The Guardian – ترجمة بلدي نيوز
عندما أطلقت روسيا حملتها الجوية لدعم بشار الأسد، كانت تعول بشكل كبير على أن تنهي قوات جيش النظام البرية ما بدأته طائراتها الحربية.
ومع ذلك، وبعد مرور أكثر من 12 أسبوعاً، لم يستطع "الجيش السوري" والأعداد الكبيرة من الميليشيات الشيعية التي تسانده من إحراز أي تقدم ذو معنى على أرض الواقع، في الوقت الذي أضافت فيه طائرات موسكو طبقة جديدة إلى المجازر المرتكبة في البلاد، حيث أودت بحياة ما يزيد عن 600 مواطن سوري من بينهم 70 في إدلب، يوم الأحد.
وقال سكان المناطق المحلية والمراقبون خارج سورية: "الضربات الروسية على مدى الأسبوعين الماضيين كانت أكثر كثافة من أي وقت مضى من سنوات الحرب الخمسة، واستهدفت مناطق في شمال سوريا وأجزاء تسيطر عليها المعارضة في مدينتي حماة ودمشق، حيث دمرت مراكز البنى التحتية، والمشافي، المراكز الطبية ، وطرق الإمدادات والمساعدات الإغاثية".
وفي غضون ذلك، زعمت الولايات المتحدة أن الفجوة التي كانت كبيرة مع روسيا_ بشأن كيفية إنهاء الحرب قد بدأت تضيق، حيث اجتمع الطرفان الأسبوع الماضي لنصرة عملية السلام ونزع فتيل الصراع الذي أودى بحياة 250.000 شخصاً على الأقل وترك سورية مجرد أطلال مدمرة.
على الأرض، في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، لا يوجد ثقة بعملية السلام المتفق عليها في نيويورك، يقول طبيب في مستشف بمدينة إدلب، كان يعالج ضحايا القصف الروسي: "أين هؤلاء الروس العقلاء الذي يدعي كيري بأنهم قد بدأوا يرون النور؟"، وأضاف: "لم يكن قصف بشار الأسد بشناعة القصف الروسي، ولم يقتلنا تنظيم الدولة كما فعل الروس".
ورغم أن الأضرار الناجمة عن الغارات الجوية الروسية تشتد، ولكن القوات البرية السورية لم تظهر أي علامات تُذكر على أنها قادرة على استخدام هذا لمصلحتها، بسبب الصواريخ المضادة للدبابات التي تستخدمها المعارضة والتي غدت عبئاً ثقيلاً على النظام في حماة واللاذقية.
كما أن هناك تصعيد في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية لتجنيد الذكور في الجيش لتعزيز القوى الوطنية.
ففي دمشق، تسير الجهود المبذولة لتجديد الجيش على قدم وساق، يقول أحد السكان ممن هم في سن العسكرية، أن السلطات قامت بحملة قبل شهرين تهدف إلى تجنيد عشرات الآلاف من الرجال في المدينة بالاحتياط، وكان المستهدف من هذه الحملة الأفراد الذين أتموا بالفعل تجنيدهم الإلزامي.
وأضاف: "إن نظام الأسد يريد أناساً يملكون بعض الخبرة العسكرية، فهو لا يسرح العساكر الذين انتهت خدمتهم، بل يضعهم في قوائم الاحتياط، لكي لا يذهبوا لبيوتهم ويختبؤوا".
وأردف أنه تم إعطاء هذه القوائم لنقاط التفتيش حول المدينة، بحيث يتحققون من هويات الشبان المارين، وإن كانوا مطلوبين للاحتياط يتم أخذهم على الفور، فلا يستطيعون العودة لمنازلهم واخذ اغراضهم، كما وضعت الحكومة نقاط تفتيش متنقلة تمر على الأحياء للبحث عن المجندين المحتملين.
وقال رجل آخر من دمشق أن أربعة من أصدقائه الذين لم يكملوا التدريب الاحتياطي، تم أخذهم من منازلهم إلى قاعدة للجيش في المدينة مطلع الأسبوع الماضي، وأضاف: "تمر شاحنات للجيش مع مكبرات للصوت ليأمروا الرجال والفتيان على الانضمام لجيش النظام".
ورغم أن البعثة الروسية إلى سورية كان هدفها تحرير سورية من الإرهاب، لكن مسؤولون عسكريون ودبلوماسيون في الإقليم، قالوا بأن روسيا تركز طاقاتها العسكرية بعيداً عن معاقل التنظيم، وأن ما لا يقل عن 80٪ من الضربات الجوية الروسية تواصل استهداف المناطق التي تسيطر عليها جميع عناصر المعارضة، بما في ذلك الجهادية.
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أن الهجمات الروسية في أنحاء البلاد استهدفت مراراً المساجد والمخابز والمباني السكنية والمدارس ومحطات توليد الكهرباء وإمدادات المياه، وقد جمعت سجلات 570 مدنياً قتلوا في الضربات الروسية، من بينهم 152 طفلاً.
يقول عمال الإغاثة في إدلب، والتي تعتبر معقل جماعات المعارضة التي يقودها جهاديون مثل "جبهة النصرة"، بأن الغارات الروسية قد قامت بما لا يقل عن ستة غارات جوية على حي سكني في قلب المدينة، مما أسفر عن مقتل 70 شخصاً على الأقل وجرح أكثر من 100.
أما الهجمات الموثقة بعد ذلك، فقد سجلت 13 غارة على مشافي المدينة وعياداتها منذ تشرين الأول، وعلى المراكز الحدودية الرئيسية بين تركيا وشمال غرب سورية في كانون الاول.
يضيف عامل الإغاثة: "هدفهم هو إعاقة وصول المساعدات والإمدادات وتجويع المدنيين، وهي استراتيجية عسكرية واضحة".
وفي الأسبوع الماضي، كان هناك70 انفجار على الأقل، وكثير منها بسبب الغارات الجوية التي أصابت منطقة "الغوطة" التي دمرتها الحرب بالقرب من العاصمة السورية، مما أسفر عن مقتل العشرات، وتشير هذه الهجمات إلى تصعيد آخر في الحملة الروسية التي يصر فلاديمير بوتين أنها تستهدف التنظيم.
يقول عيسى خالد، أحد مواطني الغوطة الـ 300.000، الذين بقوا في المنطقة وتعرضوا مسبقاً لهجمات الأسد الكيماوية: "لم نتعرض لمثل هذا القصف أبداً، كانت السماء فوقنا تبدو كهيروشيما بغيوم تشبه الفطر أينما نظرنا، وكان الدمار لا يصدق".
وقال حارث عبد الباقي (34 عاماً) وهو قائد عسكري في شمال سورية: "هذه الحملات تستهدف بوضوح الثورة، وهم يستخدمون القوات الكردية (PYD) كقوة على الأرض الآن، لأن جيش النظام عاجز أن يقوم بذلك بنفسه، وقد فاجأ هذا العجز الروس وجعلهم يغرقون في المستنقع السوري، وهدفهم الآن يتلخص بالسيطرة على خطوط الإمداد والحدود، بحيث يضغطون على تركيا التي لا تريد أن تفقد نفوذها على مقربة من الحدود بينهما".
أما في جنوب حلب، فقد كان هناك تقدم في وقت مبكر من الحملة الروسية، بسبب الميليشيات الشيعية التي قاتلت بكل ما أوتيت من قوة، ولكنها توقفت الآن رغم كثرة الرجال والعتاد.
وتقول جماعات المعارضة والدبلوماسيين في المنطقة، أن المنطقة قرب حلب تسيطر عليها الميليشيات الشيعية الأفغانية التي تأتي لسورية من إيران ويقودها ضباط إيرانيون وكبار أعضاء حزب الله، "المشكلة أن هذه ليست قضيتهم وبالتالي هم ليس لديهم رغبة في القتال، وقد قتل 17 من كبار الضباط الإيرانيين وهم يحاولون فرض النظام والانضباط بين الجنود، بما في ذلك العديد من الجنرالات".
"إن الأمور العسكرية لا تسير على ما يرام بالنسبة إليهم، ولا أعتقد أن شمال سورية سيستقر في أي وقت قريب".