Business Insider – (ترجمة بلدي نيوز)
تناول الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله مؤخراً المعارك الأخيرة في جنوب غرب حلب، حيث أفادت التقارير بأن الحزب عانى أسوأ خسائره منذ دخوله الصراع في سوريا، فقد اعترف نصر الله في خطابه على الهواء مباشرة على قناة المنار في يوم 24 حزيران، بأن 26 من مقاتلي حزب الله قد قتلوا منذ بداية شهر يونيو.
ويبدو أن هذا الاعتراف النادر لحصيلة قتلى الحزب، هو بمثابة محاولة للتقليل من شأن الموجة الأخيرة من الخسائر التي لحقت به في القتال قرب أكبر مدينة سورية، وقد أكدت هذه الحصيلة في وقت لاحق من قبل المرصد السوري لحقوق الإنسان، والذي أفاد بأن "25 من مقاتلي الحزب قتلوا في جنوب غرب حلب، وهو العدد الأكبر لخسائر مقاتلي حزب الله في معركة واحدة منذ عام 2013."
كما أوضح نصر الله في وقت لاحق بأن الخسائر الثقيلة تلك جاءت بعد وصول الآلاف من مقاتلي المعارضة إلى المنطقة عبر الحدود التركية، والذين يهدفون للسيطرة على حلب والأرياف المحيطة بها، ومع ذلك، يدعي العديد من الخبراء بأن الخسائر المتصاعدة لحزب الله ترجع أساساً إلى عدم توفر غطاء جوي روسي في المعركة، فلقد كان إعلان روسيا عن وقف إطلاق النار لمدة يومين في مدينة حلب في الواقع أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في خسائر حزب الله الفادحة، حيث ذكرت وزارة الدفاع الروسية بأن الهدف من وقف إطلاق النار، الذي بدأ يوم 16 يونيو، هو خفض مستوى العنف وتحقيق استقرار الوضع في حلب.
ومع ذلك، فقد كان الادعاء لاحقاً بأن روسيا أعلنت وقف إطلاق النار في حلب من دون استشارة دمشق أو طهران وأن الروس حرموا القوات الموالية للأسد عمداً في حلب من تأمين الغطاء الجوي، بسبب أجندات متضاربة بين الحلفاء، يعتقد مصطفى أحمد، وهو مقاتل من الثوار في جيش الفتح في حلب، بأن غياب الضربات الجوية الروسية كان السبب الرئيسي وراء خسائر حزب الله، إذ قال "على الرغم من أن الاستخدام الواسع النطاق لقذائف الهاون والسيارات المتفجرة التي ساهمت في ارتفاع عدد الإصابات في صفوف مقاتلي حزب الله، فقد كان السبب الرئيسي يعود لغياب الدعم الجوي الروسي عن الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران"، وبالمثل، فقد ورد عن أنصار حزب الله اتهامات لروسيا بسبب الخسائر المتزايدة للحزب، بينما انتقدوا موسكو علناً لعدم استخدام القوة الجوية لحماية مقاتلي الحزب.
إن الإنهاك بين مقاتلي حزب الله، الذين ينتشرون على جبهات عدة في سوريا، كان قد ساهم أيضاً في الارتفاع الأخير في عدد خسائره، وقال علي السعدي القائد الميداني في الميليشيا الشيعية العراقية التي تدعى بحركة "النجباء"، والتي تنشط في سوريا والعراق لصحيفة القدس العربي، بأن حزب الله طلب تعزيزات عاجلة من ميليشيات التعبئة الشعبية العراقية لدعم مقاتليه في حلب، بينما ربط السعدي هذا الطلب بزيادة عجز حزب الله عن القتال بشكل فعال في حين ينشط مقاتلوه في عمليات متعددة في أنحاء سوريا، وأضاف بأن الحكومة الروسية أبلغت نظيرتها السورية بأن الضربات الجوية لدعم حزب الله قرب حلب لن تكون ذات جدوى إلا إذا كان هناك ما يكفي من الجنود على الأرض لتأمين المناطق التي تأخذ من الثوار.
وعلى الرغم من أن عدم وجود ما يكفي من المقاتلين كان قد ساهم في ارتفاع خسائر حزب الله، ولكن من غير المحتمل أن يكون هذا هو السبب الرئيسي وراء الارتفاع في عدد خسائره، فقد كتب رئيس التحرير في جريدة الأخبار إبراهيم الأمين يوم 17 يونيو/حزيران بأن إيران وروسيا وسوريا اتفقوا على خطة عمل لمعركة كبيرة في محافظة دير الزور حيث سيلعب فيها حزب الله دورا رئيسياً، وإن كان هذا الادعاء صحيحاً، فإنه يدحض تفسير السعدي ويوضح أن حزب الله مستعد ولديه الوفرة البشرية لتوسيع عملياته في جبهات جديدة في سوريا.
إن التفسير الأكثر ترجيحاً وراء العدد الكبير للقتلى، هو أن روسيا لم تكن مشتركة عندما شن النظام السوري وإيران هجومهم على حلب، بينما صرّح نصر الله بأن القتال بالقرب من حلب ضروري "للدفاع عن ما تبقى من سوريا ولبنان والعراق والأردن".
ومع ذلك، يبدو بأن حزب الله لم يكن قادراً على إقناع روسيا بتقديم الدعم الكامل له في هذه المعركة، وكما كتب مصطفى فحص الزميل السابق في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية "إن أحدث خطاب لنصر الله كشف عن فشل ايران في إقناع موسكو للانضمام الكامل إليها في معركة استعادة السيطرة على حلب وريفها من المعارضة"، كما نقلت وكالة انترفاكس الروسية للأنباء أيضا عن سفير روسيا لدى سوريا قوله بأنه لا يتوقع بأن قوات النظام السوري ستقوم بشن هجوم على المدينة في المستقبل القريب.
ومع ذلك، يبدو بأن إيران كان لديها خطة معينة لتغيير الموقف الروسي، ولكن استراتيجيتها أتت بنتائج معكوسة عن تلك النتائج المرجوة، وقال دبلوماسي غربي مقيم في لبنان، والذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته "أن إيران تحاول جر روسيا إلى حلب عن طريق بدء حرب هناك وحدها، آملة بأن التطورات على الأرض من شأنه أن تدفع في وقت لاحق الروس للانضمام، ومع ذلك، يبدو بأن حزب الله هو من دفع الثمن الباهظ لمقامرة إيران الخاسرة".
لقد أعلن حسن نصر الله في الخطاب نفسه قائلاً "لقد كان علينا أن نكون في حلب، وسنبقى في حلب" وتعهد حتى بزيادة وجود قوات الحزب هناك واصفاً التراجع بأنه "غير جائز"، ومع ذلك، يبدو بأن زعيم الحزب يتجاهل كلياً التطورات الأخيرة في العلاقات ما بين روسيا وتركيا، الأمر الذي قد يقلل من المشاركة الروسية في حلب، والذي يمكن أن يؤدي بدوره إلى زيادة خسائر الحزب هناك بشكل أكبر وأكثر.