بلدي نيوز-( عبد القادر محمد)
شردت طائرات الأسد وقذائف مدفعيته ملايين السوريين، وأجبرتهم على السكن في مخيمات انتشرت على مساحة الشرق الاوسط ككل، المحظوظون منهم حصلوا على خيام ترعاها الأمم المتحدة، التي عجزت عن منع المجرم عنهم.
لكن عدداً كبيراً من هؤلاء المدنيين، الذين لم يستطيعوا الخروج من سوريا أو الحصول على خيمة "تدعمها" الأمم المتحدة، تجمعوا في مخيمات عشوائية، تعتبر قمة البؤس والمعاناة خلال القرن الحادي والعشرين.
هذه المخيمات التي تتركز في إدلب في مناطق زراعة الزيتون، والتي غالباً ما سمح الأهالي للنازحين أن يسكنوها بسبب ضعف فرصة الحصول على منزل أو الحصول على مكان في مخيم "نظامي"، تسببت بأثر سلبي يضاف لكرة الثلج المتدحرجة التي تتضخم كل يوم فتزيد المشاكل والتعقيدات، وتصبح الحلول الإسعافية والمؤقتة، التي لا تقضي على أساس المشكلة مشاكل بحد ذاتها.
فانتشار المخيمات "العشوائية" إن صحت الكلمة، لاسيما في حقول الزيتون، بدأت تتحول لمشكلة لزراعة الزيتون في المنطقة، فقد تسببت هذه الحالة والحل الإسعافي لمأساة النزوح ببروز مشكلة لم يحسب لها حساب، فقد تسبب ذلك بتراجع إنتاج ثمار الزيتون التي تشتهر فيها المنطقة بشكل كبير، وبالتالي خسائر كبيرة للفلاح وللموسم الإنتاجي، فالنظام يدرك أن النازحين في مناطق لا تحصل على دعم كافي سوف يتسببون بالمزيد من الضغط على المنطقة، وسيساهم ذلك في تفتيت المجتمع، لذلك فهو يعمل بمثابرة على التهجير وتركيز المهجرين في منطقة واحدة، بهدف تحطيم المجتمع، الذي لا يوجد لديه من يقدم له العون الكافي.
تعليقا على مأساة هذه المخيمات وآثارها على انتاج الزيتون، قال الأستاذ (محمد المحيميد) مدير المكتب الزراعي في بلدة سجو لبلدي نيوز، إن انتشار المخيمات بين أشجار الزيتون قد أثر سلباً على أشجار الزيتون من حيث الإنتاج، بسبب عدم قدرة المزارعين الذين قدموا أراضيهم لهذه المخيمات على العناية بالأشجار.
وأضاف (المحيميد) أن كل خيمة تأخذ مكان أربع شجرات، وأن أكثر من عشرة آلاف خيمة تنتشر في قرى معرين ويازي باغ وسجو وشمارين وشمارخ، منوهاً إلى أنهم ناشدوا قاطني المخيمات بترك المناطق الزراعية والتوجه للمخيمات المنظمة.
ونوه (المحيميد) إلى أن سعر تنكة الزيت وصل إلى 55$، وهذا يأثر على الإنتاج الزراعي بالنسبة لمحصول الزيت وأيضا الزيتون، وأن مئات الأشجار من زيت الزيتون مهددة بالموت بسبب التكسير للأغصان من قبل النازحين الذين لا يملكون مالاً أو أي مصدر للوقود، بقصد استعمالها للطبخ والتدفئة، ومعروف أن شجرة الزيتون من أكثر الأشجار تحملا للعطش والعوامل الجوية وأصبحت صديقة النازحين حيث إنها تأويه من حر الشمس ومن برد الشتاء
واقترح (المحيميد) حلا لهذه المشكلة بأن يتم توزيع العائلات المهجرة كل خمسين عائلة في قرية من القرى الحدودية حيث أنه يوجد في كل قرية ما يسمى(البيدر)، وهو مكان عام يجمع فيه أهل القرية مواسمهم الزراعية، يمكن أن يوضع فيه خمسين خيمة ويخدم بشكل جيد، وبهذه الحالة تخف هذه التجمعات، وينخرط النازحين في المجتمع، ويعملون كل حسب مجاله وتتولى المجالس المحلية عملية إحصائهم وإغاثتهم.
بدوره قال المهندس الزراعي (حسن الخلف) لشبكة بلدي أن شجرة الزيتون من أكثر الأشجار تحملا، لعوامل الطقس وقلة الاهتمام وإن أكثر ما يهدد الأشجار هو مياه الصرف الصحي التي يستعملها سكان الخيم الممتلئة، بالمواد الكيماوية حيث تضرب الجذور بشكل مباشر.
وأضاف (الخلف) أن بقاء هذه الأشجار بدون عناية لفترة أكثر فإن الكثير من الأشجار مهددة باليبسان، موضحاً أن الشمال السوري يتمتع بنوعية زيتون وزيت من أفضل الأنواع يجب علينا المحافظة على هذه الثروة.
يذكر أن عشرين تجمعا عشوائيا من المخيمات العشوائية استقرت في القرى الواقعة شمال مدينة إعزاز على الحدود التركية جدير بالذكر أن هذه المخيمات تتعرض كل فترة للقصف من قبل "قسد" مما تسبب باحتراق عدة خيام وجرح عدد من المدنيين.