بلدي نيوز- (سما مسعود)
احتلت صورة خروج الثوار من داريا صدارة المشهد في سوريا اليوم، فالصورة الأبرز في المشهد السوري أصبحت إفراغ مدينة داريا من ثوارها وساكنيها، و"النصر العظيم" لنظام الأسد الذي حلم به لخمس سنوات، لتتحول داريا إلى أكبر مدرسة للتكتيكات العسكرية خلال القرن الحالي ويعجز أي مخطط أو محلل عسكري عن العثور على مدينة واجهت ما واجهته داريا، لكن ما يبقى بين ثنايا الحادثة هو كيف وصلت الأمور إلى هنا؛ بالرغم من كثرة الإعلانات الصادرة من الجنوب السوري حول معركة مرتقبة تقلب الموازين وتنجد أهل داريا.
مخازن سلاح ممتلئة
يوجد في المنطقة الجنوبية الممتدة من الحدود الأردنية جنوباً وحتى ريف دمشق الغربي شمالاً، ومن الحدود المحررة في القنيطرة غرباً وحتى الحدود العراقية الأردنية شرقاً نحوُ 40 فصيلاً عسكرياً، وبمعدل وسطي 200 مقاتل لكل فصيل؛ مما يعني أن المنطقة الجنوبية وحدها تضم نحو 10000 مقاتل مسلحٍ بالسلاح الفردي إلى المتوسط والخفيف، وبعض الفصائل تملك أسلحة ثقيلة.
فبحسب تسريبات نشرت إبان ما عرف بـ "ثورة رجال أحمد العودة" بداية آب الجاري فإن مستودعات هذا الفصيل تحوي عتاداً بكميات كبيرة، نحو 12000 حشوة هاون وأكثر من 500 منظار ليلي، إضافة لأكثر من 300 ألف طلقة بي كي سي رشاش، وغيرها.
وبحسب خبراء عسكريين بحرب الشوارع "الطريقة التي تعتمدها فصائل الثوار في معركتها مع نظام الأسد" فإن العدة والعتاد المتواجدين في الجبهة الجنوبية كانت كافية لفتح جبهة باتجاه الريف الغربي من دمشق وصولاً إلى معضمية الشام وداريا.
تتبع الفصائل في الجبهة الجنوبية بشكل مباشر إلى ما يعرف بـ غرفة "الموك"، وهي غرفة عمليات مدعومة غربياً وتحديداً أمريكياً .
تغطي غرفة الموك نفقات الفصائل من رواتب العناصر إلى السيارات بما في ذلك السلاح الخفيف إلى المتوسط.
تخضع هذه الفصائل إلى رقابة شديدة أشبه ما تكون بـ "التجسس"، حيث إنها منعت من فتح أي جبهة عسكرية في الجنوب السوري ضد النظام أو نصرة للثوار في المناطق الأخرى، رغم النداءات الشعبية بشكل مستمر لذلك، كما أنها خذلت أكثر من مرة الفصائل الخارجة عن الموك في معارك مثلث الموت، حسب ناشطين ميدانيين.
الدور الروسي
على ما يبدو أن الجنوب السوري ليس مطمعاً للأمريكيين فقط؛ فهناك الروس المتربصون على محاور عدة منتظرين فرصة سانحة لوضع قدم لهم في المكان.
ووفق ما قاله أحد القادة في الجنوب - ويكني نفسه بالأخطبوط - فإن :"الروس وعبر قادة كبار في النظام السوري يقومون بدعوة القادات والمتنفذين وأصحاب الرأي من الثوار إلى المصالحة والهدن معهم وبإشرافهم".
وتابع الأخطبوط :"من يستجيب للروس فإنهم يدعونه إلى قاعدة حميميم ليكون هناك في لقاء مباشر مع القائد العام للقوات الروسية في سوريا، وبالفعل لقد ذهب البعض إلى هناك".
دعم الأسد
لا يمكن عزل ما يحدث في درعا عن المناخ الداعم لنظام الأسد، والذي أفرز مجموعة من المناطق المحيدة عن الصراع في سوريا، والتي تحيد مؤقتاً فقط حتى يخف الضغط على النظام، ويتفرغ للجبهات ويتفرد بها واحدة إثر أخرى، تطبيقاً للمبدأ القائل فرق تسد .
يعلق أحد الناشطين على تخاذل الجبهة الجنوبية بالقول :"جميع الأصوات في درع تتهم قادة معظم الفصائل بالتخاذل، وأنهم يتفرجون على داريا تستباح بدون أن يقدموا أي شيء، والذين سيكون لهم موعد يوماً ما مع نظام الأسد وربما الروس أو الموك، ولكن ليس لتحقيق تبريد جبهة أو هدنة مؤقتة، بل لتحديد المكان الذي سوف يرحلون إليه، قبل دخول جيش النظام إلى مناطقهم، عندها لن ينفع الندم، فقد لا يجدون مكانا يرحلون إليه أو يقبلهم بعد كل هذا التخاذل المؤلم، وستنطبق عليهم رواية مقولة (أكلت يوم أكل الثور الأبيض)".