بلدي نيوز - ديرالزور (عمر الحسن)
شهدت محافظة دير الزور خلال الأسابيع والأشهر الماضية، صراعا للسيطرة عليها، حيث بدأت قوات النظام من جهة وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، معركتين منفصلتين، ضد تنظيم "الدولة" الذي كان يسيطر على كامل مساحة المحافظة، لتنحسر رقعة سيطرته شيئاً فشيئاً، بسبب الزخم العسكري بتواجد الطائرات الحربية الروسية وتلك التابعة للتحالف الدولي، وبسبب حضور الميليشيات الأجنبية المتعددة.
حول هذا الموضوع، يقول الصحافي في شبكة "فرات بوست" الإخبارية المتخصصة بنقل أخبار محافظة دير الزور، "صهيب الجابر" في حديث لبلدي نيوز: "تتقاسم القوى المتصارعة في دير الزور السيطرة على المحافظة بنسبة متقاربة، حيث تتساوى تقريباً المساحات التي تقع تحت سيطرة كل من قوات النظام وقوات سوريا الديمقراطية، وتنظيم الدولة".
وأضاف "الجابر" أن "تنظيم الدولة ليست لديه أي استراتيجية مفهومة في خططه العسكرية بدير الزور، حيث أنه ينسحب من مواقع ومدن وبلدات كثيرة من دون قتال، ومن ثم يشن هجمات قوية لا تؤدي إلى استعادته السيطرة على أي منها".
وذهب "الجابر" إلى أن "هنالك تفاهما ضمنيا بين روسيا وأميركا حول معركة دير الزور، حيث أن الأطراف التي تدعمهما أميركا وروسيا على الأرض منسجمة إلى حد ما، وظهر ذلك جلياً في إعلان قوات النظام سيطرتها ليلة أمس على حقل العمر النفطي، رغم ابتعادها عنه عدة كيلو مترات، وذلك لإرباك عناصر التنظيم المتواجدين في الحقل، لتسيطر ميليشيات "قسد" على الحقل بسهولة صباح اليوم".
وأشار "الجابر" إلى أن "التفاهم الروسي الأمريكي يشير ومن خلال مجريات المعارك، أن السيطرة على المدن والبلدات هي من حصة قوات النظام، لأنها تؤدي إلى تعزيز صورة نظام الأسد في المفاوضات التي ستأتي مستقبلاً، فيما تعد مناطق شرق الفرات وحقول النفط خصوصا الواقعة ضمن ما يسمى روج آفا المتصلة بإقليم كردستان العراق، هي من حصة "قسد"، وهذا ما لم تتهاون فيه أميركا أبداً خلال الأسابيع الماضية من معركة (عاصفة الجزيرة) التي أطلقتها قسد"، حسب رأيه.
وأردف "الجابر": "أما المناطق المتبقية تحت سيطرة التنظيم في دير الزور هي ليست ذاته أهمية، خصوصاً بعدما فقد معظم الأحياء والمدن والبلدات المهمة في دير الزور وأريافها، والآن معظم ما يسيطر عليه التنظيم هي مساحات صحراوية خالية من أي شيء، ويمكن أن يخسرها كلها بأي لحظة كما اعتدنا منه ذلك".
ويرى محللون أن انسحابات تنظيم "الدولة" المتتالية تأتي ضمن استراتيجية جديدة للتنظيم لا يعتمد فيها على الجغرافيا، بقدر تركيزه على عمليات خاطفة من جهة، وضرب التوافق الروسي الأمريكي في سوريا، من خلال الانسحاب من مناطق عدة أمام "قوات سوريا الديمقراطية" دون قتال، وكذلك الأمر بالنسبة للنظام في مواقع أخرى، وانتظار اللحظة التي يصطدم فيها حلفاء موسكو وواشنطن للاستحواذ على حقول النفط والغاز شرقي سوريا.
الجدير بالذكر أن محافظة دير الزور تعرضت خلال الأشهر والسنوات الماضية لحملة إبادة جماعية واستئصال عبر ممارسة العنف المفرط، يتبعها سياسة تهجير قسري، حيث غادر المحافظة مئات الآلاف من أهلها، بعد أن كان يعيش على أرضها قرابة مليون ونصف المليون نسمة قبل اندلاع الثورة، كما عشرات آلاف الضحايا من المدنيين سقطوا في سلسلة مجازر ارتكبتها طائرات التحالف وروسيا، على مدار السنتين الفائتتين، وما سبقهما من عمليات القتل والتدمير الممنهج للنظام، ليؤدي كل ما سبق إلى إمكانية تحويل دير الزور وجارتها الرقة، إلى مشروع تغيير ديموغرافي قريب الآجل، برضى قطبي القوة في العالم، الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.