بلدي نيوز – إدلب (خاص)
تستمر الاشتباكات بين فصيلي "حركة أحرار الشام" و"هيئة تحرير الشام" في محافظة إدلب، إذ خلفت الاشتباكات قتلى وجرحى من الطرفين ومن المدنيين بطريق الخطأ فما هي الأسباب وراء هذه الاشتباكات على الرغم من كونها تضعف المعارضة في الوقت الحرج وفي الوقت الذي خسرت فيه مساحات كبيرة لصالح النظام.
ومن الأسباب العلنية والغير مباشرة موضوع علم الثورة الذي تبنته حركة أحرار الشام ومازالت هيئة تحرير الشام ترفضه أو تتحفظ على رفعه في المناطق المحررة، ففي الفترة الأخيرة تبنت حركة أحرار الشام علم الثورة من خلال كلمة القائد العام للحركة علي العمر، وشرعت بعدها لرسم علم الثورة على مقراتها، ورفعه على الحواجز.
في المقابل هاجمت هيئة تحرير منطقة معرة مصرين شمالي إدلب بعد رسم أكبر علم على الجدران في المدينة، ناهيك عن رفعها لأعلام سوداء على دوارات مدينة إدلب مساء الأحد.
حرب الرايات كما يسميها البعض ما هي إلا أسباب علنية هدفها كسب الشعبية من كلا الطرفين بين مؤيد لرفع العلم كونه العلم الذي رفعه الشعب في ساحات المظاهرات، ومعارض له بحجة أن الراية الحقيقية للمسلمين هي راية لا إله إلا الله، وفق آراء الشارع السوري.
ويرى محللون أن حقيقة حرب الرايات هي أمر استفزازي من كلا الطرفين فكل فصيل يبحث عن الحجة والمبرر لإنهاء الآخر لبسط السيطرة والتفرد في المنطقة، التي حُررت بجهود الجميع لتنفيذ مشروعه الحقيقي وليس المعلن، بدليل أن الطرفين يهدفان لإسقاط النظام، وتحكيم شرع الله في الأرض كما يقولان، فالهدف واحد، وليس هناك أي مبرر للاختلاف، ومن باب أولى كما يرى السوريون أن تفتح جبهات ضد النظام وميليشياته بريف حلب الجنوبي وريف اللاذقية وأطراف مدينة حلب.
ولا بدّ للمطلع على ما جرى منذ فترة حتى الآن بأن اشتباكات عدة نشبت بين أحرار الشام وتحرير الشام كانت تنتهي عادة بتوقيع صلح وتشكيل لجنة شرعية ولكن كل هذه القضايا ما زالت عالقة وهذه التراكمات كان لا بدّ من أن تفجّر معركة كبيرة يقضي بها أحد الفصيلين على الآخر في الشمال السوري، فلا يمكن أن تتعدد الرؤوس في منطقة، حسب أحد الناشطين.
ما يدلل على أن العلم ليس المشكلة، وأن السبب الحقيقي هو صراع المشاريع، وتداعيات الاقليم السياسية والتفاهمات الدولية، التي انعكست على المشهد الفصائلي المرتهن القرار، فكل فصيل يحاول تعويم نفسه، لكي يكون صاحب الكلمة العليا والطرف المفاوض مع الأطراف الاقليمية بعد الافرازات السياسية لمؤتمر أستانا، القاضي بإنشاء مناطق "خفض تصعيد" وتدخل روسيا وإيران وتركيا في المناطق المتفق عليها كقوات فصل ومراقبة وضامنة، ولابد من عملية فلترة إذ لا يمكن أن تعتمد الأطراف على أكثر من فصيل، وعلى تركيا أن تفاضل بين حركة أحرار الشام أو هيئة تحرير الشام، أو فيلق الشام أو إنشاء جيش وطني يكون ذراع لها في المنطقة الشمالية، أو أن على الفصائل نفسها أن تختار صيغة لتوحيد القرار أو تأسيس كيان موحد يمثل الجميع وهذا ما لم تستطع الوصول إليه، أو أن تسلك طريق القوة للمفاضلة ويظل البقاء للأقوى.
ويرى مراقبون أن نتائج الاقتتال وخيمة في ظل التراجع العسكري الأخير على الجبهات مع النظام، وأن من يسقط من الطرفين عناصر سوريين، انضموا للفصيلين بهدف واحد هو محاربة استبداد نظام الأسد، وأن هذا الاقتتال في الوقت الحال يقوي شوكة النظام في ظل المآلات السياسية المتردية التي أفرزتها مؤتمرات جنيف وأستانا.