الميلشيات الكردية ونظام الأسد: تعاون اضطراري يؤجل حتمية الصراع - It's Over 9000!

الميلشيات الكردية ونظام الأسد: تعاون اضطراري يؤجل حتمية الصراع

بلدي نيوز - (أيمن محمد) 
تتشابك الخيوط ويزداد المشهد تعقيداً على الساحة السورية بمرور الشهور والسنوات، وتغير طبيعة التحالفات، وتجدد العمليات العسكرية على الأرض، بين حاملي السلاح بمختلف ألوانهم وتنوع مشاربهم، ومن يدعمهم من وراء الستارة، من الدول المؤثرة فيما يجري في سوريا.

وتشهد الفترة الحالية حالة توتر بين الميليشيات الكردية المغطاة براية قوات سوريا الديمقراطية "قسد" والنظام، والتي سرعّها التقدم السهل نسبياً للنظام في مناطق شرق حلب، والذي حدث بموجب مجموعة انسحابات للتنظيم من أمام النظام، حيث يمكن القول إن هذه الانسحابات من التنظيم تخدم استراتيجيته العامة في سوريا، من ضغط لقواته وإعادة تركيزها في نقاط الدفاع الحيوية الرئيسية، وتجهيزاً للمرحلة القادمة من الحرب التي قد تتحول بناء على الكثير من المعطيات إلى حرب عصابات، على طول خطوط تموين قوات النظام، التي تتوسع تدريجيا لدرجة أنه لن يستطيع النظام السيطرة عليها بعد فترة وجيزة، وسيصبح مجبرا على الاختيار بين التمركز في المدن أو الدفاع عن خطوط إمداده الطويلة التي ستشكل عبئاً ثقيلاً على قواته وحتى القوات الروسية الداعمة له.

ورغم التوتر الواضح بين النظام وميليشيات "قسد"، إلا أن علاقات جيدة تربط الطرفين، حيث مازالت الوحدات الكردية ترعى مصالح النظام في المناطق التي تسيطر عليها، ومازالت حتى اللحظة تمنح النظام رخصة السيطرة على مطار رئيسي في قلب معقل الوحدات في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة، وبالمقابل فإن النظام مازال يُسهل حركة القوافل التجارية بين مناطق الميليشيات المنفصلة عن بعضها شمال سوريا، ويبدو جلياً أن كلا الطرفان يثمنان هذا التحالف الضمني بينهما.
ما يحدث فعلياً هو اشتباك بين النظام والميليشيات الكردية بهدف أن تصل قوات النظام إلى الحدود الجنوبية لمدينة الرقة، والتي تعتبر مشرفة جغرافياً على المدينة، وهي محمية طبيعيا؛ فهي تعتبر عبارة عن تلة "حتية" تشكل جزءاً من سرير نهر الفرات، ووصول النظام إليها تعطيه ميزة عسكرية في المدينة هي الإشراف الناري والبصري على كامل أحيائها، وقدرة على السيطرة النارية على معظم شرق وجنوب وغرب المدينة، الأمر الذي يعتبر قوة عسكرية له في المنطقة، ويعتبر ورقة بيد النظام لاحقا ضد الميليشيات الكردية، فهو يحاول تكرار سيناريو فوج "طرطب" أو جبل كوكب وغيره في الحسكة والقامشلي، حيث تسيطر قوات النظام على نقطة استراتيجية واحدة مشرفة ومهمة في المدينة، بحيث يستطيع التسبب بالكثير من الضرر عسكريا، في حال حصول أي صدام مباشر مع الوحدات الكردية، وهو يحاول تكرار نفس السيناريو في الرقة، التي يدرك أنه لن يسمح له بدخولها.
وإن كانت الوحدات الكردية التابعة لميليشيات "قسد" غير سعيدة في اقتراب قوات النظام من ملعبها في الرقة، إلا أنها لا تبدو منزعجة كذلك، فالغضب الواضح في الشارع السوري لنتائج مجريات المعركة التي تخوضها "قسد" في الرقة، وسقوط هذا الكم من الضحايا المدنيين، لا يمكن إطفاؤه إلا بدخول عدو السوريين الأول إلى الصورة، وهو ما يخفف إلى حد ما من فكرة سيطرة "قسد" على الرقة.

في نظرة أوسع للتقارب بين النظام والوحدات الكردية، نجد أن إيران هي الأخرى ترحب بالوئام بين المناطق التي تسيطر عليها الوحدات في سوريا والمناطق التي تسيطر عليها الميليشيات الشيعية الطائفية في العراق، حيث ترى إيران أن المناطق الكردية في سوريا هي جزء ضروري من الطريق البري الواصل بين طهران وبيروت، كما أن الحكومة العراقية في بغداد هي الأُخرى تشارك طهران ذات الموقف، خصوصاً بعد ورود تقارير كثيرة تفيد بأن الحكومة العراقية هي من كانت تدفع الرواتب للمقاتلين ضمن وحدات مقاومة سنجار، بالإضافة إلى أن "حزب الحياة الحرة" الكردي الشقيق لحزب العمال الكردستاني، قد كفى طهران شروره وأعماله القتالية خلال السنوات الماضية.
الصدام بين النظام والميليشيات الكردية يصعب إلى حد ما وصوله لمرحلة القطيعة الكاملة -على الرغم من إمكانية ذلك في مرحلة من المراحل المتقدمة لاحقا وبالأخص عند الإعلان عن الدولة الكردية في الشمال السوري- بسبب ترابط المصالح المرحلية بينهم وعدم وصولها بعد لمرحلة حرجة تؤدي للقطيعة وسقوط التحالف بينهما، فالنظام يدرك أنه لا يملك أوراق ضغط حقيقية على الأكراد في المرحلة الحالية، خصوصاً أنه في حال وصلت الأمور لمرحلة القطيعة النهائية فهو سيخسر الحسكة والقامشلي وأي احتمالية لوجوده في الرقة والشمال السوري ككل، ما يعني أنه لن يحبذ حصول القطيعة بشكل كامل، كما أن الوحدات الكردية من جانبها تدرك هي الأُخرى أن النظام يسيطر على الطريق الواصل بين مناطقهم شرقي وغربي الفرات، وهم في حال وصل الأمر للقطيعة الكاملة مع النظام وإعلان الحرب بينهما، فهي سوف تخسر الممر بين غربي وشرقي الفرات عبر مناطق النظام، ما يعني أنها قد تجبر على الصدام معه من أجل هذا الممر.

سيطرة الوحدات على مساحات في الشمال السوري

خلاصة القول، العلاقة بين النظام والميليشيات الكردية على الرغم من توترها الحالي لكنها لم تصل بعد إلى مرحلة القطيعة الكاملة، فكل طرف منهما ما يزال محتاجا للطرف الآخر ولو مرحلياً خلال هذه الفترة، لكن إمكانية قطع العلاقات الكامل وربما الصدام بينهما موجودة بذورها في مشروع كل منهما وأفكار داعميه.

مقالات ذات صلة

الرقة.. هروب جماعي لعناصر "قسد" من مدينة الطبقة

وزيرة الخارجية الألمانية تدعو إلى نزع سلاح (قسد)

قسد تقترح حلا لمدينة عين العرب شمال شرق حلب

تطورات مناطق دير الزور والرقة والحسكة

"قسد" تعلن فشل الوساطة لخفض التصعيد في منبج وعين العرب

ماذا تضمنت مبادرة "قسد" لإدارة الدولة السورية؟

//