ما خيارات بشار الأسد المصيرية؟ - It's Over 9000!

ما خيارات بشار الأسد المصيرية؟

Syria Comment – ترجمة بلدي نيوز
يصادف هذا الربيع الذكرى السنوية الخامسة للأحداث التي أطلقت الحرب في سورية، وكالمعتاد، كانت هناك بعض الحسابات الخاطئة الضخمة في وقت سابق لتطورات هذا الصراع، مثل توقع المعارضة السورية أن الغرب سيتدخل عسكرياً لتسهيل الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وبعد ذلك كان هناك افتراض الغرب الخاطئ بأن الأسد سيكون "الدومينو" المقبل الذي سيسقط بعد إزالة الحكام المستبدين في البلدان أخرى للربيع العربي، وأدت هذه التوقعات إلى دعوات للأسد للتنحي، وبالتالي حوصر الغرب في زاوية التوصل لتسوية عن طريق التفاوض بعد أن أصبح من الواضح أن الرئيس السوري لن يذهب لأي مكان في الوقت القريب، أما من وجهة نظر النظام السوري، فالحرب كانت هي الخيار الوحيد.
ولكن من المهم أن نتذكر أن أول وأكبر خطأ وقع في البداية، عندما أدلى الأسد بقراره بالقمع الوحشي للثورة الشعبية بدلاً من تقديم تنازلات حقيقية، والدليل على ذلك كان خطاب الرئيس السوري إلى الأمة في 30 أذار 2011، والذي يعتبر معالجته الأولى للتوترات المتصاعدة.
لقد كان خطاب الأسد الأول لحظة فارقة في تاريخ سورية الحديث، فالبلد بأجمعه، الموالون والمعارضون، كانوا ينتظرون بفارغ الصبر سماع ما سيقوله بشار، وكان السوريين يعتقدون بأن الأسد سيكون على قدر توقعاتهم.
وفي مقابلات أجريتها مع مسؤولين سوريين سابقين وحاليين من المقربين من الأسد، والذين كانوا قد شاركوا في الإعداد للخطاب، كان من الواضح وجود ارتباك واختلافات داخل الدائرة المقربة من الأسد حول كيفية التعامل مع الأزمة.
وأشار العديدون إلى أنه كان هناك في تلك الفترة حديث عن انقلاب داخلي، ليس فقط ضد الأسد إن قام بالخطوة الخاطئة، بل أن بعض المسؤولين اقترح أن يقوم الأسد بنفسه بانقلاب ضد العناصر المتشددة في الحكومة، ولكن رد الأسد ببساطة كان: "أنتم ساذجون".
مسؤول كبير سابق آخر اتهم أعضاء حزب البعث بالتعاون الوثيق مع قوات الأمن في استخدام الأزمة كفرصة لطرد العناصر الأكثر الإصلاحية في النظام، ومن الواضح أنه كانت هناك مكيدة في تلك الفترة الحرجة على أعلى المستويات، وكان على الأسد تفهم منصبه والاستجابة للأزمة بعناية.
ونتيجة لذلك، كانت هناك نسخ مختلفة للخطاب، يقول أحد المقربين من الأسد والذي اطلع على مسودة الخطاب قبل ساعات من تقديمه، بأن ما رآه كان معتدلاً نسبياً ومؤيدا للإصلاح، لكنه صدم في وقت لاحق عندما سمع النسخة الأقسى بكثير عند الخطاب، كما وذكر أن مسؤولين في الحكومة السورية، قد أرسلوا مقتطفات من الخطاب الذي يعكس دعوة أكبر للإصلاح للصحفيين في الغرب!
ولكن كما نعلم، كان خطاب الأسد متحدياً، وأطر الأزمة من خلال إلقاء اللوم على انتفاضة الإرهابيين، المندسين والمدعومين من الأعداء الخارجيين لسورية، كما وضع الأسد اللوم على وسائل الإعلام الدولية والعربية للتضليل السافر للعوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الحقيقية وراء الاحتجاجات.
وهكذا كان الأسد كالأعمى عن الأسباب الحقيقية للثورة في سورية، وعن مفهوم التهديدات التي تحدق بالبلد، وأثبت خطابه للكثير من السوريين أنه لم يكن سوى ديكتاتور آخر، وقد قال أحد قادة حزب الله المؤيد للأسد: "لقد كان لبشار قبل الثورة شعبية حقيقية في سورية، ولو اتخذ التدابير المناسبة لكانت الأمور أفضل الآن، لقد كان عليه أن يواجه قرارات بعض العشائر العلوية داخل القيادة، ولو فعل ذلك لأدى ذلك لانقسام في صفوف المعارضة ولكان حظي بقاعدة شعبية أكبر".
ولعل هذا هو الجزء الأتعس من القصة، فبدلاً من لجوءه إلى كتيب "بقاء الدكتاتور" والخضوع لردود الفعل المتشنجة والعنيفة لأمن الدولة، لكان الأسد قد تجنب حرباً اهلية، وكما قال مسؤول سوري بارز سابق في الحكومة: "في مرحلة ما قال رؤساء الأجهزة الأمنية للأسد، انت ابقى جانباً واسترخي ونحن سنتعامل مع الثورة"، فلقد اعتقدوا أن الثورة ستقمع في غضون أسابيع ومن ثم سيعود الوضع لما كان عليه، ولكن الواقع كان مختلفاً جداً.
ونتيجة للدعم الروسي العسكري، وانتزاع مدينة تدمر من تنظيم الدولة الإسلامية، يبدو أن الأسد قد أمن موقفه في الوقت الحاضر، ولكن الاحتجاجات الشعبية التي عادت وظهرت خلال فترة اتفاق "وقف الأعمال العدائية " تشير إلى أن الثورة ضد الأسد لم تبدد على الرغم من نصف عقد من الحرب، وما زال الأسد يقلل بشكل صارخ من قوة الشعب السوري على التغيير، فقد استطاعوا العيش خمس سنوات من دون دولة، وإذا كان الأسد يريد فعلاً بدء عملية شفاء طويلة، فعليه أن يتحلى بالشجاعة التي افتقر إليها عام 2011من خلال قبول انتقال سياسي للحكم، والذي على أقل تقدير سوف يقلل إلى حد كبير من سلطته، وللقيام بذلك عليه مكافحة غرائزه السلطوية والديكتاتورية وربما الوقوف ضد المتشددين في طائفته، وإن كان الماضي التمهيد للحرب، فهذا التمني هو نهايتها.
ومع إعلان روسيا سحب بعض قواتها من سوريا، تم إعطاء الأسد الإشعار، فلقد وضع أمام مهمة دبلوماسية خطرة، إما أن يقوم بالاستمرار في محاربة الثوار، متوهماً بأنه سيعيد السيطرة على كامل سورية، أو أن يقوم المسؤولون الذين لا يزالون في الحكومة، والذين أرادوا له أن يقدم نسخة أخف حدة من خطابه عام 2011، بتشكيل كتلة ضغط على الأسد ليقوم بالخيار الصحيح هذه المرة.
لقد فشل الغرب في فهم الأطراف المتنافسة المختلفة داخل نظام الأسد في عام 2011، ولذلك دعونا لا نقع في هذا الخطأ مرة أخرى، وننتقل إلى الأمام مع أي عملية سلام تبرز في الأفق.

مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى حشد الدعم الإقليمي والدولي لسوريا

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

//