ماذا فعل حافظ الأسد بالعلويين في ذكرى مماته؟ - It's Over 9000!

ماذا فعل حافظ الأسد بالعلويين في ذكرى مماته؟

Atlanticcouncil - ترجمة بلدي نيوز
خلال شهر حزيران الماضي مرت الذكرى السادسة عشرة لوفاة الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، ذلك الرجل الذي وضع بذرة الحرب الدامية الدائرة حالياً في سوريا، ولا تزال تداعيات سياساته السابقة، حاضرة في هذه الحرب في سوريا، إذ عمل حافظ الأسد وبشدة على دعم طائفته العلوية وبقية الأقليات، وذلك لضمان تأييد هذه الأقليات له كثقل موازن للطائفة السنية، ولقد عُرِفَ الأسد بمحسوبيته لأولئك الذين دعموه، لدرجة أن الطائفة العلوية تورطت في علاقة بقاء متبادلة مع النظام، يصعب جداً الفكاك منها.

 

وقد نشرت العديد من المواقع والصحف في العاشر من شهر حزيران العديد من التقارير، التي أبرزت المجازر الدامية التي ارتكبها حافظ الأسد في فترة توليه للسلطة في سوريا، كمجزرة تل الزعتر في حزيران 1976، عندما نفذت قوات الأسد والميليشيات المارونية برئاسة بيير الجميّل، حصاراً على مخيم تل الزعتر للاجئين الفلسطينيين، شمال شرق العاصمة اللبنانية بيروت، ومجزرة سجن تدمر في 27 حزيران في عام 1980 وذلك عقب محاولة اغتيال فاشلة للأسد الأب في قصره، وكانت تلك المجزرة على يد أخيه المنفي رفعت الأسد، في حين كانت أبرز مجزرة ارتكبها الأسد الأب هي مجزرة حماه في شباط 1982 ضد الإخوان المسلمين، عدوه السياسي اللدود، حيث قتلت قوات الأسد أكثر من 30 ألف شخص خلال محاصرة المدينة وقصفها بالمدفعية والغارات الجوية، ثم دخولها لدحض أي مقاومة.


لقد أبعدت هذه المجازر الطائفة السنية عن المجال السياسي العام، في حين حاول حافظ الأسد إظهار نفسه ونظامه كحامٍ للأقليات، ومن ناحية الإخوان المسلمين، فقد عززت خطابهم ضد الطائفة العلوية وتكفيرهم لهم، مثيرة النزعة الطائفية، التي استغلها حافظ الأسد لتثبيت قاعدة شعبيته.

واجتذب حافظ الأسد، قبل بشار الأسد، الكثير من أبناء الأقليات ولا سيما الطائفة العلوية، وذلك  لضمان استمرار نظامه، إذ تعتمد هذه الأقليات على حماية النظام، ويعتمد النظام على دعم تلك الأقليات، بل وصلت هذه العلاقة إلى علاقة بقاء متبادلة لا فكاك منها، لأن الأقليات لن تترك النظام، خشيةً من رد فعل التنظيمات السنية المتطرفة، وهو العامل الأساسي الذي حدد عدد المنشقين من الحكومة والجيش ضد النظام خلال الحرب الدائرة في البلاد.


كما قام حافظ الأسد بنقل العديد من أبناء الطائفة العلوية من أرياف الساحل إلى العاصمة دمشق، حيث توجد الحضارة والسلطة والمال، وبقي القسم الكبير منهم في قرى وجبال الساحل، وقام نظامه أيضاً بإقصاء عائلات علوية كبيرة ذات ثقل عن المنافسة، وتعد أبرز هذه العائلات عائلة "جديد" وعائلة "العلي" والتي ينتمي إليها المناضل العلوي ابن مدينة طرطوس "صالح العلي."

وتمكنت عائلات مقربة من عائلة الأسد من بناء امبراطوريات عملاقة من المال والنفوذ، وهي نفسها العائلات التي استفادت من الحرب السورية بكل مراحلها، ولعل أبرز هذه العائلات هي عائلة مخلوف القريبة من عائلة الأسد، وأبرز وجوهها الذي ظهر في الإعلام رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد، حيث يملك العديد من الشركات الكبيرة في سوريا، أبرزها الشركة السورية للاتصالات "سيرياتيل" والشركة السورية القابضة، ومعظم الشركات التي تستورد السيارات هي إما مملوكة لمخلوف أو على شراكة معه، ولعل أهم هذه الشركات هي شركة "أجنحة الشام" للطيران، وهناك عائلات أخرى تسيطر على المفاصل التجارية في الدولة، مثل عائلة معلّا، وخير بيك ومهنّا، وجميعها تنحدر من القرداحة ومحيطها الصغير، التي هي مسقط رأس حافظ الأسد، كما أن هناك عائلات أخرى عرفت بالمافيات إلى جانب عائلة الأسد، ومنها عائلة شاليش وجابر، حيث حوّلت هذه العائلات القرداحة إلى منطقة لا تسري عليها القوانين والدستور السوري، فيما لا تزال عشرات القرى العلوية في أرياف جبلة وطرطوس تعيش بدون مرافق صحية أو خدمات أساسية، ولا يزال سكانها يعانون من فقر مدقع.


لقد ساعد فقر هذه المناطق النظام في بناء قاعدته العسكرية هناك، حيث أن العلويين اعتبروا الجيش الطريق الوحيد لتحسين حياتهم، ولا يستطيع الكثير منهم دفع أي تعويض للخدمة، وعلى العكس من ذلك، فيما كانت الطبقة الوسطى والتي ينتمي معظمها للطائفة السنية، تنظر إلى الجيش نظرة دونية، وكان بمقدورهم دفع تعويض مالي عن الخدمة العسكرية.


وعلى مدار السنوات الماضية كان الشباب العلوي ينخرط في الوظائف الأمنية التي توفر له دخلاً جيداً وسلطة مقبولة، وكانت نسبة الضباط والأفراد العلويين في بعض الأفرع أحياناً تتجاوز عتبة الـ 90%، وبسبب هذا الانخراط الكبير، يوجد في كل مدينة من مدن الساحل لوحة كبيرة تحتوي على صور وأسماء ضباط وعناصر من العلويين، قتلوا خلال معاركهم مع المعارضة السورية، وهذه اللوحات يتم تحديثها بشكل شبه يومي.


واستطاع بشار الأسد نجل حافظ، أن يصنع من العلويين مجموعات مسلحة على شكل مليشيات مؤيدة للنظام، حيث وجد هؤلاء بأن خدمة سلطة الابن بالإضافة للنفوذ والمال الذي سيحصلون عليه قد يرفع من شأنهم وينتشلهم من حالة الفقر المدقع والتخلف الذي وضعهم فيه الأسد الاب، ويُطلق على تلك المليشيات المسلحة التي حملت السلاح لقتال المعارضة اسم "شبّيحة" وبات الاسم متداولاً على نطاق كبير.


وقد تورط بعض العلويين في خدمة النظام تورطاً يتفوق على ولائهم لبلدهم، كما يظهر في حالة سهيل الحسن، أحد الضباط العلويين، الذي يُقال بأنه مخترع سلاح البراميل المتفجرة التي تلقيها الطائرات الحربية للنظام ومروحياته على السكان والمدن في مناطق سيطرة المعارضة، إذ وفّر بذلك على خزينة بشار عشرات الملايين من الدولارات كان سيتم دفعها لشراء صواريخ وأسلحة اخرى.


وأصبح من المستحيل وجود منازل لا يوجد فيها قتلى أو معاقين لأبناء الطائفة العلوية في مدن وبلدات الساحل، وهو ما يعطي الفرصة لنظام بشار الأسد للحفاظ على دعم الطائفة العلوية له، من خلال التركيز على النزعة الطائفية، وكما حصل في تفجيرات جبلة وطرطوس الأخيرة، فقد تم السماح بإطلاق شعارات مناهضة للسنة وسط العلويين، وتحويل كل سني في مدن الساحل إلى مشتبه به، بغض النظر عما إذا كان مؤيداً أو معارضاً، ولعلّ حادثة الجندي، الذي ألقي القبض عليه من قبل المليشيا العلوية في وقت التفجيرات، مثال واضح، حيث اُتهم الجندي بأنه إرهابي، ثم تبين فيما بعد بانه جندي يقاتل في صفوف الجيش السوري، وبثت قناة العالم الإيرانية مقابلة معه يشرح الطريقة واللهجة الطائفية التي أهانته وجعلت منه مشروع إرهابي.


ويعيش أبناء الطائفة العلوية الآن في أجواء من الحزن بسبب الأوضاع التي وصلوا إليها، وباتت نسبة كبيرة منهم تتحدث عن الوطن فقط، في حين أنهم كانوا يختزلوه في السنوات الماضية فقط في شخص بشار وعائلة الأسد، إذ أصبحوا يدركون حجم المعاناة التي وصلت إلى كل أرجاء سوريا، ويعلمون جيداً بأن بشار حوّل سوريا بعظمتها إلى ركام، ولكن المعارضة على الجانب الآخر لم تقم بتقديم أي رؤية سياسية مشتركة، من أجل إقناعهم بأنه لا بد من العيش معاً في المستقبل، على الرغم من تواجد سياسيين بارزين في صفوف المعارضة يمكن أن يقوموا بهذا الأمر مثل السيد منذر ماخوس.

مقالات ذات صلة

مبعوث ألمانيا إلى سوريا يجري محادثات مع شخصيات بالطائفة العلوية

"معاذ الخطيب" يعلن عن مبادرة جديدة للحل في سوريا

لماذا سمح بشار الأسد لعمه رفعت بالعودة إلى سوريا؟

أشرس ضباط حافظ الأسد في حلب والمسؤول عن قتل وتعذيب المئات.. وفاة اللواء عمر حميدة

انشقاق العلويين في الساحل.. "الحيدريون" يدعون لمظاهرات ضد فساد "الدولة"

صحيفة لوموند: غضب الأقليات على الأسد تحذير خطير للدكتاتورية في سوريا

//