بلدي نيوز - (محمد العثمان)
يعيش أكثر من 300 ألف مدني في الرقة السورية تحت خطر الموت، جراء انتشار آلاف الألغام التي تركها خلفه تنظيم "داعش"، وإهمال سلطات الأمر الواقع من قوات سوريا الديمقراطية "قسد" والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، منذ إعلان سيطرتهم على المدينة في تشرين الأول 2017.
مصائد الموت
تعيش المدينة على وقع انفجارات يومية، يتبعها هرع فرق الاستجابة والأمن الداخلي التابعة لقوات "قسد"، وتوثيق منظمات التوعية العاملة بالرقة، ضحايا جُدد بانفجار ألغام جديدة للتنظيم.
ويروي الشاب (م، خ)، وهو أحد الناجين من انفجار لغم أرضي زرعه داعش قبل انسحابه من الرقة، وأدى الانفجار لاستشهاد 4 من أفراد عائلته بينهم طفلته، ونجى منه بأعجوبة.
خسر الشاب إحدى عينيه، وستة أصابع من يده، وترك الانفجار تشوهات في وجهه، يقول لبلدي نيوز "كانت طفلتي ذات الأربعة أعوام تلعب في فنار المنزل بعد عودتنا بيوم إثر إعلان المدينة محررة من قبل قوات "قسد"، قبل أن تتعثر بخيط حريري كخيط "صيد السمك"، كانت هي وأربعة من أفراد عائلتي في بهو المنزل".
ويضيف "تسبب انفجار اللغم باستشهاد أربعة بينهم طفلتي وهم (ابنتي، وابنة أخي، وأخي، وزوجته)".
وتابع "المشهد لازال عالقا في ذهني، ولكن لم تتوقف خسارتي هنا، فبعد أسبوع من استشهاد أفراد عائلتي، وأثناء وجودي بالمشفى، تلقيت نبأ استشهاد ابني الذي يبلغ من العمر عشر سنوات، نتيجة انفجار لغم أرضي على الطريق العام قرب المنزل".
وعود فارغة
طمأن التحالف الدولي وقوات "قسد" في مطلع كانون الثاني من عام 2018، أهالي مدينة الرقة بتمكن فرق الهندسة والمختصين بتأمين المناطق المحررة من تنظيم داعش، ووصفوها بـ"الآمنة"، وعاد عدد كبير من السكان الذين نزحوا إبان الحملة العسكرية عام 2017 ضد داعش، ليجدوا أن المدينة غارقة بالألغام التي زرعها تنظيم داعش.
شهادات
يقول أبو سالم وهو شاهد عيان من أهالي الرقة؛ "رأيت جسما غريبا بدا لي وكأنه علبة سمنة متصدئة في كومة تراب وعليها سلك نحاسي رفيع"، وأضاف "أبلغنا الفرق الهندسية قبيل الظهر عن وجود هذا الجسم الغريب (...) أبعدنا الأطفال والنساء عن المكان، ولم نلق أي استجابة من الفرقة".
وأضاف "مضت 24 ساعة على تبليغنا، ولم يستجب موظفو الفرقة الهندسية بإزالة الألغام، والسبب عدم تقديم إكرامية لهم وعدم وجود آلة إعلامية توثق بطولاته حينها".
بدوره، يدعي الشاب المدعو "أبو حمزة" وهو أحد عناصر فريق الاستجابة الأولية، أن أغلب ما يوثقه الفريق لانفجار ألغام أثناء عمله، هو محاولات من السكان المحليين تفكيك الألغام في منازلهم أو البحث من قبل الأطفال والنساء في القمامة ومخلفات المنازل والأبنية المهجورة بالرقة عن كل ما يباع من حديد ونحاس وبلاستيك. وهو المشهد الذي أصبح مألوفا في مدينة الرقة.
يشار إلى أن ما يقارب نصف أرقام الضحايا في مدينة الرقة نتيجة انفجار ألغام تنظيم داعش هم من الأطفال، يرجح كثيرون أن ذلك ناجم عن قله الوعي والجهل الذي ما يزال يسيطر على أذهان أغلب أطفال ونساء المدينة، رغم الزخم الإعلامي عبر منظمات التوعية ضد خطر الألغام وعدم الاستجابة من الفرق العاملة في مجال نزع الألغام بالرقة.