قادة إيران مختلفون حول دعم الأسد - It's Over 9000!

قادة إيران مختلفون حول دعم الأسد

The National Interest – (ترجمة بلدي نيوز) 
هناك تطوران هامان في إيران يشيران إلى دلائل على انقسام القيادة الإيرانية منذ عام 2011 على الأقل، الأولى إقالة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لحسين أمير عبد اللهيان ونائبه للشؤون العربية والإفريقية، حيث كان أمير عبد اللهيان قد قاد جهود ايران الدبلوماسية لحل الأزمة في سوريا، وبعد أقل من يوم واحد، يوم الاثنين في ال 20 من حزيران، أصدر اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، بياناً غاضباً وصريحاً هدد من خلاله حكام البحرين، معلنا بأنهم سيدفعون ثمناً باهظاً لقرارهم في سحب الجنسية من الشيخ عيسى قاسم، الزعيم الروحي للأغلبية الشيعية في البحرين.
في الواقع تلك التطورات التي قد تبدو غير ذات صلة، ترتبط بإحكام فيما بينها، فهي تمثل مظهراً آخر من مظاهر الصراع العنيف على السلطة في إيران ما بين الرئيس روحاني وأنصاره الإصلاحيين والمعتدلين، والمتشددين المقادين من قبل القيادة العليا للحرس الثوري الإيراني والمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، والأهم من ذلك، فإنها أيضا تسلط الضوء على الخلاف العميق في قيادة الجمهورية الايرانية حول مصير سورية، وبشكل أكثر تحديداً، مصير بشار الأسد.
إن تلك الصورة التي قُدمت في الغرب حول تدخل إيران في سوريا ودعمها لحكومة الأسد بكونها وعلى الرغم من العديد من الصدوع على القضايا الداخلية، توحد القيادة الإيرانية تماماً عندما يتعلق الأمر بمصالح إيران الاستراتيجية في المنطقة، ولا سيما سوريا وحزب الله اللبناني، هي في الواقع بعيدة كل البعد عن الواقع، على غرار القضايا الأخرى كلها تقريباً، فقد كان هناك دائما خلاف بين المعتدلين والإصلاحيين من جهة، والمتشددين من جهة أخرى.
وعلى الرغم من أن هناك تكهنات على نطاق واسع، سواء في إيران أو في الصحف العربية، حول إمكانية إزاحة ظريف لأمير عبد اللهيان بشكل كامل من منصبه، فإن إقالته لا تزال تثير ردود فعل غاضبة من قبل المواقع المتشددة ووسائل إعلامها، مسلطة المزيد من الضوء على الشرخ في القيادة الإيرانية، واصفة إياه بأنه "دبلوماسي ثوري" بينما أعلن موقع المشرق الإلكتروني والذي يسيطر عليه الحرس الثوري الإيراني، بأن أمير عبد اللهيان كان "تجسيداً لدبلوماسية الثورة الإسلامية" بينما أعرب علاء الدين بروجردي، المسؤول المتشدد في اللجنة البرلمانية للأمن القومي والسياسة الخارجية، عن استيائه بشأن قرار الإقالة، كما أصدرت فروع ميليشيا الباسيج في ست جامعات في طهران، وهي مجموعات شبه عسكرية تقع تحت سيطرة الحرس الثوري، بياناً اتهمت فيه ظريف في الرضوخ لضغوط الدول العربية والولايات المتحدة لإقالة أمير عبد اللهيان، ورفض ظريف ذلك الاتهام والارتباط المزعوم.
إن بيان قاسم سليماني حول البحرين، البلد الواقعة خارج حدود "نفوذه" في الشرق الأوسط،  يجب على الأقل أن ينظر إليه جزئياً كرد فعل من الحرس الثوري الإيراني على إقالة أمير عبد اللهيان، الخبير في شؤون العراق، والمقرب من الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس، الذي كان نائبا لسفير إيران في العراق منذ 1997-2001، ونائب المبعوث الإيراني الخاص للشؤون العراقية 2003-2005 وذلك في ذروة الغزو الأمريكي للبلاد، وكذلك مدير القسم العراقي الخاص في وزارة الخارجية الإيرانية 2005-2007 والمساعد الخاص لوزير الخارجية للشؤون العراقية 2003-2006، خلال تلك الفترة كان السفير الايراني لدى العراق حسن كاظمي قمي، الضابط في الحرس الثوري وفيلق القدس والذي عمل عن قرب مع أمير عبد اللهيان، والذي تتجلى علاقته الوثيقة بالمتشددين بحقيقة أنه في حين كان يعمل خلال فترة إدارة روحاني في مكتب ظريف، ونائب الرئيس عباس عراقجي واللذان كانا قد تعرضا لانتقادات همجية من قبل المتشددين، ولم يتم انتقاد أمير عبد اللهيان ولو لمرة واحدة.
وعلى غرار جميع المتشددين، كان أمير عبد اللهيان حاداً وتصادمياً، وبحسب ما ورد عن دبلوماسيين عرب، فقد اشتكوا مراراً من لهجته "غير الدبلوماسية" في اللقاءات الدبلوماسية، وكانت هناك تكهنات واسعة في طهران بأن إقالة أمير عبد اللهيان إشارة أخرى إلى دور الدول العربية في الشرق الأوسط وبأن إدارة روحاني مستعدة لتحسين العلاقات الإيرانية معهم.
وقد صرّح روحاني ردّا على انتقادات الحرس الثوري لإقالة أمير عبد اللهيان من منصبه، بسخرية بأنه "لسوء الحظ، بعض الذين لم يخوضوا الحرب أو ثورة عام 1979 يتشدّقون بالثورة والوطن بشكل يفاجئ الشعب، إن كنا نريد ترديد الشعارات، لا ينبغي لنا أن نفعل ذلك على حساب الشعب". وتجدر الإشارة أيضا إلى أنه في حين أدان الجنرال سليماني سحب جنسية الشيخ قاسم، إقترح رفيقه في السلاح، وقائد الباسيج العميد محمد رضا نغدي سحب جنسية المواطنة من قادة الحركة الخضراء رئيس الوزراء الإيراني السابق مير حسين موسوي وزوجته الدكتورة زهرة رهنورد والرئيس السابق لمجلس الشورى مهدي كروبي.
كما أن الخلاف على المسألة السورية يشتد أكثر من أي وقت مضى منذ بدء الحرب هناك في عام 2011، ففي حين أن المتشددين في إيران يحثون الأسد على الرد بقوة واتخاذ إجراءات صارمة ضد المعارضة، مستخدماً كل أشكال العنف إذا لزم الأمر، لإخماد "الثورة" الشعبية، حيث قام الحرس الثوري بفعل الشيء نفسه في إخماد الحركة الخضراء السلمية والديمقراطية في إيران خلال 2009-2010، وبالتالي أوصي بفعل الشيء ذاته لحكومة الأسد، من الناحية الأخرى، يحث الإصلاحيون والمعتدلون في إيران، حيث كان الغالبية العظمى منهم من مؤيدي الحركة الخضراء، على الحذر من الدعم الذي تقدمه إيران لبشار الأسد.
وهكذا، فإن الصدع الكبير في هرم السلطة الإيرانية حول سوريا مرتبط بمصير الأسد، إذ يصر المتشددون على دعم الأسد حتى النهاية، وذلك بتقديم مليارات الدولارات لنظامه من المساعدات، وإرسالهم للمستشارين العسكريين وقوات حزب الله اللبنانية، والميليشيات الشيعية من غير الإيرانيين، وتدريبهم وتسليحهم من قبل الحرس الثوري الإيراني، وفي الوقت نفسه، فإن القادة المتشددين من الواضح بأنهم راغبون بشدة بإبقاء الأسد في السلطة، لأنهم يعتقدون أنه إذا ما رحل، فإن سوريا، أو على الأقل الجزء الاستراتيجي الأهم بالنسبة لإيران- معقل العلويين على ساحل البحر الأبيض المتوسط، اللاذقية، طرطوس، وغرب البلاد على الحدود مع لبنان وإسرائيل، ستسقط في أيدي القوى السنية المتطرفة المعادية لإيران، ومن شأن ذلك أن يؤدي ليس فقط إلى فقدان سوريا، كما سيؤدي إلى إضعاف كبير لحزب الله، والذي يعتبره المتشددون الإيرانيون الخط الدفاعي الأول لهم.
وعلى الرغم من دعوات الرئيس أوباما وزعماء غربيون آخرون لتنحي الأسد عن السلطة، فقد واصل المتشددون في إيران تقديم الدعم الشعبي له، وصرح الجنرال حسن فيروز أبادي رئيس أركان القوات المسلحة الايرانية في مايو بأن "الأسد سيظل في السلطة". و قال أمير عبد اللهيان نفسه ولمرات عديدة بأن الأسد سيبقى في منصبه، وأن إيران لن توافق على فترة محددة يتنحى في نهايتها الأسد من السلطة، و كان الجنرال سليماني من سافر إلى موسكو في يوليو 2015 لتحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه ما لم تتدخل روسيا عسكرياً، فإن نظام الأسد سينهار قريباً، بينما قال خامنئي مرارا وتكرارا بأن الحرب في سوريا هي في الواقع حرب ضد إيران، وبالتالي فإنها حرب تطال الأمن القومي الايراني.

ولكن الإصلاحيين والمعتدلين أعربوا أيضاً عن معارضتهم لتلك السياسة التي تربط إيران بمصير الأسد، فيما يقولون بأنه، في حين أن من الأهمية الاستراتيجية منع سوريا من الوقوع في أيدي الجماعات السنية المتطرفة، فليس من الحكمة الإصرار على إبقاء الأسد في منصبه بعد حرب وحشية طويلة راح ضحيتها مئات الآلاف من المدنيين.
وفي لقاء مع مجموعة من الناس من محافظة أصفهان في وسط إيران في سبتمبر من عام 2013، انتقد رفسنجاني الحكومة السورية بشدة، قائلا: "إن الشعب السوري عانى كثيراً خلال العامين الماضيين، أكثر من 100،000 قتلوا حتى الآن، آلاف منهم قد شردوا، بينما تفيض السجون بالأبرياء وحتى أن الحكومة السورية حولت الملاعب إلى السجون، لقد عانى الشعب السوري من هجمات كيماوية من قبل حكومتهم، والآن عليهم انتظار قنابل الولايات المتحدة لتخلصهم،" في إشارة منه إلى تهديد الرئيس أوباما بمهاجمة القوات السورية، إذا ما ثبت أن ضلوع نظام الأسد باستخدام الأسلحة الكيميائية، لقد أثارت تصريحات رفسنجاني تلك ردود فعل غاضبة من المتشددين، ومنذ تصريحات رفسنجاني تلك، وجد الإصلاحيون والمعتدلون الإيرانيون سبلاً للتعبير عن رفضهم للمتشددين.

 وبالنظر إلى أن روسيا هي الداعم الرئيسي العسكري لنظام الأسد، وحقيقة أن بوتين وخامنئي لديهم علاقات وثيقة، فإن الإصلاحيين والمعتدلين ينتقدون بشدة روسيا وبوتين كوسيلة لإظهار معارضتهم لسياسة المتشددين نحو الأسد، ففي موقع كلمة، الموقع الإلكتروني الإصلاحي والذي يستخدم ليكون قريباً من موسوي، ينتقد باستمرار روسيا وسياستها اتجاه سوريا وعمليات الحرس الثوري هناك، لقد كان موسوي، رهنورد وكروبي قيد الإقامة الجبرية الصارمة منذ فبراير 2011، وبالتالي فإنه ليس من الواضح ما إذا كان موقع كلمة يعبر عن وجهات نظر موسوي، فيما تفعل كذلك العديد من المواقع الأخرى وغيرها من المطبوعات التي تدعم الإصلاحيين والمعتدلين.
ومع ارتفاع خسائر الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس في سوريا، رفع الإصلاحيون والمعتدلون من صوتهم أعلى، وقبل أسبوعين، انتقد ماجد الأنصاري، نائب روحاني للشؤون البرلمانية، بشدة المتشددين، واتهم إدارة روحاني بكونها ليست "ثورية بما فيه الكفاية" وفي سياق هذا الاتهام، دعا الأنصاري المتشددين لإظهار حماستهم الثورية من خلال الذهاب إلى سوريا والقتال من أجل نظام الأسد بسبب "مائدة الاستشهاد المتاحة هناك"، في إشارة منه إلى سقوط خسائر كبيرة من الحرس الثوري وفيلق القدس في سوريا، ومما يعني ضمنياً بأن الإصلاحيين والمعتدلين ليسوا على استعداد للقيام بأمر مماثل.
في نهاية المطاف، فإن مصير بشار الأسد يجب أن يقرر من قبل الشعب السوري وحده، من خلال انتخابات ديمقراطية ودون أي تدخل خارجي، بعد فترة من السلام، ولكن وحيث من المتوقع أن تكثف الحرب في سوريا خلال الأشهر القليلة القادمة، ومن المهم إدراك أن القيادة الإيرانية ليست موحدة حول مصير الأسد، هذه حقيقة هامة قد تساعد على تجاوز الخلافات ما بين إيران وروسيا من جهة والولايات المتحدة وحلفائها من جهة أخرى.

مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى حشد الدعم الإقليمي والدولي لسوريا

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

//