بلدي نيوز – حماة (شحود جدوع)
تعتبر مدينة حماة وسط سوريا من أهم النقاط الاستراتيجية والعسكرية التي اعتمد عليها في حربه على الشعب السوري، ويعود ذلك لعدة أسباب جغرافية وديموغرافية تتميز بها المدينة عن معظم المدن السورية.
سيطر نظام الأسد على مدينة حماة بالحديد والنار، بعد اقتحامها قبل ثلاث سنوات بمئات الدبابات والمجنزرات، وتمركز بداخلها وعلى أطرافها وعلى مداخل ومخارج معظم أحيائها، واعتقل المئات من شبانها.
يعتبر المطار العسكري جنوب غرب المدينة من أهم الثكنات العسكرية في مدينة حماة، والتي يعتمد عليها نظام الأسد اعتماداً تاماً، حيث يحتوي عشرات الطائرات الحربية والمروحية، التي لا تكاد تهبط حتى تقلع من جديد لتقصف السوريين، إضافة إلى مركز البحوث العلمية جنوب شرق المدينة، والذي يحتوي عشرات الأنفاق داخل الجبال، حيث تعسكر وتتمركز الميليشيات الايرانية واللبنانية، وتنطلق منها إلى ريف حلب، كما ويحيط بالمدينة من الجهة الشرقية جبل زين العابدين و"المكننة الزراعية"، حيث يوجد المئات من الشبيحة وعشرات المجنزرات، فيما يحيط بالمدينة من الشمال بلدة قمحانة، التي أعلنت ولاءها التام للأسد، وجندت المئات من أبناءها في صفوف الدفاع الوطني.
كما واعتمد نظام الأسد على القرى المحيطة بالمدينة، والتي تتنوع انتماءاتها الدينية، وعمل على شحنها طائفياً وتوريطها بعشرات الجرائم التي جعلتها ترتبط ارتباطاً مصيرياً به، ففي الجنوب والجنوب الغربي مدينة "كفربهم" وقرية "أيِّو" المسيحيتين، بالإضافة إلى قرى علوية محيطة بالمدينة بشكل تام، كقرى "علي كاسون، والكافات، والربيعة، والرقيطة، وارزة"، هذه القرى جعلها النظام كحزام آمن يحيط بالمدينة، معززةً بثكنات عسكرية كالفوج ٤٧، وضاحية الأمين، ورحبة خطاب، ومعامل الدفاع، فيما أخلى النظام مناطق التماس مع المدن المحررة من ساكنيها، وحول قراها ومنازلها إلى ثكنات عسكرية ومرابض مدفعية للقصف على الأرياف المحررة.
أما عن الميليشيات التي اعتمد عليها النظام وأصبحت العمود الفقري لقوى الأسد المحلية، ومن هذه القوى (صقور الصحراء) بقيادة العقيد سهيل الحسن، ويعتبر شبيحة القرى كـ(سلحب، نهر البارد، مرداش، عين الكروم، جب رملة، جورين، شطحة، الرصيف، الجيد، المحروسة، الربيعة وغيرها من القرى) عمادها الأساسي، بالإضافة إلى شبيحة مدينة قمحانة، والذين يعتبرون من أشد الموالين لسهيل الحسن، وفي المرتبة الثانية تأتي مجموعات "الدفاع الوطني" التي تحوي مئات العناصر من مدن وبلدات محردة، والسقيلبية، وكفربهم، وأيِّو، بالإضافة إلى شبيحة السلمية، وتلدرة، ومصياف، وهذه القوى سابقة الذكر من مسيحيين وإسماعيليين استطاع النظام تكوينها بعد شحنها طائفياً مع ريفها المجاور شمالاً، واستثمار وجود بعبع "تنظيم الدولة" شرقاً لإبقاء هذه الميليشيات في حالة الولاء الأعمى وربطها بمصير الاسد، ويأتي ثالثاً ميليشيا "نسور الزوبعة"، وهي الجناح العسكري للحزب القومي السوري بقيادة علي حيدر، كما ويوجد ميليشيات فلسطينية تابعة لأحمد جبريل متمركزة في مخيم العائدين في مدينة حماة، وشبيحة من أبناء مدينة حماة يتزعمهم طلال الدقاق، بالإضافة إلى كتائب صغيرة تعمل مع الشبيحة ككتائب الغضب وغيرها، وأُضيفَ إلى كل ما سبق فلول الشبيحة التي فرَّت من إدلب وريفها بعد تحريرها.
يقول "سليم" مواطن من حي الدباغة في مدينة حماة :"شوارع المدينة باتت كقطعات عسكرية، لا تكاد تبتعد مجموعة شبيحة إلى نهاية الشارع حتى تظهر الأخرى، ومن يرتدون الملابس المموهة أصبحوا يفوقون مراراً المدنيين في شوارع المدينة وأسواقها".
مدينة حماة التي كانت السباقة قبل عقود في مقارعة الأسد الأب، تعاصر اليوم ذكراها الأليمة التي عاشتها سابقاً، وعيونها ترنوا إلى أبناءها المرابطين على معظم جبهاتها وتنتظر عودتهم إليها فاتحين.