الشيخ مسكين: معارك شرف.. لا معارك قتل وتدمير - It's Over 9000!

الشيخ مسكين: معارك شرف.. لا معارك قتل وتدمير

الدكتور إبراهيم الجباوي – بلدي نيوز
ما حصل قبل أيام في بلدة الشيخ مسكين -المسكينة- أنه كان هناك بضع مئات قليلة من الشباب الثائر الحر الذين لا همَّ لهم سوى إرضاء الله والشعب والضمير، لم يتأمَّروا يوماً، ولم يطلبوا إمارة حرب لهم، ولم يسعوا لها، حيث واجهوا بصدور عارية -ملؤها الإيمان بالقضية، والعقيدة الوطنية الثورية الراسخة- زحف الجيوش الجرّارة، متنوعة الأعراق والجنسيات اللذين تم شراؤهم، ليرضوا لأنفسهم موضع العبد المأمور، ووعدوا بجنة وهمية، من قبل أناس لا إنسانية عندهم، ولا حول ولا قوة لهم في ميعادهم بجنات لهؤلاء المرتزقة، حيث الجنة والجنان من أمر خالقها، خالق الكون والبشرية .. تلك الجيوش المرتزقة مجهّزة بأحدث أنواع السلاح الفردي والمتوسط والثقيل، علاوة على أنَّ التمهيد الناري أمامهم كان على أشدّه من قبل طيران الاحتلال الروسي الغاشم، الذي لم يتوانى عن استخدام الصواريخ الفراغية الذكية، بإسناد من براميل الموت العشوائية المتفجرة، التي تأتي على الأخضر واليابس لتحرقه، وحرقته فعلا، لا بل حرثت الأرض حرثاً، حتى رأينا أن البلدة بمبانيها الحديثة والطابقية كادت أن تصبح أثراً بعد عين (وفقاً للفيديو الذي نشر مؤخراً والذي يظهر طائرة روسية تصوّر البلدة بعد تمكن رديفاتها من إلحاق التدمير بتلك البلدة الذي رأيناه بالفيديو).
وعلى مدى ما يزيد عن ثلاثين يوماً من الهجمة البربرية على الشيخ مسكين، دأبت تلك الجيوش، ومسانديها، على إمطار البلدة بحمم نيران الحقد الطائفي، من مختلف أنواع الأسلحة التقليدية والبالستية الحديثة، حيث بلغ عدد غارات الطيران الروسي 760 غارة وفي كل منها كانت تلقي طائرات الحقد ما بين 1 - 4 صواريخ فراغية ذكية موجهة، كما بلغ عدد البراميل المتفجرة العشوائية 230 برميل كانت تلقى، كما هو معروف من طيران عصابات الأسد المروحية، ولا يمكننا نسيان 37 صاروخ بالستي من نوع سكود مرسلة من قواعد الشبيحة البعيدة، إضافة لقذائف المدفعية، وصواريخ الكاتيوشا، التي بلغ عددها ما يزيد عن 1100 قذيفة وصاروخ، كل تلك الحمم النارية انهمرت على بلدة الشيخ مسكين، مستهدفة بالدرجة الأولى المساجد، والمشافي الميدانية، والبنى التحتية، والمدارس، والمباني الطابقية، لتجعلها تسوية مع الأرض، ولتطمئن على أن حقدها أتى أكله بانعدام مقومات الحياة مستقبلا في تلك البلدة، متبعة بذلك سياسة الأرض المحروقة،  
هذا وبالطرف الآخر، ما من معين، أو مساند للمئات القليلة المتواجدين للدفاع عن أرضهم وشرفهم، وليس معهم من سلاح سوى ما يمكن استخدامه في معارك المواجهة -حرب الشوارع- وهو لا يتعدى السلاح الفردي، وبالكاد كان هناك مدفع متوسط، أو عربة متعطلة عن المسير، تدعمهم بنيران خجولة بين الحين والآخر، مستهدفة حشود القتلة المهاجمين، ما أسفرت تلك المعارك عن ارتقاء خمس وتسعون شاباً من المدافعين، غسلوا بدمائهم الزكية نفوس توانت عن أداء الواجب، مخلفة فيها شعور بالندم وتأنيب الضمير، لا سيما بين ذاكم طلَّاب الإمارة والمال -ولن يبرحهم هذا الشعور إلى أن يكفِّروا عن توانيهم- علاوة على تذمّر الحاضنة الشعبية، التي خاب ضنها بهم ..
لكن بالمقابل سقط وسحل للغزاة المعتدين أكثر من تسعمائة قتيلاً متعددي الجنسيات، جلّهم من الميليشيات الإيرانية الطائفية الشيعية الذين اشترتهم من بلدان عدة، إضافة لميليشيات حزب الله اللبناني الإجرامي الطائفي.. هذا العدد من القتلى بالطبع مقروناً بتدمير العتاد والسلاح المتنوع الفردي والمتوسط والثقيل، الذي كانوا يستخدمونه بغزوتهم الطائفية.. ووفقاً لمبدأ النسبة والتناسب، فإن كم العتاد المدمّر لا يساوي ما نسبته 1% من عتاد الجيوش الغازية الذي دمّر، وأن عدد من ارتقى من الثوار بمجمله لا يشكل ما نسبته 10% ممن سحل من الغزاة، وهذه النسبة تظهر جلياً للعموم، ولكل عاقل، كم هو أن الحق لابدَّ منتصراً دائماً على الباطل..
هذا كله ولم نأتي بعد على إعلام نظام الأسد المضلّل، فنفاجأ بعد ذلك، بإعلانه أنّ قواتهم التي يسمونها زوراً "باسلة" قد أعادت الأمن والأمان للشيخ مسكين! فأي أمن وأي أمان أعيد لها بعد ألحق بها دماراً بلغت نسبته 80% وانعدمت معه مظاهر الحياة؟ والأنكى من هذا وذاك أنه نسب كل شيء لجيشه الغير موجود أصلاً، والفاقد لأي ذرّة من المعنويات، التي قد تمكنه من التواجد في ساحات القتال، في محاولة منه ليوهم العالم بأنه لا يزال قوياً، علماً أنَّ هذا العالم يدرك تماماً بأنَّ الأسد ما استقدم الإيراني والروسي إلّا لأنه أضعف من الضعيف –وقد اعترف الأسد بخطاب له في السنة الماضية، حينما قال: بأن عصاباته المسلحة تعاني من نقص في العنصر البشري.. وهل ننسى ما طلبه بشار الأسد من مشايخ عقل الطائفة الدرزية، حينما ذهب وفد منهم إليه ليطلبوا منه حماية مدينة السويداء –على حد زعمهم- وكان جوابه آنذاك: بأن طلب منهم تسليمه 17000 سبعة عشرة ألف شاب متخلف عن الخدمة الإلزامية في صفوف عصابته، ليعدهم بعد ذلك بحماية المدينة المذكورة! ثم هل نسي بشار الأسد ونظامه الطائفي بأنه فاقد لشرعيته منذ أن أعلن المجتمع الدولي بمجمله إلّا قليلاً، بأنه فقد شرعيته وعليه الرحيل؟ وتبعها بفقدانه ما كان يدعيه كذباً بما يسمى "السيادة الوطنية" التي أركنها تسليماً للمحتل الروسي؟ والذي بات يتخذ كافة القرارات، مهما صغرت، أو كبرت، والمتعلقة بالأزمة السورية، نيابة عن بشار الأسد .. أينكر بشار بأن لافروف من حدَّد أسماء وفده للتفاوض؟ أينكر بأن القوات الروسية المتواجدة في سوريا، هي من تحدد مسارات معاركه؟ أينكر بأن روسيا هي من تتكلم نيابة عنه في المحافل الدولية؟
ثم يأتي ليقول ومن خلفه سيده لافروف بأن المعارضة ترتبط بدول إقليمية وأجنبية! أليس من يستعين بأشقائه ضد الغزاة القاتلين، لحماية أهله وأرضه، هو بأفضل ممن يستعين بالأجنبي لقتل أهله، وسلب إرادته، واحتلال أرضه؟ على قاعدة "أنا وأخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب".
كيف يحلل لنفسه كل الموبقات المتوفرة والمتنوعة... ويحرِّم على من يعارضه أي حق من حقوقهم المشروعة؟ فهل من ينتهج هكذا نهج هو بإنسان عاقل؟ لا ورب الكعبة إنه لمعتوه..
قبل النهاية: لابدَّ من أن أنوّه هنا للتذكير فقط، ولدحض تبجّحات عصابات النظام، بأن بلدة الشيخ مسكين هي ليست منطقة استراتيجية بالمعنى الاستراتيجي –لا عسكريا ولا مدنيا- ولكنها نعم هي تتوسط سهل حوران، ويسهل الوصول منها إلى محيطها من القرى والبلدات، بسبب شبكة الطرق التي تربطها بالمحيط، ويدعي القتلة بأنها استراتيجية لأنها أقرب ما يكون إلى معاقله الرئيسية وتحصيناته في مدينة إزرع، ويخشى من الثوار يوماً من التمدد تحريرياً باتجاه تلك المعاقل والتحصينات..
أخيراً وبكلمة نعم ندويها في الأرجاء ونقول: نحن في الثورة السورية عموماً –وأخص هنا الجبهة الجنوبية- من يحق له أن يفتخر ويفاخر بما آلت إليه معارك الشرف التي خاضها أبطالها في الشيخ مسكين لأن تلك المئات القليلة من الشبان الثوري، استطاعوا أن يواجهوا كل هذه البراكين النارية التي قذفت حممها بحقد وإجرام غير مسبوق في التاريخ البشري، واستطاعوا أن يثبتوا للعالم صمود أسطوري، منقطع النظير في التاريخ القديم والحديث، والأهم من كل ذلك تمكن هؤلاء الشبان من تثبيت اللحمة بين الجيش الحر وحاضنته الشعبية، تجلى ذلك بالوقفة التضامنية التي شهدتها معظم قرى وبلدات ومدن حوران الأبية.
عاشت الثورة السورية المظفَّرة .. وإنها لمنتصرة رغم أنوف المحتلين والغزاة
د. إبراهيم الجباوي

مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى حشد الدعم الإقليمي والدولي لسوريا

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

//