New York Post – ترجمة بلدي نيوز
بعد أسابيع فقط من تصريحات وزير الخارجية الأميركية "جون كيري" عن "مبادرة جديدة" في سوريا، بدأت تفاصيل أخرى في الظهور حول ما يعنيه حقاً، وهو تسليم الشرق الأوسط إلى خصوم الولايات المتحدة، فمنذ بداية اجتماعات جنيف الأسبوع الماضي، كان من الواضح أن الترادف بين طهران وموسكو يسيطر على جدول الأعمال، مع هدف واضح لتعزيز موقف طاغية دمشق بشار الأسد.
ولدهشة طهران وروسيا، سرعان ما تبين أن إدارة أوباما مستعدة لمنحهم أكثر حتى مما يريدون.
أولاً: بدل الإصرار على وقف فوري لإطلاق النار، وافق أوباما على وقف إطلاق للنار تنتجها محادثات غير محددة في موعد لم يحدده، وهذا يعني أن الأسد، وبمساعدة من روسيا، يمكنه أن يستمر في قصف الأراضي التي يسيطر عليها الثوار إلى متى يشاء، وليس على تنظيم الدولة، فالأسد يريد التركيز على مراكز الثورة الأصلية التي تمثل التهديد الحقيقي لسلطته.
إن بقايا سلاح الجو الأسدي تضرب بشكل روتيني أهداف مدنية، بما في ذلك الأسلحة الكيميائية، مع القليل أو دون تغيير ملموس في ميزان القوى على الأرض، وبالتالي فهذا مذبحة للمدنيين وجريمة حرب، وتقول الولايات المتحدة: "سنتحدث عن ذلك لاحقاً".
في الوقت نفسه، ووفقاً لتقارير، يتجه ما لا يقل عن 70.000 ألف لاجئ جديد إلى الحدود التركية، فخلال الأسابيع الستة الماضية، كانت الهجمات الجوية الروسية جزءاً من استراتيجية عسكرية أوسع نطاقاً تهدف إلى خلق حاجز وقائي حول القطاع الذي يسيطر عليه الأسد على البحر المتوسط ولقطع الثوار المناهضين للأسد عن الوصول إلى الحدود التركية.
ويشارك في هذه الحملة عدد من وحدات النخبة الإيرانية، وهي تقود ألوية لا تزال موالية للأسد، وتشير أفضل التقديرات إلى أن أقل من 10٪ من الضربات الجوية الروسية تستهدف تنظيم الدولة والذي كان حليفاً موضوعياً لنظام الأسد منذ البداية.
ثانياً: بعد أن قال أوباما: "إن الأسد يجب أن يرحل"، توافق الآن الولايات المتحدة في جنيف على أن يكون الأسد جزءاً من فترة انتقالية مدتها ستة أشهر للحكومة السورية.
وقد تشجع حلفاء الأسد بعد تنازل الولايات المتحدة، فقرر محور طهران وموسكو طلب المزيد، ولذلك يريدون الآن أن يستكمل الأسد فترة الرئاسة الحالية له في عام 2022 مع وعد بعدم السعي لولاية رابعة بعد ذلك.
إن محادثات جنيف هي بالكاد نتيجة لرغبة حقيقية لوقت القتل في سورية، فمن وراءها أغراض وأهداف أخرى، أحدها هو تعزيز الوهم بأن ما يسمى المجتمع الدولي قد وصل إلى توافق في الآراء، وهذا غير صحيح بتاتاً، أما جدول أعمال محور (موسكو - طهران) الوحيد فهو إطالة الرئاسة الوهمية للأسد في دمشق.
وبالنسبة لأوباما، هو مهتم فقط بشراء الوقت وخلق انطباع بأنه ممارس عظيم لعملية "الدبلوماسية الخلاقة" وأنه قد حل مشكلة دولية رئيسية أخرى في أعقاب الاتفاق النووي مع إيران.
ومن المقرر لتمثيلية جنيف أن تستأنف في وقت لاحق من هذا الشهر، على أمل العمل على وقف لإطلاق النار في غضون ثلاثة أشهر، وإذا تم الاتفاق على ذلك، بعد ثلاثة أشهر، سوف تبدأ محادثات لتشكيل حكومة مؤقتة تحت قيادة الأسد.
والخطوة المقبلة ستكون تنظيم الانتخابات، ويفترض وجود برلمان في غضون 18 شهراً، كل ذلك من شأنه أن يستغرق وقتاً حتى 2017 أو 2018 ومن المرجح أن يستمر لبعد ذلك.
وبحلول ذلك الوقت، يكون أوباما قد ترك البيت الأبيض وبدأ بكتابة مذكراته في الرئاسة، وكيف أن سورية هي واحدة من نجاحاته السياسية، وإن كانت الأوضاع في سورية حتى ذلك الوقت سيئة، فبكل بساطة سيستلم زمام الأمور خلف أوباما.
وللغرق أكثر في وحل المياه السياسية، أعطت إدارة أوباما موافقتها لمؤتمر في لندن يوم الخميس، حضرته الدول التي ستمول صناديق المساعدات للاجئين السوريين، والولايات المتحدة وبريطانيا هما أكبر الجهات المانحة، أي ما يمثل نصف المجموع، تليها الكويت وألمانيا وكندا، وحتى الآن، تم حجز مقاعد لروسيا وإيران، اللتان لم تساهما ولا حتى بسنت واحد للصندوق.
وفي لندن، عبر كيري عن أسفه بأن "الشركاء الروس لا يريدون السلام في سوريا". ومع ذلك، قال "الدبلوماسي الإبداعي": "إننا سنعمل مع شركائنا الروس والايرانيين للتوصل الى وقف لإطلاق النار في سوريا"، ولكنه كان على حق في المرة الأولى فقط.