بلدي نيوز – (خالد وليد)
نشرت صفحات موالية للنظام وعلى رأسها صفحة (دمشق الآن) عدة منشورات على فيسبوك، تتحدث عن الوضع في داريا (بعد الانتصار)، وبعد أن هجر النظام أهلها، وأخلاها تماماً من سكانها، حيث تحدثت هذه المنشورات عن عمليات (التعفيش الواسعة)، التي تنفذها قوات النظام بعد أن احتلت داريا.
صفحة (دمشق الآن) أنكرت أن يكون للعناصر التي تعفش أي علاقة بجيش النظام، مدعية أنها عبارة عصابات ترتدي الزي العسكري، ولا يعرف أحد لمن تتبع، فهي لم تسمها بالاسم ولم تحدد تبعيتها، ولا حتى من أين أتت، وكل ما قالته الصفحة عن هوية هؤلاء الأشخاص أنهم " مجموعات ترتدي الزي العسكري وتحمل سلاحاً ظهرت فجأةً، فهم وجوه غريبة على من حرر داريا ليهمّوا في الدخول إلى المدينة، ليس للتمشيط وليس لتفكيك العبوات أو البحث عن المقابر الجماعية، بل دخلت للسرقة أو ما بات يُعرف بالتعفيش".
الصفحة حاولت نفي تهمة التعفيش عن عناصر النظام التي كانت تقاتل في داريا، حيث أكدت أن العناصر الذين ينفذونها ليسوا من الذين حاربوا لسنوات للدخول إلى داريا، وأنهم لم يرفعوا سلاحهم من أجل (تحرير) المدينة، وأن العناصر الذين كانوا يقاتلون للدخول للمدينة لم يكونوا يفكرون (بالغنائم).
لتعود الصفحة وتعترف، أن العناصر التي "تعفش" هي من عناصر النظام، والذين وصفتهم بـ" انتهازيين لو تمت دعوتهم إلى المعركة لكانوا أول الفارّين" .
الصفحة عادت واعترفت بشكل غير مباشر أن تعفيش (الغنائم الحربية) هو حق للعناصر الذين كانوا يقاتلون للدخول إلى المدينة، وليس لعناصر لم يقاتلوا لدخولها، والذين بعملية سرقتهم (لدماء الشهداء) يشوهون سمعة جيش النظام، لتعود وتستغرب عجز النظام عن إيقاف أو محاسبة هؤلاء (المتسلطين المسيئين ) على حد تعبيرها.
مرتزقة وغنائم
عرفت ظاهرة "التعفيش" مع بداية الحراك السلمي في سوريا، والتي بدأت بسرقة عناصر الأمن للمصوغات الذهبية والأموال عند مداهمة منازل المتظاهرين، وسرقة هواتف المعتقلين وكل ما خف حمله وغلا ثمنه من المنازل، أثناء المداهمات وكانت شبه محصورة بعناصر الأمن.
وتمددت ظاهرة "التعفيش" مع بداية العمليات العسكرية للنظام، لتشمل المنازل التي يدخلها جيش النظام وشبيحته، حيث تسرق تلك الميليشيات كل ما يمكن حمله وأخذه من المنازل، بداية بالكهربائيات والفرش والسجاد، وصولاً إلى أنابيب التمديدات الصحية المعدنية، وحتى أسياخ تسليح البيتون الفولاذية في المنازل المدمرة! .
هندسة اقتصادية
تشكلت بنية اقتصادية كاملة قائمة على عملية التعفيش، بداية بالعناصر الذين يعفشون، أو المجموعات و"المقاولين" الذين (يستثمرون) المناطق التي يدخلها جيش النظام، ووصولاً إلى أسواق السنة التي تباع فيها المسروقات، وصولاً إلى تهريب "الخردة المعدنية" التي تنتج من المنازل المدمرة إلى خارج سوريا.
يستخدم النظام عملية التعفيش لأكثر من هدف، فبداية بمكافأة جنوده وعناصره، وتعويضهم عن رواتبهم المنخفضة وتحفيزهم للقتال طمعاً بالأموال التي سيحصلون عليها بتعفيش المناطق التي يدخلونها، إضافة لإفقار الكتلة السكانية في المناطق التي يدخلها، وتركيز الأموال بيد مؤيديه من مناطق الساحل .
عملية التعفيش يعتبرها المراقبون للشأن السوري مرحلة مهمة في عملية التهجير والتغيير الديموغرافي، وعملية إعادة "الهندسة الاقتصادية" للمجتمع التي يعمل عليها النظام بدون أن يذكرها أحد، فهو يسعى إضافة لإعادة هيكلة سوريا ديموغرافيا، إلى إعادة هيكلة سوريا مالياً واقتصادياً، بإفقار المناطق التي ثارت عليه، ومنع تعافيها اقتصادياً، بهدف فرض واقع اجتماعي جديد يمكن مؤيديه من السيطرة على جميع مستويات الحياة في سوريا .