهو غير قائم أو معتمد على ذاته، وهذا الأمر تثبته العديد من الشواهد من الأحداث التي قد تكون ذروتها الحرب الأخيرة، التي تحول فيها الدعم الدولي الذي كان يحصل عليه النظام من دعم خفي سياسي واقتصادي، إلى دعم عسكري واقتصادي مباشرين وواضحين، وصل إلى حد توافد جيوش دول لتثبيت أركان حكمه، وملايين الدولارات التي منحتها الأمم المتحدة للنظام و"جمعياته" التي يديرها مجرمون من آل الأسد، ومخلوف ومسؤولة مباشر عن الشبيحة وقتل السوريين، حتى أنه لم يعرف أي جيش في التاريخ يسكن جنوده في خيم الأمم المتحدة المخصصة للاجئين، ويأكلون طعامهم إلا جيش النظام.
خادم مطيع
يعرف عن النظام عبر مسيرته الطويلة، أنه متعدد الولاءات والارتباطات، فهو في عز تعلقه بالاتحاد السوفيتي "الشيوعي"، كان لديه العشرات من الارتباطات مع أمريكا التي كان يعلنها دوماً رأساً للإمبريالية ومصدر كل الشرور، فسيارات "المرسيدس" التي كانت سيارات النظام الأولى خلال السبعينيات والثمانينات والتسعينيات، أحد أكبر الشواهد على علاقة النظام الوثيقة بالغرب.
دور وظيفي
يتلقى النظام دعماً غربياً كبيرا لعدة أسباب، أولها أنه صنع كأحد مفرزات اتفاقية سايكس-بيكو، وما تلتها خلال الفترة اللاحقة من تفاهمات وإعادة ترسيم للمنطقة، والتي نجم عنها إعادة ضم مناطق الأقليات في سوريا إلى منطقة الكتلة السنية، تمهيداً لتسليم سوريا لأحدى الأقليات عبر سلسلة من الانقلابات التي كانت نهايتها عام 1970 بوصول حافظ الأسد إلى الحكم بعد تصفية بقية الشخصيات من الأقليات التي ساهمت في وصوله للحكم.
ما يجعل للنظام دوراً وظيفياً مهماً بني من أجله في المنطقة، الأمر الذي يدركه النظام، ويدرك أن بقائه والدعم الذي يتلقاه مرتبط بتنفيذه بأفضل ما يمكن، فأحد مسؤولياته تأمين حدود إسرائيل الشمالية، التي حصلت منه على أهم خط دفاعي في الجولان بدون قتال، لتصبح جبهة الجولان أبرد جبهة بين جيشين "متحاربين" في التاريخ، ثم تدمير المقاومة الفلسطينية في لبنان، والتي انتهى الأمر بإخراجها من بيروت بتواطؤ كبير من النظام، إضافة لمجموعة المجازر بحق اللاجئين الفلسطينيين في أكثر من منطقة، ثم الحرب على العراق وتسليم لبنان كهدية لنظام الأسد، وما تلاها من غزو لأفغانستان والعراق بعد أحداث 11 أيلول في أمريكا، والدور المركزي للنظام في عملية اختراق المجموعات الجهادية "تنظيم الدولة"، ودوره المحوري في "تجميع" الجهاديين في العراق تمهيداً لتصفيتهم.
هذا الدور الذي جعل النظام أحد أهم مرتكزات "الحرب على الإرهاب"، التي دعمها الغرب خلال العقدين الماضيين، والتي استخدم فيها النظام لتنفيذ المهام.
تلميع صورة
أحد أهم أشكال الدعم الغربي الذي تلقاه النظام خلال الفترة التي سبقت الثورة السورية، هي عملية التلميع التي تعرض لها النظام بشخصية رأسه بشار الأسد المثقف العلماني، وزوجته المتحررة غربية الثقافة وراعية حقوق المرأة، والتي طمست كل الديكتاتورية التي كانت تسحق الشعب السوري تدريجياً اقتصادياً واجتماعياً، بعد تخلي الدولة عن المواطنين وتسليم المفاتيح الاقتصادية لأشخاص من آل الأسد ومخلوف وشاليش، بشكل أكثر فجاجة من عهد والده، وقبلها التغول الأمني الذي وصل لمرحلة اعتقال الأشخاص لسنوات لمجرد أحلام شاهدوها، الأمر الذي أوصل السوريين لمرحلة الانفجار منذ عام 2008 فعلياً، لكن الشرارة التي فجرت الثورة كانت عام 2011.
حامي الأقليات
مع بداية الحراك السلمي في سوريا والقمع العنيف الذي واجه به النظام المدنيين، والذي استخدم فيه كل أنواع الأسلحة التي يمتلكها بداية بالأسلحة الفردية وصولاً حتى الصواريخ الباليستية والسلاح الكيماوي، والتي قصف بها المدن والأحياء الخارجة عن سلطته .
تسببت المشاهد المأساوية التي كانت تخرج من سوريا للجحيم الذي صنعه الأسد لأهلها بحالة من الصدمة على عدة مستويات، ما دفع داعمي النظام لترويجه كحامي للأقليات في وجه الهجمة الإرهابية "السنية" التي ترغب بدون أي مسبب في تدمير الاقليات وإلقائها في البحر.
لتتحول النظرة الغربية للثورة السورية من ثورة ضد الظلم، إلى عمليات "قمع تمرد" تنفذه تنظيمات لا تختلف عن تنظيم "الدولة"، أو بوكو حرام أو تنظيم القاعدة .
لتبدأ عملية شيطنة الثوار وتحويلهم إلى فصائل متطرفة مجرمة، والهدف منها الانتقال من عملية الدعم السري الغير واضح أو معلن للنظام، إلى مرحلة الدعم المعلن أو على الأقل منح فرصة للغرب لتعليق ما يحدث في سوريا على علاقة محاربة الإرهاب.
فالنظام يستخدم الأقليات والطوائف المختلفة كواجهة له، ليظهر نفسه بمظهر النظام الذي تدعمه كافة مكونات الشعب، والذي يقاتل ضده فئة محددة فقط من الشعب مدعومة بالمقاتلين الأجانب المتطرفين، الذين أشاعوا الخراب حتى في آوروبا وارتكبوا العديد من المجازر، في عملية لاستجلاب الدعم الغربي أكثر فأكثر، بدون أن ممانعة شعبية غربية، فالقوى التي تستخدم الآن في سوريا لا يمكن مقارنتها بالقوى التي استخدمت ضد أفغانستان مثلاً، أو حتى ضد العراق خلال حرب 2003، فعدد الدول المشاركة يتسع تدريجياً، والطائرات الغربية لا تفارق سماء سوريا، ولفترة أطول بكثير ومع مستوى أرقى من الذخائر والتقنيات، وساحات معارك لم توفر أي قرية أو مدينة في سوريا أو العراق.
فتنظيم الدولة مثلاً مسؤول عن ألاف القتلى في سوريا، ومئات عمليات الإعدام، لكن جملة من قتلهم التنظيم لا تعادل 5% من الأشخاص الذين قتلهم النظام، حسب أقل الأرقام المعتمدة لعدد ضحايا النظام، مع ذلك تحلق طائرات العشرات من الدول لقصف التنظيم "الإرهابي"، في حين تتجاهل النظام الذي قصف شعبه بالكيماوي.
فسلبية الإدارة الأمريكية في الوضع السوري، ليس مردها إلى العجز الذي تتعذر به، بل إلى حقيقة تركها الفرصة للنظام لحل "المشكلة"، بالاعتماد على الدعم الإيراني، والروسي لاحقاً، فهي قادرة على فرض حلول بالقوة لو شاءت على النظام بالدرجة الأولى، إضافة لاستفادتها من الوضع في سوريا لاستنزاف عدة أطراف في الشرق الأوسط، وإعادة تشكيل المنطقة، حيث يمثل موقف الإدارة الأمريكية من الوضع في سوريا أوضح مثال على مواقف الدول الغربية من نظام الأسد، موقف داعم ولا يرغب بالتخلي عن النظام، مع بعض الديكور من الديموقراطية وحقوق الإنسان.

مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى حشد الدعم الإقليمي والدولي لسوريا

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

//