بلدي نيوز - (عبدالعزيز الخليفة)
تعرضت المعابر المائية على نهر الفرات خلال الشهرين الماضيين، لقصف جوي من طيران التحالف الدولي وطيران روسيا والنظام، وتسبب القصف على هذه المعابر باستشهاد أكثر من مئة مدني في ديرالزور أمس الخميس.
واستهدف القصف الجوي الروسي العبارات المائية على نهر الفرات في محافظة ديرالزور، التي تنقل الفارين من القصف الروسي بمنطقة جنوبي الفرات المعروفة محليا بالشامية، إلى الضفة الشمالية لنهر الفرات، علما أن الجسور التي تربط بين ضفتي نهر الفرات دمرت بوقت سابق هذا العام من قبل طيران التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة"، لذلك لجأ المدنيون لاستخدام العبارات المائية للعبور عبر ضفتي النهر.
وقالت مصادر إعلامية محلية لبلدي نيوز، إن القصف الروسي استهدف العبارات المائية بين مدينة العشارة جنوبي الفرات (الشامية)، وقرية درنج شمال الفرات بالمنطقة المعروفة بالجزيرة، ما أدى لوقوع مجزرة في صفوف المدنيين، كما استهدفت الطائرات معبر "الخندق" الذي يربط بين بلدتي (القورية وشنان)، والمعبر الرابط بين قريتي (هجين والعباس)، إضافة إلى استهداف القوارب والعبّارات النهرية المنتشرة في المنطقة، ما أسفر عن استشهاد أكثر من مئة مدني، إضافة لغرق عائلة مؤلفة من أم وستة أطفال كانت تحاول الوصول من قرية "سعلو"، وكانت تحاول النزوح إلى بلدة الشحيل بالضفة الشمالية للفرات.
وخلال الأعوام الماضية تعرضت الجسور التي تربط ضفتي الفرات الشمالية (الجزيرة) والجنوبية (الشامية) لقصف من الطيران الحربي -يعتقد أنه بغالبه يعود للتحالف الدولي- قطّع أوصال المحافظة، وجعل من حركة النزوح صعب جدا وربما قد يكون ساعد في فرض سيطرة تنظيم "الدولة" على المدنيين الذين طالما استخدمهم كدروع بشرية.
يقول رئيس مكتب التواصل والمناصرة في منظمة العدالة من أجل الحياة، محمد طه، إن جسري السويعية (يصل مدينة البوكمال وقريتي الهري والسويعية على الحدود السورية العراقية)، والباغوز (يصل بين مدينة البوكمال وقريتي الباغوز والسوسة التابعتين لمدينة البوكمال)، تعرضا لقصف جوي بتاريخ 31/7/2015، مضيفاً أن جسر البقعان، آخر الجسور الواصلة بين ضفتي نهر الفرات في مدينة البوكمال تم استهدافه بتاريخ 1/1/2016.
ويضيف في حديثه لبلدي نيوز، أن جسر الميادين الواصل بين مدينة الميادين وقرى ذيبان والحوايج والطيانة في ريف ديرالزور الشرقي، تعرض لقصف جوي في 26/9/2016، كما استهدف جسر العشارة الواصل بين مدينة العشارة وقرية سويدان جزيرة في ريف ديرالزور الشرقي تعرض للقصف بتاريخ 27/9/2016.
ولفت إلى أن جسر السياسية على الفرات، وهو المدخل الشمالي لمدينة ديرالزور والمنفذ الوحيد لها باتجاه الريف، تم استهدافه بتاريخ 6/10/2016.
وأشار إلى أن القصف الجوي الذي استهدف الجسور على نهر الفرات يرجح أنه جميعه من طيران التحالف الدولي، باعتبار أن المنطقة التي تُستهدف كان يسقط عليها مناشير من الجو موقعة من التحالف تطالبهم بالابتعاد عنها.
وأوضح أن "تدمير الجسور في محافظة ديرالزور، أدى إلى وقوع كارثة إنسانية واقتصادية بحق المدنيين، لا تتضمن التفكير في أوضاع المدنيين الإنسانية الذين يعيشون في المدن والبلدات المحاصرة أصلا من قبل تنظيم الدولة، بمعنى أن سيطرة تنظيم الدولة لمحافظة ديرالزور وسلوكه اليومي الشائن مع المدنيين هو حصار ما بعده حصار ، فكيف إذا زاد هذا الحصار إلى تدمير الجسور، فهي كارثة حقيقية"، حسب قوله.
وأضاف "تدمير الجسور دفع المدنيين الذين يحاولون التنقل إلى القرى البلدات الأخرى، باللجوء إلى المعابر المائية المستهدفة عبر القصف والقنص، وهذا ما زاد من المعاناة أكثر، حيث شهدت عدة حالات استهداف لمعابر مائية بديلة عن الجسور وكان يسقط فيها العديد من الضحايا منهم نساء وأطفال"، مشيرا إلى أن القصف في الآونة الاخيرة شديد على المعابر المائية التي يقصدها المدنيون للتنقل والهروب والنزوح الداخلي من قراهم.
بدوره، يقول الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، ساشا العلو، إن ضرب الجسور كان خطوة تمهيدية لمعركة دير الزور، الهدف منها عرقلة حركة التنظيم بين ضفتي النهر، وسهولة استهداف التنظيم أثناء العبور بالعبارات، مؤكدا على أن المدنيين خارج حسابات التحالف الدولي".
وقال الباحث السوري في حديثه لبلدي نيوز، "الواضح بعد انطلاق معركة ديرالزور أن هناك هدفا آخر من ضرب الجسور، وهو رسم حدود المنطقة الأمريكية في الجزيرة وفصلها عن منطقة نفوذ روسيا والنظام، ويعزز ذلك أن النظام يحتفظ بمواقع عسكرية غرب النهر في منطقة الشامية، لذلك كان الأمريكيون يخططون مسبقاً لتقاسم المعركة ومحافظة دير الزور مع موسكو والنظام".
ولفت إلى أن "ضرب الجسور صعّب من حركة المدنيين بين ضفتي النهر، ولكنهم تحايلوا على الصعوبة باستخدام العبارات الضخمة القادرة على حمل السيارات، إلا أن الطيران الحربي يلاحق هذه العبارات المائية على الفرات ما تسبب بوقوع أكثر من مجزرة في ديرالزور أمس".