سوريا 2017: عام التحولات السياسية الكبرى (1) - It's Over 9000!

سوريا 2017: عام التحولات السياسية الكبرى (1)

بلدي نيوز – (تركي مصطفى)

يناقش هذا الملف حصاد العام 2017 في إطار التطورات السياسية والعسكرية ونتائجها على صعيد الثورة السورية. ونمهد لهذا النقاش باستعراض تحليلي موجز لأهم الأحداث السياسية التي شهدتها القضية السورية في ردهات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي, وفي لقاءات آستانا المتتابعة, والقمم الثنائية التي جمعت واشنطن وموسكو وما تمخضت عنه من اتفاقات تتعلق بالقضية السورية, ونتوقف عند فشل "المجتمع الدولي" عن فعل شيء لإيقاف المحرقة السورية, وتعطيل روسيا لكل القرارات الدولية جراء استخدامها حق النقض الفيتو.

 ثم نتناول أهم التطورات العسكرية التي شهدتها الساحة السورية كانحسار نفوذ فصائل المعارضة السورية المسلحة, وانهيار تنظيم "الدولة" في وادي الفرات, ونتطرق لرحى المعارك، التي دارت في محيط العاصمة دمشق وفي ريف حماة الشمالي, ونتوقف عند معركة البادية السورية.

ونستأنف الحديث العسكري في معركة مناطق شرق سكة حديد الحجاز الجارية في الشمال السوري, ولابد من الاعتراف بالانكسارات العسكرية الأخيرة كنتيجة طبيعية لتشتت إدارة الصراع العسكري ضد قوات نظام الأسد والميليشيات الشيعية المتطرفة، حيث لا توجد جبهة ثورية مشتركة ومتماسكة, فكانت استراتيجية نظام الأسد وبالتعاون مع ميليشيات إيران التعامل مع كل جبهة منفردة، الأمر الذي سهل لهما قضم مناطق متعددة كانت تحت سيطرة فصائل المعارضة.

وكان أكثرها إيلاما مجزرة خان شيخون الكيماوية, ونبين نتائج التطورات السياسية والعسكرية على الشعب السوري الثائر, والتنكيل به وتهجيره قسرا من مدنه وقراه وسط صمت العالم الذي يرفع شعارات حقوق الإنسان.


أولاً- الحصاد السياسي:

مع إسدال الستار عن العام 2017  أصبح المشهد السياسي في سوريا يخضع برمته للهيمنة الروسية على القرار السياسي نتيجة تواطؤ وعجز المجتمع الدولي، الذي أصبحت أولوياته الحرب على الإرهاب, والتراجع عن المطالبة بإسقاط الأسد ونظامه والعمل على تعويمه.

 
 وتجسدت هيمنة الروس على القضية السورية باستخدام حق النقض (فيتو) مرتين في مجلس الأمن الدولي، والأكثر من ذلك إخراج الملف السوري من أروقة الأمم المتحدة إلى العاصمة الكازخية آستانا, ومن ثم الدعوة إلى مؤتمر الحوار السوري في منتجع سوتشي الروسي.

 ويمكن تلخيص أهم الأحداث السياسية بما يلي:

 - من جنيف 4 إلى جنيف 8 المراوحة في المكان:

شهد العام 2017م أربعة مؤتمرات في جنيف السويسرية بين وفدي نظام الأسد والمعارضة فرفض نظام الأسد أي مبادرات حسن النية بوقف القصف أوفك الحصار أو إطلاق سراح المعتقلين وتمسكه بالحوار دون شروط ورفضه مشاركة بعض أطراف المعارضة، وقدم دي مستورا رؤية للمحادثات التي أسماها السلال الأربع التي رحبت بها المعارضة ورفضها نظام الأسد.
وانتهت جولات المحادثات الأربعة غير المباشرة دون إحراز تقدم , ويمكن رصد مجمل تلك الجولات بالتالي:

مؤتمر جنيف 4: انطلقت أعماله في  23 فبراير/شباط 2017 برعاية الأمم المتحدة في مقر المنظمة الأممية بمدينة جنيف السويسرية، وانتهت يوم 3 مارس/آذار 2017، وحضرها وفدا النظام والمعارضة.

وتمكن المشاركون الذين قادهم دي ميستورا من التوصل إلى اتفاق على جدول أعمال يتكون من أربع "سلال"، هي:

- السلة الأولى: القضايا الخاصة بإنشاء حكم غير طائفي يضم الجميع، مع الأمل في الاتفاق على ذلك خلال ستة أشهر.

- السلة الثانية: القضايا المتعلقة بوضع جدول زمني لمسودة دستور جديد، مع الأمل في أن تتحقق في ستة أشهر.

- السلة الثالثة: كل ما يتعلق بإجراء انتخابات حرة ونزيهة بعد وضع دستور، وذلك خلال 18 شهراً، تحت إشراف الأمم المتحدة، وتشمل السوريين خارج بلادهم.

- السلة الرابعة: استراتيجية مكافحة الإرهاب والحوكمة الأمنية وبناء إجراءات للثقة المتوسطة الأمد.

ولم تشهد الجولات السابقة نقاشاً حقيقياً بشأن عملية انتقال مفترضة للسلطة في سوريا في ظل رفض النظام تطبيق بيان جنيف 1، خاصة بعد تحقيقه مكاسب ميدانية كبيرة عام 2016 على حساب المعارضة في مدينة حلب وغيرها.

جنيف 5: انطلقت أعمالها في 24 مارس آذار, واستبق المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، هذه الجولة من محادثات جنيف بإجراء مشاورات دولية مكثفة لدعم التسوية السورية شملت الرياض وموسكو وأنقرة، ما اضطره للتغيّب عن اليوم الأول من مفاوضات "جنيف 5, وناقش المفاوضون أربعة ملفات هي الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب, وفيما تصر المعارضة على بحث عملية الانتقال السياسي بوصفه مظلة شاملة للقضايا الأخرى, يتمسك نظام الأسد ببند مكافحة الإرهاب.

جنيف 6: انطلقت هذه الجولة في 16 أيّار, قام فريق المبعوث الدولي بتطوير "آلية تشاورية" بشأن المسائل الدستورية والقانونية، كشفتها وثيقة سلمها دي ميستورا، للأطراف المشاركة في مفاوضات "جنيف 6". وتستند هذه الآلية إلى بيان "جنيف 1" في 30 حزيران/يونيو 2012، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، والتي "حددت متطلبات عملية انتقال سياسي متفاوض عليها بهدف حل النزاع.

ويتمسك وفد المعارضة بطلب تنحي الأسد, وهو ما يرفضه وفد نظام الأسد لكن لم يتحقق في هذه الجولة أيّ تقدّم.

جنيف 7: انطلقت أعماله في 10 تموز وانتهت في 15 من ذات الشهر دون التوصل إلى نتائج سوى محاولة الروس الالتفاف  والتهرب من مخرجات جنيف 1 والتي تحدث عن هيئة حكم انتقالي وهو ما يعني انتهاء دور الأسد في مستقبل سوريا.
جنيف 8: بدأت الجولة الثامنة من جنيف في 28 تشرين الثاني, ورغم تعثرها كسابقاتها فقد ظهرت فيها متغيرات أهمها دعوة المعارضة لمفاوضات مباشرة مع وفد نظام الأسد, في حين اقترح ستيفان دي مستورا المبعوث الأممي ترحيل ملفي الدستور والانتخابات إلى مؤتمر سوتشي المزمع عقده في روسيا.

لقاءات آستانا رسم خرائط النفوذ بالدم السوري:

مفاوضات أستانا بدأت في يناير/كانون الثاني 2017 وبلغت محطتها الثامنة بالدعوة إلى انعقادها في 22 ديسمبر كانون الأول الجاري، ومن أهم نتائج اللقاءات السابقة الدعوة إلى مفاوضات غير المباشرة، والإفراج عن المعتقلين، وتحديد مناطق خفض التوتر، مع استمرار عدوان نظام الأسد وعدم التزام حلفائه الضامنين روسيا وايران  بقرارات وقف إطلاق النار.

ويمكن تلخيص أبرز محطات مفاوضات أستانا منذ انطلاقها بالتالي:

- آستانا 1: جرت يوم 23 يناير/كانون الثاني 2017, وأهم ما جاء في ذلك اللقاء, التأكيد على الحل السياسي في سوريا، وتوصلت وفود روسيا وتركيا وإيران إلى اتفاق على إنشاء آلية ثلاثية لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار في سوريا.

كما اتفقت الدول الراعية للمفاوضات (تركيا وروسيا وإيران) على أن تكون المفاوضات بين وفدي نظام الأسد, والمعارضة غير مباشرة، وطالب وفد المعارضة روسيا بإعلان وقف إطلاق النار على الأراضي السورية، وهو ما ردت عليه موسكو بأنها وجهت طلبا صارما لحليفها نظام الأسد بوقف الأعمال القتالية في وادي بردى بـريف دمشق.

كما أكد وفد المعارضة الذي ترأسه محمد علوش أولوية تثبيت وقف إطلاق النار والبعد الإنساني لتخفيف معاناة السوريين الموجودين تحت الحصار والإفراج عن المعتقلين وتسليم المساعدات، وأكد بيان لقاء أستانا أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية، وشدد على ضرورة الالتزام بسيادة واستقلال ووحدة الأراضي السورية، كما تحدث البيان عن أن "الوفود المشاركة" تصر على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة فتح الشام (النصرة سابقا)، وعلى أن يفصلا عن مجموعات المعارضة المسلحة.

 

- آستانا2: بدأت أعمالها يوم 15 فبراير/شباط 2017: أبرز ما جاء في هذه الجولة الحديث عن تشكيل مجموعة عمل ثلاثية (روسية تركية إيرانية) لمراقبة وقف الأعمال القتالية، وتشكيل آلية لتبادل المعتقلين بين قوات نظام الأسد والمعارضة المسلحة.

 

- آستانا 3: انطلقت في 14 مارس/آذار 2017: أبرز ما فيها أن روسيا قدمت اقتراحات بوضع دستور للبلاد، كما أن الجولة الثالثة من المفاوضات انتهت في ظل مقاطعة المعارضة المسلحة.

وأكد البيان الختامي لهذه الجولة عقد اجتماع الجولة التالية مطلع مايو/أيار 2017، وأنه تم الاتفاق على عقد اجتماع على مستوى الخبراء في طهران خلال يونيو/حزيران 2017، كما أكد البيان اتفاق الدول الضامنة على تشكيل لجان لمراقبة الهدنة والخروق، ولجان لمتابعة ملف المساعدات، ولجان لملف الأسرى والمعتقلين.

 

- آستانا 4: بدأت أعمالها في 4 مايو/أيار 2017, وأبرز ما نتج عنها هو اتفاق مناطق خفض التوتر التي تشمل كامل محافظة إدلب ومحافظة اللاذقية ومحافظة حلب، وأجزاء من محافظات حماة وحمص ودرعا والقنيطرة، ومنطقة الغوطة الشرقية بريف دمشق.

ووقع ممثلو الدول الراعية لمحادثات أستانا (روسيا وتركيا وإيران) على المذكرة التي اقترحتها روسيا لإقامة مناطق لتخفيف التوتر في سوريا، وأكدت روسيا أنه سيتم تطبيقها لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد، في حين أعلن وفد المعارضة أنهم ليسوا جزء من الاتفاق.

 

- آستانا 5: انطلقت يوم 4 يوليو/تموز 2017, اختلفت الدول الضامنة الثلاث -وهي روسيا وتركيا وإيران- على رسم حدود مناطق خفض التصعيد في سوريا، وبعد يومين من التفاوض تم تحديد اجتماعين لاحقين في الأول والثاني من أغسطس/آب 2017 بإيران، وذلك للاتفاق على تحديد خرائط للمنطقتين الثانية والثالثة، مع وجود أسئلة بشأن المنطقة الأولى في محافظة إدلب وبعض التحفظات بالنسبة للمنطقة الجنوبية.

- آستانا 6: بدأت أعمالها في 14 سبتمبر/أيلول 2017, بعد أن قدمت  المعارضة عدة شكاوى بعدم التزام نظام الأسد باتفاق خفض التصعيد في العديد من المناطق، ويضم وفد المعارضة 24 عضوا برئاسة العميد أحمد بري، ويرأس بشار الجعفري وفد الأسد, ومن نتائج هذا اللقاء  رسم حدود مناطق خفض التوتر، التي أعلن عنها سابقا، خاصة منطقة إدلب التي كانت محط خلافات.

 

- آستانة 7: انطلقت في 30 أكتوبر/تشرين الأول2017, وحضر المفاوضات غير المباشرة بين نظام الأسد والمعارضة، وفود الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران)، وعدد من الدول المراقبة, وطالب الروس تركيا فرض الاستقرار في محافظة إدلب.

- آستانة 8:  انتهت أعماله في 21 كانون أول/يناير, وأقر البيان الختامي وثيقة حول تشكيل فريق عمل خاص لبحث ملف المفقودين والمعتقلين وتبادل الجثث، رغم معارضة وفد نظام الأسد  حتى اللحظة الأخيرة.

كما تمّ إقرار وثيقة إزالة الألغام في سوريا بما في ذلك في مواقع التراث الثقافي المدرجة على قائمة اليونسكو، بحسب البيان الختامي الذي تلاه وزير الخارجية الكازخستاني خيرت عبد الرحمنوف.
وتقرر في "أستانة-8" عقد مؤتمر "الحوار السوري" في سوتشي الروسية بين 29-30 كانون الثاني/يناير، على أن يكون "رافداً" للمساعي الدولية للحل السياسي.

وتقرر عقد لقاء تقني من قبل الدول "الضامنة"، قبيل "مؤتمر الحوار"، في سوتشي تحضيراً له.

- اتفاقية هامبورغ ونتائجها:

في فصل جديد من مشهد الأحداث الدائرة في سورية، أعلنت موسكو وواشنطن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في الجنوب السوري، تزامنا مع لقاء الرئيسين الأميركي دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة العشرين، التي عقدت في هامبورغ الألمانية، وانطلقت أعمالها الجمعة.
- نص الاتفاق الروسي الأميركي: 
ينص اتفاق هامبورغ الذي توصلت إليه (روسيا والولايات المتحدة) على عدد من البنود أبرزها: 
- انسحاب عناصر قوات نظام الأسد والمسلحين الموالين لها وانسحاب الفصائل المقاتلة والإسلامية من خطوط التماس في جميع المحاور، وانتشار قوات الأمن الداخلي التابعة لنظام الأسد في هذه الخطوط.
- نشر قوات شرطة عسكرية روسية في مناطق وقف إطلاق النار في المحافظات الثلاث الموجودة في الاتفاق، ( القنيطرة، درعا، السويداء) للإشراف على وقف إطلاق النار وتنفيذ الهدنة.
- تتكفل فصائل الثورة المسلحة الداخلة في الاتفاق، بحماية المنشآت العامة والخاصة، وخروج كل من لا يرغب في الاتفاق.
- انسحاب كامل الميليشيات المسلحة الموالية لنظام الأسد من جنسيات غير سورية.
- تجهيز البنى التحتية لعودة اللاجئين السوريين تباعاً من الأردن، وإجراء انتخابات مجالس محلية تكون لها صلاحيات واسعة، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى هذه المناطق التي تلتزم بوقف إطلاق النار، ويتضمن الاتفاق إدارة المنطقة بين موسكو وواشنطن بصورة تحالفية فيما بينهما، عاكسا توافقهما السياسي والعسكري في سوريا، الذي كان أحد منتجاته المبكرة الاتفاق خارج آستانة وجنيف.

اتفاق فيتنام، ومعطياته:

ظهر التوجس الإيراني من روسيا تزامنا مع البيان المشترك الذي أعلنته موسكو وواشنطن، وأحدث ضجة كبيرة في طهران، بعد لقاء الرئيسين ترامب وبوتين على هامش المنتدى الاقتصادي (آيبك) في دانانغ بفيتنام والذي جاء تجسيدا لسلسلة لقاءات أميركية روسية أقرها وزيرا الخارجية ريكس تيلرسون وسيرغي لافروف، والتي عرفت باسم وثيقة ترامب -بوتين وتضمنت عدة نقاط من أبرزها ذاك البند الذي أحدث جلبة في طهران.

ويشير إلى أهمية خفض التصعيد باعتباره خطوة متقدمة للحفاظ على وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية وتتمة لهدنة جنوب غربي سوريا بموجب اتفاق هامبورغ في 8 تموز/يوليو المنصرم، ومذكرة التفاهم الجديدة الأميركية الروسية الأردنية التي وقعت في عمان  في الثامن من الشهر الجاري، وتشمل المذكرة خفض التصعيد والقضاء النهائي على القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب لضمان استدامة السلام في المنطقة في إشارة إلى عناصر حركة النجباء العراقية وحزب الله اللبناني المنتشرين بين دمشق وحدود الأردن والجولان السوري المحتل.

ومن المقرر أن يراقب مركز عمان تنفيذ ذلك مع طلب روسيا من طهران التزام تنفيذ سحب ميليشياتها من جنوب سوريا، وأكد مسؤول الشرق الأوسط في وكالة الاستخبارات الأميركية، سعي روسيا إلى إبعاد حزب الله وايران وتعهدها الفوري بتنفيذ هذا البند في منطقة الجنوب.

مقابل ذلك قد تحدث تقرير في شبكة بلدي نيوز عن تعزيز إيران وجودها العسكري بإقامة قاعدة عسكرية في منطقة الكسوة على بعد 50 كيلو متر عن الحدود السورية مع الأردن.

هنا، يرى مسؤولون أميركيون أن هذه التفاهمات تندرج تحت الاختبار الحقيقي لنفوذ روسيا على ايران، وسط محادثات مكثفة بين مسؤولين أميركيين وإسرائيليين لإبعاد حزب الله وايران عن منطقة الجولان.

وأكد مسؤول أميركي رفيع المستوى أن مذكرة عمان تكرس التزام الولايات المتحدة وروسيا والأردن بالقضاء على الميليشيات الإيرانية والعناصر الأجنبية في المجموعات المتطرفة في منطقة جنوب غرب سوريا، وبذلك تمكنت روسيا من سحب أوراق مهمة من  طهران محلية وإقليمية في مقدمتها تضييق هامش التحرك الإيراني في سوريا وتقدمها عليها بفارق كبير في فرض رسم مستقبل سوريا السياسي.

ولتكون يدها هي العليا في الملف السوري، وبذلك يتحول الروس إلى مبعث توجس الإيرانيين حيث يرون أن اتفاق الجنوب خطوة على طريق الإبعاد النهائي من سوريا الذي تعدَه روسيا بالتنسيق مع دول التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

 

- عجز دولي في مجلس الأمن ويد روسية مرفوعة:

استخدمت روسيا حق النقض الفيتو لمنع صدور تسعة قرارات لمجلس الأمن تدين جرائم نظام الأسد ضد الشعب السوري وفيما يأتي المرات التي استخدمت فيها موسكو الفيتو ضد قرارات أممية في العام 2017م:

- 28 فبراير/شباط 2017: استخدمت روسيا والصين حق النقض ضد مشروع قرار لمجلس الأمن بفرض عقوبات على  النظام السوري لاستخدام السلاح الكيميائي، وهو مشروع رأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه "غير ملائم".

- 12 أبريل/نيسان2017: استخدمت روسيا حق النقض ضد مشروع قرار أميركي بريطاني فرنسي مشترك بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، ولا سيما الهجوم الذي وقع في خان شيخون، وأيدت مشروع القرار 11 دولة وامتنعت الصين وإثيوبيا وكزاخستان عن التصويت.

- 24 أكتوبر/تشرين الأول 2017: موسكو تستخدم مجددا حق النقض في مجلس الأمن الدولي لتحبط مشروع قرار أميركي يدعو إلى تجديد تفويض آلية تحقيق دولية مشتركة في الهجمات بالأسلحة الكيميائية في سوريا.

وأيدت 11 من الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن مشروع القرار، وامتنعت الصين عن التصويت، في حين استخدمت روسيا الفيتو بعد رفض طلبها بتأجيل التصويت، وأيدتها بوليفيا في موقفها.

ويستهدف المشروع الأميركي الذي أحبطته موسكو تمديد مهمة التحقيق المشتركة التي تشارك فيها الأمم المتحدة ومنظمة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية لمدة سنة أخرى.

مؤتمر الرياض2:

تداعى إلى الرياض العاصمة السعودية  140 معارضاً سورياً تحت شعار توحيد صفوف قوى الثورة والمعارضة السورية، في ظل غياب الشخصيات الرئيسية المعارضة للمشروع الروسي والوجود الإيراني في سوريا وعلى رأسهم رياض حجاب رئيس هيئة التفاوض المنبثقة عن مؤتمر الرياض1 لذلك جاء مؤتمر الرياض2 على شكل تنازلات مبطنة يمكن إجمالها بالآتي:

-بقاء الأسد في المرحلة الانتقالية، بخلاف نص بيان الرياض1 على أنه "لا مكان لبشار الأسد وزمرته" في النظام السياسي الناشئ عن عملية الانتقال السياسي، أما بيان الرياض 2 فيقول إنه يجب أن يرحل في بداية المرحلة الانتقالية.

- اختصر بيان الرياض 2 عملية الانتقال السياسي المبنية على البنود الواردة في بيان جنيف (30 يونيو/حزيران 2012)، في إطار ضمانات دولية مدعومة بقوة الشرعية الدولية"، إلى عملية تحول سياسي تتضمن "صياغة دستور" و"انتخابات". وهو ما يتوافق مع المشروع الروسي الذي تعتزم تنفيذه في سوتشي والذي يتمحور حول صياغة دستور ثم انتخابات.
- أخطر تنازلات الرياض2 جاءت في البند المتعلق بإعادة هيكلة مؤسسات الأسد الأمنية والعسكرية، وضمان حقوق العاملين فيها". أي أن الذين خدموا في أجهزة أمن الأسد بكادرها الحالي والذين واجهوا ثورة السوريين وما نتج عنها من جرائم, تعهد الرياض2 بتكريمهم ودفع حقوقهم كاملة بدلا من التأكيد على محاسبة المجرمين منهم وفق قوانين العدالة الدولية وسوقهم إلى محاكم جرائم الحرب والإبادة.

- تنازل وفد الرياض2 عن بند إجبار نظام الأسد الالتزام بالقرارات الدولية, واكتفى بمطالبة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بتنفيذ بنود قرارات مجلس الأمن، والعمل القوي والجاد لتطبيق القرارات الخاصة.

- قبول وفد الرياض2 "تطبيق اتفاقيات خفض التصعيد بشكل فعلي وحازم أي القبول بوقف إطلاق النار قبل التسوية السلمية.

- أكد بيان الرياض2، أن مرجعيته هو البيان الصادر عن المشاركين في الرياض2 دون الإشارة إلى مرجعية وفد التفاوض الذي يقوده نصر الحريري بمعنى إفساح المجال لمرجعيات أخرى قد تنشأ في المستقبل المنظور وعلى رأسها منصة موسكو.

وفي هذا السياق يأتي تعنت وفد نظام الأسد وتنازلات وفد الرياض2 ملائمين لظروف انعقاد مؤتمر سوتشي، الذي دعت له موسكو في شباط القادم لتفعيل مشروعها السياسي القائم على صياغة دستور جديد أو تعديل الدستور وإجراء انتخابات في ظل وجود الأسد.

ثانيا: حصاد العام 2017م (عسكريا)  .... يُتبع في قسم ثانٍ

مقالات ذات صلة

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

أردوغان: لدينا تواصل مستمر مع الإدارة الجديدة في سوريا

كيف بررت روسيا سرعة انهيار جيش النظام المخلوع

تجار هولنديون يبدون رغبتهم لتجديد تجارتهم في سوريا

قسد تقترح حلا لمدينة عين العرب شمال شرق حلب

مشروع خط غاز "قطر - تركيا" يعود إلى الواجهة من جديد

//