كيف يتحدى نظام الأسد شروط عملية السلام في جنيف؟ - It's Over 9000!

كيف يتحدى نظام الأسد شروط عملية السلام في جنيف؟

Atlantic Council – ترجمة بلدي نيوز

دون التقليل من شأن الأمور التي تختلف عليها كل من واشنطن وموسكو حول سوريا، فهناك اتفاق من حيث المبدأ على ما لا يقل عن ثلاث نقاط أساسية:

1-      يجب أن تركز جميع مفاوضات السلام المتعلقة بسوريا في جنيف على انتقال سياسي ترعاه الأمم المتحدة يؤدي إلى الديمقراطية والتعددية.

2-      يجب أن يعزز اتفاق "وقف الأعمال العدائية" في غرب سوريا هذه المفاوضات عن طريق الحد من العنف.

3-      الحد من حالة الفوضى من شأنه أن يسمح بتسريع تسليم المساعدات الإنسانية إلى السوريين المتضررين بشدة وفقا للقرارات المتعددة الصادرة عن مجلس الأمن.

غير أن جميع هذه الأمور تعتبر مرفوضة بالنسبة لبشار الأسد، حيث يرفض بشار الأسد أي أساس لمفاوضات سلام قائمة على التحول السياسي -الذي تقوده هيئة حكم انتقالي تمارس صلاحيات كاملة ويتم التفاوض عليها- وتستند هذه الشروط المرجعية الأساسية لمحادثات جنيف على البيان الختامي لمجموعة دعم سوريا، التي تتضمن الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن، الصادر في 30 يونيو 2012.

أهم هذه الشروط هو شرط التحول السياسي من الوضع الراهن إلى دولة سورية ديمقراطية تعددية، ولكن بشار الأسد –وهو شخص يترأس عصابة تتكون من عائلته، التي تتشبث بالسلطة من خلال العقاب الجماعي والإرهاب-  بالدستور السوري باعتباره صاحب الأولوية المتقدمة على إرادة المجتمع الدولي التي أعرب عنها، ويلجأ هذا النظام القاتل إلى دستور معيب للاحتماء به.

أما بالنسبة لاتفاق "وقف الأعمال العدائية"، فينظر إليه الأسد بشكل واضح باعتباره تهديداً لأسرته، وحاشيته، فهو نظام يتعامل مع سوريا وكأنها ملكية خاصة، وهذا السبب الذي جعله يعتمد على استخدام القوة المميتة لمدة خمس سنوات ضد المدنيين، ويخشى من نمو مجتمع مدني وحكم ذاتي في سوريا أكثر مما يخشى أي شيء آخر.

وإذا ما تم وقف الهجمات الجوية والمدفعية ضد المدارس والمستشفيات والمخابز والمجمعات السكنية، وغير ذلك من المؤسسات المدنية، فإن هذا من شأنه أن يعزز وجود الحكم المحلي بما يخالف رغبة الأسد، ولذلك، فهو يستخدم فترات انقطاع محادثات جنيف لاستئناف الجرائم الجماعية التي يرتكبها في ضواحي دمشق، وهو يفعل ذلك لعلمه أنه لن يتعرض للعقاب، وأن الغرب لم يحم رجلاً أو امرأة أو طفلاً سوريا واحداً من هجماته، مؤمناً بأن موسكو وطهران ليس لديهما أي موقف أو نية للاحتجاج على عمليات القتل الجماعي.

وفيما يتعلق بالحاجة الماسة إلى إيصال المساعدات الإنسانية، يستمر النمط المعتاد: يواصل النظام عرقلة ومنع الكثير من المساعدات ويستولي على المعدات الجراحية من تلك المساعدات التي يسمح بدخولها، فيما يواصل كبار مسؤولي الأمم المتحدة الاعتراض وانتقاد الوضع، ويستخدم الغرب بكفاءة نفس الخطاب لإدانة حصار النظام السوري القاسي للمدنيين، وتحدي قرارات مجلس الأمن "بأشد العبارات الممكنة"، ويبدو أن القيادة الغربية التي تستخدم هذا الخطاب الساخط المشوش غير مدركة لعملية الاتهام التي توجهها للأجيال القادمة.

ولن يتهم أحد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بعدم بذل قصارى جهده لعدم تصحيح الوضع الذي لا تكاد تكفيه كلمة "مروع"،  فهو يحاول إقناع موسكو بجعل الأسد يصل إلى مرحلة قبول هيئة حكم انتقالي متفق عليها قادرة على توحيد السوريين ضد قتال تنظيم الدولة الإسلامية وهي الأولوية القصوى لإدارة أوباما في سوريا.

ويعلم كيري كما يعلم الروس أيضاً أن التوافق والوحدة أمور مستحيلة مع قاتل يتشبث بالسلطة، فهل من الممكن، من وجهة نظر موسكو، تهميش الأسد دون أن ينظر إليها على أنها ترضخ لما تدعي أنه عملية تغيير نظام أمريكية؟ وإذا كانت موسكو ستوافق على بنود البيان الختامي، فهل يمكن أن تجبر الأسد التفاوض بحسن نية في محادثات السلام، والتنحي عند التوصل لاتفاق يتماشى مع رغبتها؟

من الناحية المثالية تمتلك الولايات المتحدة وشركاؤها، حتى الآن، فهماً عميقاً ليس فقط لقدرات روسيا، ولكن لنواياها أيضاً، فهل يتحدى الأسد المجتمع الدولي بما فيه روسيا؟ وهل روسيا راضية بشكل أساسي عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يقوم بها عملاؤها؟ وإذا كانت موسكو غير راضية عن سلوك الأسد، فماذا يمكنها أن تفعل حيال ذلك؟ فمن المؤكد أنها قادرة على التشاور مع كبار مسؤولي الأمن السوريين، كما أن لديها بالتأكيد وسائل لحجب الدعم عن النظام حال مخالفتها، إنها  باختصار تمتلك كل الوسائل لإخضاع نظام الأسد.

وبطبيعة الحال، يظن الأسد أنه هو محور الكون حيث: يحتاج الروس مثل الإيرانيين إليه أكثر بكثير مما يحتاجهم، لأنهم يدعمونه من أجل مصالحهم الخاصة، وأنه ليس لديهم خيار سوى ذلك. فإذا كان المسئولون عن السياسة والاستخبارات الغربية يعتقدون أن تقييم الأسد يعكس الحالة الفعلية للأمور، فهل سوف تتبع الاستراتيجية الغربية المساعي الروسية عديمة الفائدة؟ وهل سوف يسمح القادة الغربيون للأسد بقصف المدنيين دون عقاب؟ وهل سوف يواصلون مقاومة تبني استراتيجية سورية تركز على حماية المدنيين في الغرب وقتال تنظيم الدولة الإسلامية في الشرق؟

أما بالنسبة لخيارات المعارضة السورية؛ فهي خيارات قليلة وغير مجدية، حيث أنها ملزمة بتكريس الوقت والتصرف مهنياً في جنيف، حتى إذا كان النظام يعارض هذه العملية، كما تخشى المعارضة من أن العزوف عن المشاركة في جينيف سوف يكون مصدر إلهام للأسد، -بدعم كامل من طهران وموسكو- للقيام بجرائم أسوأ من حيث استهداف وترويع المدنيين، إنهم لا يتوقعون شيئاً جيداً من الأسد وداعميه من الخارج، وللأسف، لا يتوقعون شيئاً على الإطلاق من الغرب.

قد يقوم الأسد بفعل ما يريد بموافقة كاملة من موسكو، أو ربما قد يتصرف ضد رغبات روسيا، وإذا كان سيسلك أيا من الطريقين، فهناك حاجة ماسة إلى استراتيجية غربية جديدة تركز على حماية المدنيين في غرب سوريا وتدمير تنظيم الدولة الإسلامية في الشرق بشكل سريع، وإذا كان الأسد يعمل بما يوافق رغبة موسكو أو ضدها، وقد يعتقد المرء بأن الشيء الوحيد الذي من شأنه أن يمنع تنفيذ استراتيجية جديدة، هو هدف الولايات المتحدة بأن تجعل السوريين وأصدقاء الولايات المتحدة يدفعون ثمناً باهظاً.

مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى حشد الدعم الإقليمي والدولي لسوريا

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

//