بلدي نيوز- (جبران جلال)
تناقل ناشطون سوريون وعرب وغربيون، صوراً لصحفيين وإعلاميين من الثوار السوريين، وهم يسعفون جرحى كفريا والفوعة المواليتين، الذين أرسل لهم نظام الأسد عربة مفخخة لتنفجر فيهم، على أمل أن يحرف الأنظار عن مجزرة الكيماوي التي ارتكبتها طائراته، وراح ضحيتها أكث من 100 شخص و500 مصاب.
المشهد السريالي الذي ظهر فيه الصحفيون "الثوار" السوريون، والذين لا يوجد أي منهم، إلا ولديه فقيد أو شهيد أو مغيب في زنازين الأسد، يظهر الحالة الإنسانية التي يمتلكونها، على الرغم من عدائهم الشديد للأسد والأذى الذي تسبب لهم به ولعائلاتهم، فمنهم كثير قضى أحباؤهم تحت التعذيب في سجون الأسد بسبب قرابتهم بهم فقط.
على الطرف الآخر للقصة، يوجد جيش من "إعلاميي" النظام، الذين ظهروا غير مرة، وهم يحققون مع المدنيين المعتقلين، أو يشاهدونهم وهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة، بعد أن قصفهم أو قنصهم عناصر النظام أو أمروا عناصر "الحرس الجمهوري" بإطلاق الرصاص عليهم لتصويرهم في الأنفاس الأخيرة، والذين يشتهرون بصور "السيلفي" مع جثث المدنيين، بعد المجازر في المناطق التي يحتلها النظام.
لكن ما خفي (أو أخفاه النظام) فعلياً، هو ماكينة إعلامية كبيرة تابعة عقائدياً ونفعياً للنظام، يقودها ويحركها بنفس أسلوب قيادته المباشرة للأفرع الأمنية، فكل فرع وميليشيا لدى النظام أصبح يمتلك ويشرف على "وسائله الإعلامية"، التي تعمل بدون كلل ولا ملل لتحشيد المؤيدين، وتخويفهم واستخدامهم وتوجيههم وغسل عقولهم، والتأكيد لهم صباح مساء أنهم مرتبطون عضوياً ومصيراً مع الأسد، وأن زوال الأسد يعني زوالهم.
فيسبوك - تويتر
يتركز الإعلامي "الموازي" الذي يمتلكه النظام بشكل أساسي على الفيسبوك والتويتر، حيث يمتلك النظام سواء بشكل مباشر أو غير مباشر (عبر مؤيديه العقائديين) العشرات من الصفحات والحسابات المختلفة على هذين الموقعين، إضافة لليوتيوب بشكل أقل، والتيليغرام بشكل محدود.
يستخدم النظام هذه الصفحات، لتمرير الرسائل والقصص والتعليمات غير المباشرة، التي يود نشرها واستخدامها، مستهدفاً مؤيديه ومعارضيه على السواء.
فاستخدم هذه الصفحات لكيل التهديد والوعيد للثوار ومناطقهم طوال الوقت، حيث يعتبر التهديد باستخدام الكيماوي منذ عدة أيام في ريف دمشق، آخر الأعمال المهمة لهذه "الفرقة العسكرية" من الصفحات، والتي اعتبرت شكلاً من أشكال الحرب النفسية والتهديد الجدي، فالثوار والمدنيون يدركون تماماً أن هذه الصفحات تابعة بشكل مباشر للنظام، حيث أنهم يأخذون كلامها بالنسبة للتهديدات على محمل الجد، خصوصاً أنها مقادة من قبل الأمن، الذي يعتبر المخطط والمنفذ لجميع عمليات النظام.
ما جعل من كلامهم بمثابة تهديد مباشر للثوار، أنهم سوف يتعرضون للقصف الكيماوي خلال الليلة التي اجمعت فيها هذه الصفحات على التهديد بذلك.
من بين أهم الصفحات التي تستخدم للترويج للنظام وأعماله صفحة "دمشق الآن"، وهي تهتم بنشر الكثير من الأمور والانتقادات لعناصر ثانوية من النظام (لا تستطيع الوصول في نقدها لمستوى يتجاوز الحد المسموح به، والذي يبدو أن لا يتجاوز رئيس أصغر فرع من أفرع الأمن لدى النظام، أما الوزراء فهؤلاء مجرد كومبارس لا قيمة لهم فيمكن انتقادهم)، حيث يعتبر هذا أسلوباً لإعطائها مصداقية، وجعلها مقربة أكثر من الطبقة الموالية للنظام، التي ما تزال تصدق أنه يهتم بالموالين، فهي تنشر الكثير عن تجاوزات الموظفين الصغار وعناصر الجيش والأمن الصغار (وقصص تضحياتهم ومعاناتهم وانسانيتهم وشجونهم)، وتعتبر ما يحدث في سوريا من باب "التسيب"، وأن النظام "يعاني من هؤلاء المفسدين" حسب توصيفها!، ومثلها الكثير من الصفحات الموالية التي تمجد جيش النظام وأفرعه الأمنية، وتؤله الأسد وأركان نظامه وتتشفى بدماء السوريين.
كذلك يوجد العشرات من الصفحات المماثلة، والتي تعنى بنقل الرسائل المتعددة والموجهة، بناء على التوزع الجغرافي والطائفي في مناطق النظام، والتي يشرف على كل صفحة منها فرع الأمن أو الميليشيا العسكرية المسيطرة على المنطقة، مثل صفحات ميليشيات الحرس الجمهوري في ديرالزور "أسد الله الغالب" وغيرها، وهي صفحات متعددة تتجاوز المشهورة منها 40 إلى 50 صفحة، وهي صفحات تقطر طائفية وحقداً عميقا ضد السوريين، ويعرف عن الكثير منها تشفيها وسخريتها من معاناتهم ومآسيهم.
يستخدم النظام هذه الصفحات كإعلام "موازي"، يعمل بالتنسيق وبشكل متكامل مع إعلامه الرسمي، وهي الشكل الحقيقي لإعلامه المشبع بالطائفية والحقد الأعمى، والتي يستخدمها لكي يبقى إعلامه الرسمي بمثابة "إعلام دولة" تهتم بمواطنيها، وذات خطاب "وطني" (على الرغم من أن النظام صبغها بمظهر طائفي مميز لا تخطئه العين).
فهي تعتبر بمثابة الإعلام الغير رسمي "الموازي" لإعلام الأسد الرسمي، والذي يستخدمه النظام لتوجيه الرسائل التي لا يستطيع توجيهها بشكل رسمي، فهو أجبن من كيل التهديد والوعيد عبر إعلامه الرسمي، ويظل يستخدم تقيته المشهورة تاريخياً حتى اللحظات الأخيرة.