لماذا لم تعامل أمريكا حلب مثل سراييفو؟ - It's Over 9000!

لماذا لم تعامل أمريكا حلب مثل سراييفو؟

نيويورك تايمز- (ترجمة بلدي نيوز) 
سراييفو وحلب، المدينتان اللّتان كانتا ذات يوم جزءاً من الإمبراطورية العثمانية، المدينتان المتنوّعتان سكّانياً واللتان احتضنتا كلّاً من المسلمين والمسيحيين واليهود، المدينتان الغنيّتان ثقافياً، واللّتان حُوصرتا وقُسِّمتا إلى شطرين ودمرهما العنف والبطش، هما المدينتان حيث كان أطفالهما هم الضحايا- المدينتان التوأمتان بفارق 20 سنة.

ما الفارق الذي حصل في عشرين سنة؟ كانت سراييفو تحتلّ عناوين الأخبار إثر تطويقها لأكثر من 44 شهراً، لقد جابت طائرات الناتو في سمائها، على الأقل لمنع القصف الجوي من استهداف السكان المدنيّين، بينما تمّ نشر قوات الأمم المتحدة ذو الخوذ الزرقاء، في جهود إغاثة كان يمكن وصفها بالمعيبة، و أذن الرئيس بيل كلينتون، وبعد تردّد طويل، للناتو بالقيام بضرباته الجوية والتي أدت إلى رفع الحصار الصربي، والتوصل لسلام غير كامل في البوسنة، وبالتالي نجح بعض الشيء التدخل الأميركي المتأخر حينها.

إن حلب الآن تفتقر إلى مثل هذه العجلة، إنها مدمّرة الآن، ما الجديد أيضاً؟ كيف لكلمة "حلب" أن تُنطقَ من شفاه الرئيس أوباما؟ أو حتى "سراييفو"؟ في أي من حفلات العشاء في لندن وباريس وبرلين وواشنطن تمّت مناقشتها؟ أيّ من الصحافيين الغربييّن قادرون الآن على التواجد هناك ليوم تاريخيّ واحد، عقب سخطهم الشديد على تقطيع أوصال المدينة؟ من يستحضر أنه ومن ست سنوات فقط، كان يجري الحديث عن حلب في أوروبا بأنها مراكش الجديدة، وبأنها مكان لشراء بيت لقضاء العطلات؟
إن حلب وحدها الآن، وحيدة بمفردها تحت وابل قنابل الطائرات الروسية والأسدية، وحيدة في مواجهة الأهواء العنيفة لكل من فلاديمير بوتين وبشار الأسد.

نعم، إنّني أعلم عندما يتمّ النّظر إلى صورة طفل مثل الطفل عمران، مغطّى بالدماء بعد أن تم سحبه من تحت أنقاض حلب، بأن صورته ستنشر ويسوق لها لفترة طويلة بما يكفي لرثاء الكارثة السورية، الرثاء ومن ثم النسيان، ونسيان أكثر من 400،000 مدنيّ قد قتل، وأكثر من 4.8 مليون لاجئ، وتدمير مدينة مثل "حلب" والتي هي انعكاس وتعبير رائع عن آلاف السنين من الحضارة.

إن عمران والذي قتل شقيقه علي، هو آلان هذا العام، الطفل السوري الغريق والذي جرفته الأمواج نحو الشاطئ التركي، والذي قامت صورته بتسويق موجة مؤقّتة أخرى من الغضب في سبتمبر الماضي.

واليوم وكما كانت لوقت طويل، تنقسم حلب بين قطاع شرقي محاصر تحت سيطرة قوات المعارضة، وقطاع آخر أكبر يقع غربي المدينة تحت سيطرة نظام الأسد الوحشي، لقد إنهار "وقف الأعمال العدائية" كما كان متوقّع، وغزت روسيا سوريا في العام الماضي، عندما أدركت ما قد يأتي لاحقاً وهو "تنحّي أوباما بعيداً عن هذه الحرب، وقيادة الولايات المتحدة في دبلوماسية شنيعة، لن تقودها إلى أي مكان".

لقد فقدت القوة الأمريكية مصداقيّتها في العقدين الماضيين، وذلك من أوكرانيا إلى سوريا، إن روسيا الآن تُملي كيفيّة سير مجريات الأحداث كيفما شاءت، مفلتة بشكل مكرّر من العقاب والمحاسبة، إن التفاؤل لربما أصبح ساذجاً، حول عالم كامل وفاضل والذي أدى إلى موافقة جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في عام 2005 عن مسؤوليتها بالحماية- وهو التزام بمنع وقوع الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي- فقد ماتت جميع تلك المعاهدات، بل لترقد بسلام، في المختصر، الأمر يبدو طريفاً بأن تلك الجهود ضاعت في عوالم ماضية، بينما أجبر تنظيم الدولة الإرهابي الصحفيين الغربيين في المنطقة على تقليص اهتمامهم عليه في حين تسارعت عجلة الأحداث.

إن هذه هي بعض التغييرات التي حصلت من سراييفو الى حلب، أنتجت عالماً أكثر خطورة وتشاؤماً.

لقد صرّح أوباما بأن التدخّل الليبي كان أسوأ أخطائه الخارجية، كما قال بأنه "فخور جداً من تلك اللحظة" في عام 2013 عندما قرر مقاومة "الضغوطات المباشرة" وعدم إعلاء استخدام القوة العسكرية لمعاقبة متجازي "خطه الأحمر" ضد استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.

لا، لقد كانت سوريا هي أسوأ أخطاء أوباما، كارثة لا يمكنها استثارة أي فخر، وضمن هذا الخطأ الفادح كان هنالك أسوأ خطأ ارتكب في اللحظة الأخيرة في "خطه الأحمر"، والذي قوّض كلمة أميركا أمام جرأة بوتين ويد الأسد المطلقة.

كما قال أوباما في 31 أغسطس من عام 2013، في إعلانه عن قراره بتأجيل القيام بأي عمل عسكري، والحصول على إذن لاستخدام القوة من الكونجرس: "ما هي النقطة من وجود النظام الدولي إذا ما كان يمكن ازدراء حظر الأسلحة الكيميائية؟" كما قال أيضاً: "ما هي الرسالة التي سنقوم بإرسالها للعالم أجمع، إذا ما كان ديكتاتور قادر على قتل مئات الأطفال بالغاز الكيميائي، على مرأى من الجميع، ودون دفع أي ثمن؟".

إن الجواب على تلك الأسئلة أصبح واضحاً جداً الآن: إن الديكتاتور الأسد سيستمر بذبح أكبر عدد من الأطفال، بينما سيقوم بذلك بإضعاف حلقة النظام الدولي في تحقيق السلام العالمي، لم يكن أوباما في الواقع يقول في "حديقة الزهور" قبل ثلاث سنوات بأنه يرفض التنفيذ بنفسه، بل حثّ الكونغرس على فعل ذلك، ومع مرور الوقت تنبهم هذه الأحداث كلّها، لجعله "فخوراً جداً من تلك اللحظة"!!

ليست هنالك من نتيجة في سوريا قد تكون أسوأ من الوضع الحالي هناك، إن طائرات وقاذفات ومروحيّات الأسد ومطاراته، كان ينبغي لها أن تُخرج وتوقف منذ بداية الحرب، وذلك حتى قبل استهداف تنظيم الدولة، كان ينبغي حفظ الخط الأحمر، ومواجهة عبوره بأشد الطرق، لقد كانت العواقب التي ترتّبت على الحلفاء الأوروبيين من سياسة أوباما "بترك سوريا حتى التفاقم والانفجار" ساحقة حقاً.

وفي فيديو حزين عرضته القناة البريطانية الرابعة حول بائع الزهور في حلب، ذلك الرجل الشجاع الذي حافظ على آخر متجر للزهور في المدينة، مفتوحاً! يجب أن تفهموا بأن الناس البائسين لا يزالون يقومون بتجميل الشوارع بالزهور لتأكيد جمال الحياة على الموت.

إن حلب، رمز لفشل العالم، رمز للّامبالاة، رمز للتراجع الأمريكي، لم يكن ينبغي قطّ تركها وحيدة تنزف.

مقالات ذات صلة

احتجاجات واسعة بسبب رفع مادة المازوت بريف حلب

روسيا تجري تدريبات جوية مشتركة مع قوات النظام في حلب

إحصائية للدفاع المدني بعدد المدارس المستهدفة من قبل النظام خلال 2024

سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات

قصف مجهول يستهدف معبر أبو الزندين شرق حلب

النظام يوصل قصفه على ريفي إدلب وحلب