لماذا لا يرغب أوباما في الاستماع إلى خبراء الملفّ السّوريّ؟ - It's Over 9000!

لماذا لا يرغب أوباما في الاستماع إلى خبراء الملفّ السّوريّ؟

بروكينجز – ترجمة بلدي نيوز


سياسة الولايات المتحدة اتجاه سوريا مذهلة، إن لم تكن كانت كئيبة، فمعظم أصدقائي وزملائي الذين يعملون في سوريّا، إن لم يكن كلهم، هم في الواقع بحيرة تامّة من نهج الرئيس أوباما إزاء الصّراع السوري.
فالمقاومة الواضحة للإدارة الأمريكيّة، لإعادة التفكير في سياساتها، على الرغم من التغيّر السريع للأحداث على الأرض في سورية، تثير عدداً من الأسئلة الصعبة، وخاصة لشخص مثلي، يعمل في مركز أبحاث: عندما يبدو التوجّه الأساسي في السّياسة الامريكية راسخاً، وذلك بغضّ النظر عن الأحداث التي تجري على الأرض، فكيف ينبغي أن يستجيب الباحثون؟ 
ففي حين شارك أوباما في مناقشات مثيرة للجّدل، حول التدخل العسكري و"مسؤولية الحماية" منذ أوائل عام 2012، إلا أنه قد حان الوقت لإعطاء سبب منطقي حول ما حدث وما لم يحدث ابتداء من تلك النقطة، وذلك ما تطرقت له في مقالتي " انعكاسات على فشل الولايات المتحدة في سوريا"، وهل سياسة أوباما الخارجية عقائديّة؟

في عملي حول الحركات الإسلامية، كنت مهتماً بفكرة "عدم المرونة" السياسية، وهذا يتجلّى في (كيف) وماذا يفعل الإسلاميّون (أو لا يفعلون)، إذ أن له تأثير طفيف على كيفية رؤية خصومهم لهم، ذلك لأن العلمانيين والليبراليين سيرونهم كإسلاميين، وذلك بغض النظر عن أي شيء آخر، بمجرّد أنّ هذا في الحقيقة، ما هم عليه. 
المشكلة هي بأنّ تلك المعتقدات والمواقف والسياسات التي يتّبعونها، تقاوم التعديل أو المراجعة، وذلك بسبب أنهم غرقوا في خلافات فلسفية وعقائدية أعمق، والّتي هي إلى حدّ ما، ما توجه السياسة اليوم .

إن "عدم المرونة" تفيدنا في فهم سياسات أوباما في الشرق الأوسط، وتحديداً في سوريا، فمسؤولو الإدارة الأميركية، ليسوا غافلين عمّا يحدث في سوريا، وأكثر من ذلك فإن الحقائق على الأرض، على الرغم من أنها قد تغيّرت بسرعة وبشكل متكرر على مدى السنوات الخمس الماضية، إلا أنها لا تملك أي تأثير حقيقي على الملامح الأساسية لسياستنا في سوريا، ومن المثير للدهشة أن أوباما قد نصّب نفسه تكنوقراطياً يقرر ما يصلح وما لا يصلح.

إن "البساطة الدفاعية" لأوباما، أو "التردّد المحسوب" في سوريا والشرق الأوسط الكبير، ليس عرضياً فحسب، بل إنه خاطئ وخطير، وهذا ما يجعله منطقياً، فهو نتاج قناعة راسخة، بأنّ استخدام القوة الأميركية في سوريا، لن تزيد الأمور إلّا سوءاً.

هذا التوجه الإيديولوجي لسياسة الولايات المتحدة يساعد في تفسير سبب رفض أوباما بشكل ملحوظ، اتجاه منتقدي سياسته في سوريّا، واصفاً المقترحات البديلة "بالطلاسم اعتماداً على شعوره نحو العمل العسكري الأمريكي ضد نظام الأسد، بما في ذلك إنشاء مناطق حظر طيران، مناطق حظر تحرّك المركبات، بالإضافة إلى الممرات الإنسانية.

وبالتأكيد، التناقضات تمثل تحدّياً، ولكننا نستطيع أن نحكم بشكل تجريبي على ما كانت عليه سياسة الولايات المتحدة في الواقع على مدى السنوات الخمس الماضية، وإن كانت قد حقّقت نجاحاً يذكر أم لا.
حول هذا فإنّ كبار المسؤولين الأمريكيين، لديهم القليل جداً ليقولوه، عدا الخيارات الخاطئة الحاليّة، كما فعل وزير الخارجية الأمريكية جون كيري عندما تكشفت مأساة حلب ، بأن اقترح بأن القيام بأكثر من ذلك سيؤدي للخوض في حرب مع روسيا.

لقد كان أوباما غير راغب في التّشكيك بافتراضاته عن سورية، على الرغم من التطور السريع في الأحداث وتفاقم السياق، إن هذا يدلّ على التقوقع والجمود العقائدي الذي نادراً ما يتواجد في أوساط الرؤساء الحديثين.

حتّى أن هذا يشمل غريب الأطوار، جورج بوش الابن، الذي استبعد لأنه يعتبر مثالاً في "مناهضة الفكر الحديث"، فهو يخاف من الأفكار ويخشى تغييرها،
فبعد عدة سنوات من الكارثة في العراق، استنتج بوش بأن هنالك حاجة إلى تصحيح المسار ورضخ للنقد الخارجي، حيث كان هناك إغراء قوي لذلك، خصوصاً بعد سلسة الأخطاء الكبيرة التي قام بها في العراق، ولذلك أحضر مستشاراً خارجياً للمساعدة في تطوير استراتيجية جديدة- وهو الأمر الذي لم يحدث أبداً مع سياسة أوباما في سوريّا، أو حتى في نهجه الأوسع في الشرق الأوسط. 
ويتطلب الأمر مخيّلة نشطة، حتى نبدأ في تصوّر السيناريو، حين يدرك أوباما بأنّ حلب قد تسقط في الأسابيع المقبلة، فيدعو كبار خبراء الملف السّوريّ، والذين يدعم معظمهم قيام الولايات المتّحدة بالمزيد من الإجراءات، وذلك لمناقشة السّبل الممكنة للمضيّ قدماً!

لم يفت الأوان بعد، (أو على الأقل هذا ما يقال) فلقد تمكن الرئيس الأمريكيّ الأسبق بيل كلينتون، وبعد وقوعه تحت نفوذ فرضيّة "الأحقاد القديمة العقائدية"، من تغيير نهج السياسة الأمريكية، بعدما تكشفت الإبادة الجماعية البوسنية، ولكنّها كانت قد تطلّبت منه أن يتصالح مع دوره الخاص كرئيس - بالنظر أبعد من كون تلك المذابح تتم ضد مسلمين .

كتب مايكل ايجناتييف وليون يسلتير: "ربّما ينتهي بنا المطاف بأن نكون نحن متواطئين في جرائم حرب" إن "لم نقم بالمسارعة في إنقاذ حلب، وإن لم نفعل كلّ ما بوسعنا لوضع حد لهذه المعاناة، الّتي هي الرِّجس الأكثر ضرراً في عصرنا هذا، فإنّ حلب ستكون وصمة عارٍ على ضمائرنا إلى الأبد.

في حزيران الماضي، ظهر هنالك تقارب بين تركيا والولايات المتحدة في الاتفاق على إنشاء "منطقة آمنة" وذلك على طول الحدود السورية التركية والّتي من شأنها أن تجلب الطائرات الأمريكية "أقرب من أي وقت مضى إلى المناطق التي تقصف فيها الطائرات السورية بانتظام.
كنت ما زلت متشائماً بالطّبع، ولكنني أريد أن أؤمن بأنّ "الجوقة" المتزايدة من الغضب والإحباط بسبب سياستنا في سوريّا، ستنعكس بطريقة أو بأخرى على سياسة الإدارة الأميركية، نحو تلك اللحظة من الانفراجة، اللحظة التي يصبح فيها التغيير الحقيقي في السياسة ممكن، عندما الأفكار التي كانت قد رفضت سابقاً من أوباما لكونها "غير واقعية"، تعود أخيراً إلى مسارها الصحيح.
لقد كنت مخطئاً في السماح لتشاؤمي بأن يتلاشى، حتّى ولو قليلاً،
لقد جادلت ولفترة طويلة، بأنّ سوريّا، ستكون (عراق أوباما) وبقدر ما كنت أريد أن أصدق خلاف ذلك، أعتقد بأنّه لربّما قد فات الأوان، أتمنّى من الله بأن أكون مخطِئاً.

مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى حشد الدعم الإقليمي والدولي لسوريا

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

//