هل تسقط ديرالزور؟ - It's Over 9000!

هل تسقط ديرالزور؟

بلدي نيوز (خاص)
خط المعارك المستعر من حلب السورية إلى الفلوجة العراقية، مروراً بالرقة وديرالزور والمدن السورية والعراقية الأخرى، يشهد الكثير من التغيرات والمناورات المختلفة، التي تحمل معها الكثير من التأثيرات على مستقبل المنطقة.
فالمائة العام المقبلة من تاريخ العالم ترسم الآن بالفولاذ والنار في ذلك النطاق الجغرافي، الذي يشكل بكامله ساحة معركة مفتوحة على كافة الأطراف والتطورات، وتعتبر عنصراً مهماً في استراتيجيات معظم دول العالم الكبرى.
المعارك المفتوحة حالياً والتي ستفتح خلال الأشهر المقبلة، سينتج عنها إعادة توزيع النفوذ من جديد على الأطراف الفاعلة في المنطقة، والتي تشمل بشكل أساسي الميليشيات الكردية والنظام وتنظيم الدولة الإسلامية والثوار، حيث تسعى أمريكا لتسليم الرقة للميليشيات الكردية لإعلانها عاصمة لدولتهم، وتسليم حلب بمساعدة الروس والإيرانيين للنظام، ودعم النظام لاستعادة محيط دمشق، في مسعى للقضاء على الثورة وتطهير المنطقة من السنة العرب والسنة التركمان، والذين كانوا الهدف الأساسي والمقصود الأول لجميع عمليات التهجير في سوريا والعراق خلال السنوات الماضية.
ففي حين تسعى الميليشيات الكردية المدعومة أمريكيا وروسيا للتقدم في شمالي الرقة، في معركة يبدو أنها ستكون دامية وعنيفة للحد الأقصى وستكلفها خسائر هائلة لا تستطيع تعويضها بسهولة، في ظل استشراس التنظيم في الدفاع عن عاصمته، والدعم العسكري والجوي الهائل الذي تتلقاه الميليشيات الكردية، التي تهدف للسيطرة على المدينة وتهجير أهلها، الذين يشكلون كتلة عربية سنية ضخمة في المنطقة، تناهز بعددها عدد الأكراد في المنطق التي تسيطر عليها الميليشيات الكردية شمالي سوريا، والتي تشكل خطراً كبيراً على مشروع "الدويلة الكردية" المدعوم أمريكياً في المنطقة.
الرقة-ديرالزور
يبدو أن التنظيم ينفذ استراتيجية عميقة في الساحة السورية، تهدف لاستنزاف القوى المواجهة له، بداية بالنظام والميليشيات الكردية والثوار، وصولاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، والتي بدأت مع بعض الدول الأوربية كفرنسا بالشكوى من استنزاف مخزونات قنابل الطائرات الموجهة من أكثر من نوع، حسب ما صرح بذلك قائد العمليات الجوية الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال "تشارلز براون"، هذا الاستنزاف الذي لم يحدث له شبيه خلال العديد من الحروب الأمريكية في المنطقة وفي البلقان، والناجم عن اتساع ساحة المعارك، وكثافة الاستخدام ضد التنظيم، الذي وزع قواته في وحدات صغيرة جداً، تسبب هذا التكتيك في إجبار التحالف على استخدام ذخائر باهظة التكلفة، ضد أهداف صغيرة تصل أحياناً لمجرد سيارة بداخلها عنصر أو عنصران فقط للتنظيم.
إضافة للاستنزاف البشري وبخاصة للنظام والميليشيات الكردية، التي بدت الخشية من الخسائر البشرية لديها واضحة بعد معركة عين العرب، التي تعرضت فيها هذه الميليشيات لضربات موجعة جداً، دفعتها لاحقاً لفرض قانون التجنيد الإلزامي في المناطق التي تسيطر عليها، وخشيتها الكبيرة من معركة الرقة، التي يتوقع أن تتكبد فيها خسائر كبيرة، خصوصاً أنها معركة في بيئة مختلفة عن ما سبقها من معارك، والتي ستجبر فيها الميليشيات الكردية على الدخول في معارك واشتباكات مباشرة، بسبب عدم قدرة الطيران على تقديم الدعم الكامل في الكثير من المناطق، التي تنوي التقدم خلالها شمالي الرقة.
تظهر أقسى حالات الاستنزاف التي تواجهها قوات النظام في أحياء مدينة ديرالزور المحاصرة، والتي نشر خبر عابر منذ يومين عنها يتحدث عن إلقاء طائرات الشحن شحنة من براميل الوقود "المازوت" تحديداً للمدينة، في خبر قد يكون عادياً عابراً،  لكنه خبر ذو معنى كبير، وقد يكون مقدمة لأمور أكبر وأخطر، كما يقول مصدر عسكري لبلدي نيوز.
فالمدينة يسيطر التنظيم على ثلثي أحيائها، ويوجد عدة أحياء غربي المدينة وأقصى شرقها بيد النظام، إضافة للمطار العسكري أقصى شرق المدينة، ومعسكر الطلائع غربها إضافة للواء 137.
الأحياء التي يسيطر عليها النظام تقبع حالياً تحت حصار خانق منذ عام ونصف، حيث أجبر النظام بسبب الحصار على الاعتماد على طائرات الشحن، التي كانت تجلب له الإمدادات وتنقل جثث قتلاه ومعوقيه، والتي توقفت منذ فترة طويلة بسبب تقدم التنظيم، الذي أصبح قادراً أكثر على استهدافها لتصبح الطائرات المروحية الوسيلة الأساسية للنظام للنقل، والتي لا تتعدى حمولتها ثلاثة أطنان بالحد الأقصى.
الفترة الطويلة للحصار يبدو أنها أدت لاستهلاك مخزونات النظام الأساسية من الوقود، وعدة أنواع من الذخائر والتي ألقتها طائرات الشحن الإيرانية والروسية لقوات النظام، والتي سقط بعضها في مناطق التنظيم وبينها قذائف دبابات مضادة للأفراد.
لتأتي الآن شحنة الوقود، التي أكدت أن مخزون النظام من الوقود على وشك النفاد، الأمر الذي تؤكده أخبار توقف محطات ضخ المياه، والتي أدى توقف عملها لانقطاع المياه عن المدينة.
شحنة الوقود التي وصلت للنظام تعني أنه إذا توقف الدعم الجوي له في المدينة، سواء بالغارات الجوية أو بالإبرار الجوي، فإنه سوف يخسر الأحياء التي يسيطر عليها بسرعة، بسبب عدم قدرته بالدرجة الأولى على تشغيل آلياته الثقيلة فيها من دبابات وسيارات وعربات مصفحة، وحتى مولدات الكهرباء ومحطات ضخ المياه، والتي تعني أن مقومات الحياة والقدرة القتالية للنظام تتناقص تدريجياً في ما تبقى له من المدينة، وقواته مؤهلة هناك للانهيار في أي لحظة.
يضاف إليها إسقاط طائرة مروحية للنظام مؤخراً بالقرب من المدينة، ما يعني أن التنظيم أصبح يشرف أكثر على المطار، وفي حال استطاع منع هبوط الطائرات المروحية أو تخفيضه للحد الذي يسمح بعدم تجديد مخزونات النظام بنفس معدل تأكلها، فإن النظام سيقترب أكثر من الانهيار في المدينة.
استنزاف بشري
يحكم التنظيم السيطرة أكثر مما مضى على جبل "الثردة"، الذي تدور حوله معارك مع النظام وبالقرب من حاجز البانوراما، والتي تعتبر معارك استنزاف بشري ومعنوي للنظام، الذي وصلت به الحاجة للجنود إلى استخدام معتقلي أقسام المخدرات في أكثر من سجن يسيطر عليه، والذين أرسلوا تحديداً إلى دير الزور ليذبحوا هناك، بسبب عدم قدرة النظام على تعزيز قواته فيها.
يضاف إلى ذلك حملة الاعتقالات بهدف التجنيد القسري في المدينة، والتي توحي أن النظام يعاني بشكل حقيقي في تأمين العناصر البشرية للدفاع عن ما تبقى له من مناطق، والتي تتأكل تدريجياً ويصبح استردادها أصعب، وهذا ملاحظ مع جبل الثردة الذي لم يسترجعه هذه المرة بعد، في ما يمكن اعتباره بسبب العجز عن شن هجمات كبيرة كافية لاسترجاعه، على عكس المرات السابقة التي شن فيها هجمات ضخمة لاسترجاعه.
سقوط النظام في ديرالزور أصبح وشيكاً أكثر مما مضى، وليس بإمكان النظام الدفع بقوات لفتح طرق تدمر ديرالزور، لأنها ببساطة ستكون عملية انتحارية في صحراء مترامية لمسافة تتجاوز 200 كم، تتحول فيها الأرتال إلى طرائد لكمائن التنظيم، الذي سيفتك بقوات الأسد، فليس أمام النظام سوى تقديم الدعم الجوي بمساعدة الأمم المتحدة، التي أصبحت تلقي المساعدات "الانسانية" للمناطق التي يسيطر عليها النظام في المدينة، متجاهلة العشرات من المناطق التي يحاصرها النظام في مدن أخرى غرب سوريا، و بخاصة حلب وريف دمشق.
سيطرة التنظيم على مدينة ديرالزور، وفق المصدر العسكري، ستكون ضربة موجعة لبوتين والنظام والميليشيات الكردية، والتي ستعني أن تنظيم الدولة سيؤمن خطوطه الخلفية بسيطرته على المدينة، ويضمن عدم وجود قوة للنظام قد تهاجمه من الخلف، وسيؤمن خطوط مواصلاته من العراق باتجاه حلب بشكل أفضل، وقد يتهيأ لشن هجمات مضادة على الميليشيات الكردية التي تسيطر أجزاء واسعة من الحسكة، وبدأت بالظهور في ريف ديرالزور الشمالي، وربما شن هجمات باتجاه معبر التنف أو تدمر، ما يعني أن كل ما كسبته روسيا في البادية السورية قد يتبخر خلال أشهر الصيف القادمة، وسيستطيع التنظيم سحب قسم كبير من قواته المرابطة في خطوط التماس في ديرالزور باتجاه ريف حلب الشمالي والرقة،  وربما الجنوب السوري أو الفلوجة والرمادي، وقد يشن هجوماً مضاداً في شمالي الرقة وربما الحسكة أو الفلوجة، يكون كفيلاً بهز الميليشيات الكردية والنظام والحشد الشيعي بشكل كبير، وإجبارهم للانتقال من وضع الهجوم لوضع الدفاع من جديد.

مقالات ذات صلة

الرقة.. هروب جماعي لعناصر "قسد" من مدينة الطبقة

وزيرة الخارجية الألمانية تدعو إلى نزع سلاح (قسد)

قسد تقترح حلا لمدينة عين العرب شمال شرق حلب

تطورات مناطق دير الزور والرقة والحسكة

"قسد" تعلن فشل الوساطة لخفض التصعيد في منبج وعين العرب

ماذا تضمنت مبادرة "قسد" لإدارة الدولة السورية؟

//