عن صمت "عمران".. الذي هزم العالم - It's Over 9000!
austin_tice

عن صمت "عمران".. الذي هزم العالم

 بلدي نيوز – (علاء نور الدين)

كبروا قبل أوانهم، أنضجتهم الحرب وملح الصبر، ما عاد في سوريا كثير من الأطفال، بل الكثير الكثير من الحكماء الصغار.

تجاوزوا زمن البكاء والعويل، فما من شكل للموت إلا وعبروه، في طريقهم إلى حياتهم المُشتهاة.

صاروا يخرجون من تحت الأنقاض رجالاً، يحرجون العالم بصمتهم وعظمة نفوسهم، ذلك العالم الذي احتل السماء ليمطر عليهم دموعاً من نار!..
وربما ليست مصادفة أن يصمت الصغير "عمران دقنيش"، رغم خروجه مدمى من تحت الأنقاض بمدينة حلب، وأراد أن يتقمص دور العالم عندما صمت على مقتل آلاف من أقرانه في غوطة دمشق خنقاً بالأسلحة الكيماوية في ذكراها الثالثة بعد أيام قليلة قادمة بعد اليوم، وعن كثر سبقوه ولم تدركهم كاميرا كما أدركته هو.
اليوم، تتشدق الإنسانية - وربما الأصح أبواقها- بين فينة وأخرى بصورة تجتزئها من بين آلاف وربما ملايين الصور لأطفال سوريين ممن قضى نحبه وممن ينتظر، ولتقدمها "باكيةً" لعالم لم يتوان مرتزق فيه عن قتل هذا الطفل أو ذاك، دون تكبد عناء الإشارة للقاتل أصلاً!
وبالأمس فقط، وقبل أن تحتل صورة عمران الحلبي صفحات الإنسانية الزرقاء، كانت تتصدر صورة إيلان الكردي الغريق وسائل الإعلام العوراء أو العمياء - إن صح التعبير. أين هي اليوم؟ هل أنهت مأساة أطفال سوريا اللاجئين؟ أم أسكتت المتضايقين من استضافتهم أعراباً وأغراباً؟
ولئلا نذهب بعيداً في تفنيد إنسانية المتأنسنين من عجم وأعراب. بالأمس فقط كان عمران محاصراً وربما كان ليموت جوعاً وبصمت، أو ربما تحت الأنقاض نفسها التي خرج منها قبل أن تدركه كاميرا أو مسعف حتى، ودون أن تجدي استغاثة أمعائه الفارغة "نخوة" أبناء جلدته وثورته لفك الحصار عنه ولو برصاصة يتيمة من حوران!
ويبدو أن عمران قد أثار حفيظة "الإنسانية" الصامتة بصمته، وأراد السخرية من الصامتين المتحدثين على تلك المقاعد الأممية المتشدقة بحقوق الإنسان، ليس ليحرجهم فقط، بل لينعيهم، فكان له ما أراد، كما يؤكد كثيرون.
ويستغرب الإنسانيون الصامتون من الطفل (كما يفترضون). لما لم يبك أو يصرخ ألماً! لم كان هادئاً؟ ونسي هؤلاء المغفلون أن طفلاً يبكي دماً لا دموعاً مثلهم – إن بكوا أصلاً، فماذا يمكن أن يقول؟ وماذا يطلب وبمن يستنجد؟ ربما أرادوا أن يحدثهم عن الحياة بعد الموت! أم توقعوا أن يحدثهم عن الحياة تحت الأنقاض!
وربما ليس مصادفة أيضاً، أن يكون اسمه "عمران"، وقد قال آله وأهل ثورته اليتيمة منذ بدايتها "هي لله"، وقال ربهم في سورة "آل عمران": "الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ"، فعن أية إنسانية يتحدثون؟

مقالات ذات صلة

سوريا من إرث الوحدة إلى مخاض الحرية

درعا.. النظام يحاول فرض تسوية جديدة في جاسم

حلب.. مطالبات أهلية لوقف الاقتتال الفصائلي في عفرين

أمريكا تكشف عن عروضها للتعاون مع النظام بشأن قضية الصحفي أوستن تايس

حلب.. خسائر من قوات "قسد" باشتباكات مع "الجيش الوطني"

وزير الخارجية التركي يكشف عن هدف تطبيع بلاده مع نظام الأسد