بلدي نيوز – (منى علي)
جاءت التفجيرات التي ضربت مترو الأنفاق في مدينة سان بطرسبورغ الروسية، يوم أمس الاثنين، في سياقها المتوقع، بل اعتبر محللون أنها تأخرت كثيراً، فهي على لائحة الانتظار منذ فترة ما بعد التدخل العسكري الروسي المباشر بسوريا في أيلول من العام 2015، وقد جاءت التفجيرات التي أودت بحياة 14 شخصاً ضمن السيناريوهات المتوقعة والمكرورة من حيث المكان وطريقة التنفيذ، وبالتالي ستكون مخرجاتها ضمن السياق أيضاً من حيث كونها عملية "إرهابية" نفذتها جهة "إسلامية متطرفة"، وهو ما بدا الإعلام الروسي يتداوله فعلاً بالإشارة إلى ضلوع شخص من آسيا الوسطى بالهجوم، سيتضح لاحقاً أنه يتبع إحدى "الجهات الجهادية".
صدى "بطرسبورغ" يطلق ألسنة العرب!
مبدئياً، حصد بوتين نتائج مبهرة على الصعيدين الدولي والعربي، فكان من الطبيعي في زمن "مكافحة الإرهاب" أن يطلق العالم العنان لسيل جارف من التضامن والإدانات، وهو ما حصل، إلا أن اللافت كان حجم و"حميمية" و"عاطفية" التضامن العربي مع الجرح الروسي!.. فرسائل بعض الحكام العرب تجاوزت التنديد والتضامن لتبدو وكأنها تحاول نفي تهمة عن مرسليها، متناسين أن الذي يتضامنون معه هو نفسه قاتل عشرات آلاف الأطفال والنساء والشيوخ من أبناء جلدتهم العرب السوريين، وغاضين الطرف عن تذكر أن طائرات روسيا تقتل في اليوم الواحد من السوريين أكثر بكثير من إجمالي قتلى "بطرسبورغ"، إلا أن رسالة واحدة لم تذكر الزعيم الروسي بذلك، وبالتالي فإن أي ردة فعل روسية دموية على هجوم "بطرسبورغ" بإدلب أو حماة أو حمص أو درعا، أضحت محسومة لصالح استيعاب ردود الأفعال التي كانت متوقعة وإن على بساطتها، فروسيا -بعد الآن- لن تُلام حتى لفظيا مهما فعلت، فهي في سوريا للدفاع عن بطرسبورغ وموسكو!..
الرد في إدلب!
وكالة "سبوتنيك" الروسية نسبت للقنصل التركي السابق في أربيل، قوله إن روسيا ربما ترد على "الهجوم الإرهابي" في مدينة إدلب السورية، "حيث ستخوض هناك المعركة الأخيرة ضد الإرهاب!!".. وإلى الرأي نفسه ذهب محللون كثر رأوا أن روسيا ستستثمر الحدث داخليا وخارجيا، ما حدا ببعضهم إلى تأكيد أن نظام بوتين هو من خطط ودبر ونفذ.
الصحفي والكاتب السياسي السوري "محمد منصور" علق على تقرير "سبوتنيك" بالقول: "أنا لا أثق بوكالة سبوتينيك الروسية، وهي معروفة بكذبها وفبركتها في روسيا، وبأنها أكذب من قناة الدنيا السورية.. وبالتالي فهذا التصريح (المنسوب للقنصل التركي السابق) هو مفصل تماماً على ما تريده المخابرات الروسية. بل إن هذا التصريح سواء قاله القنصل السابق في أربيل أم لم يقله، تبين أن تفجير بطرسبورغ هي من فبركت تفجير بطرسبرغ، للقول إن حربها في سورية مشروعة، وهي تقاتل هناك من أجل أن تمنع وصول الإرهاب إليها".
وأضاف الكاتب الصحفي "منصور" في تصريح خاص لبلدي نيوز "ناهيك عن أن هذا التفجير الذي افتعلته المخابرات الروسية، العريقة في عملياتها الإجرامية، وفي اغتيالاتها ودس السم لدبلوماسييها أو عملائها حين تريد التخلص منهم أو دفن أسرارهم معهم، أرادت من هذا التفجير تبرير قمع المظاهرات التي اندلعت ضد الفساد في روسيا، والقول أن الإرهابيين سيستغلون هذه المظاهرات من أجل العبث بأمن البلاد".
وخلص "منصور" للقول: "كل هذه الرسائل مكشوفة، وهي ليست إلا تعبيراً واستكمالا للدور الإجرامي الروسي في سورية، وما هذه الألاعيب الاستخباراتية إلا تعبير عن أن روسيا طرف أصيل في الجريمة مع الأسد، ولا يجب التعامل معها إلا بهذه الصفة".