بلدي نيوز – (خاص)
لم تجد الأمم المتحدة عبر تاريخها حل يفضي إلى النزول عند رغبة الشعوب وتغيير حكام الدول، وذلك من مبدئ "سيادة الدولة" الذي أسس له صلح "وستفاليا" عام ١٦٤٨، وعلى الرغم من الخبرة الطويلة التي امتلكها المحنك "كوفي عنان" داخل دهاليز القرار العالمي، إلا أنه فشل في تغيير ذلك "العقد" الذي تشكلت على أساسه عصبة الأمم حين تولى ملف السوري.
لم يلتفت إلى ذلك الأخضر الإبراهيمي الذي تسلم الملف خلفاً لـ"عنان"، لكن "الماكر" ستافان دي ميستورا التقطها منذ البداية وعرف أن حل اللغز يتطلب التخلي عن المشاعر الإنسانية والأخلاقية، والمضي بإعادة شرعية النظام وإعطائه الصفة الاعتبارية، مقابل تمييع المعارضة السورية وعدم إيجاد جسم وحيد يمثلها.
ومن هنا تجري معارك لإغراق الهيئة العليا، بهدف تعويم النظام وتسليم حلفائه ملف إعادة الإعمار والتي ستقاد من خلال سياسة معقدة لتمكن النظام من استلام زمام الأمور وتعطيه القدرة على قبول من إعادته للبلاد، ومنع من يريد غير المرغوبين بهم من قبل النظام.
وبالعودة إلى مبدأ "سيادة الدول" فأن ممثل النظام "بشار الجعفري" في مجلس الأمن تحدث يوم ٢٧ أيلول/سبتمبر ٢٠١٧، حول وجوب الأخذ بمبدأ السيادة الوطنية في إدخال المساعدات الإنسانية وتوزيعها، وجعل ذلك مدخلاً لمطالبة الأمم المتحدة بملف إعادة الإعمار.
الملفت للانتباه أن السياسات الدولية وخاصة الدول الداعمة للمعارضة السورية، تغيرت تغيراً كاملاً لتتفق مع رؤية النظام هذه، ولتخضع لها فعلياً، وإن كانت لا تزال تبرر بأنها ستكون عاملاً مساعداً للوصول إلى اتفاق تسوية سياسية.
حيث أظهرت سياسة الاتحاد الأوروبي الأخيرة قبولاً ببشار الأسد خلال المرحلة الانتقالية، والتعامل معه، إضافة إلى وضع المعارضة السورية تحت الضغط للقبول بذلك.
ويتضح من خلال ذلك أن الاتحاد الأوروبي يريد من خلال انتهاج هذه السياسة، التخلص من اللاجئين الذين وصلوا إلى أراضيه، ويقدمون بذلك إغراء للنظام عبر إعادة تأهيله كسلطة مركزية، واستعدادهم لاتخاذه كشريك لهم في إعادة الإعمار، مقابل القبول بالسماح للاجئين بالعودة إلى سوريا.
وقال نائب رئيس الوزراء الروسي، دميتري روغوزين، أن الدول الغربية أصبحت مهتمة باقتصاد سوريا على غرار روسيا، وأضاف عقب اجتماع اللجنة الروسية مع لجنة من نظام الأسد في سوتشي إن "المثال الروسي أصبح اليوم بالغ الأهمية ويحتذى به من قبل دول أخرى، بما في ذلك دول الغرب، التي تهتم الآن بالاقتصاد السوري، ولكن بالنسبة لنا، وبالنسبة لروسيا، فإن الدول التي تولت المسؤولية الرئيسية في مساعدة القيادة السورية، من المهم جدا ألا تخسر جهودها وتكوّن صداقة مشتركة مع السوريين".
ولفت مصدر من المعارضة السورية لـبلدي نيوز أن تلك التصريحات التي أطلقها نائب رئيس الوزراء الروسي، قد تكون بداية لتعاون روسي أوروبي في مجال إعادة الإعمار في سوريا، مضيفاً أن الدعم الأوروبي يتراجع بشكل كبير لصالح نظام الأسد، مشيراً إلى أن "الهم الوحيد للأوروبيين هو إعادة اللاجئين ووقف تدفقهم نحو دولهم".