بعد تحرير "الباب".. من سيعصر زيتون "عفرين"؟ - It's Over 9000!

بعد تحرير "الباب".. من سيعصر زيتون "عفرين"؟

بلدي نيوز- (خاص)
سيطر الثوار بدعم تركي على مدينة الباب بعد معارك دامية وطويلة مع التنظيم، المدينة التي يبدو أنها أصعب أجزاء المعركة التي تدعم فيها تركيا الثوار في الشمال السوري، فما بعد الباب سيكون أسهل نسبياً، حتى الوصول إلى الرقة، فالباب تعتبر النقطة الأساسية لتمركز التنظيم في المنطقة، وهي العقدة الأساسية في خط دفاعه عن الرقة من اتجاه حلب.
بعد تحرير الباب، حصلت تركيا على ما تريده مرحلياً بمنع احتمالية امتداد الأكراد، وتشكيلهم لكيان يمتد من القامشلي شرقاً إلى الساحل السوري في كسب غرباً، وهي بسيطرتها على الباب ضمنت تقريباً هذا الأمر، وأصبح وصل شرقي الكيان بغربه أمرا شبه مستحيل، الأمر الذي يعتبر ضربة شديدة تلقتها الميليشيات الانفصالية الكردية، على الرغم من الدعم الغربي والروسي المطلق لها.
الباب وضعت حدا لاحتمالية وصل ما يسمى "كانتون عفرين" بما يسمى "كانتون الجزيرة"، وهي الأسماء التي أطلقتها الميليشيات الانفصالية الكردية، على المناطق التي أحتلتها بدعم النظام والروس والتحالف الدولي وإيران، وهجرت أهلها العرب والتركمان منها، مرتكبة واحدة من أبشع عمليات التطهير العرقي في التاريخ البشري.
كانتون يحتضر
الفكرة التي لا تعالج حالياً بشكل كافي عبر وسائل الاعلام، أنه بعد تحرير الباب، أصبح القسم أقصى الغرب والواقع تحت سيطرة الميليشيات الانفصالية الكردية معزولاً تماماً، وبقائه في هذا الوضع لن يكون ممكنا أو منطقيا خلال الفترة القادمة، مهما كانت طبيعة الوضع في سوريا.

فعملياً يعتبر نجاح الثوار في الباب بدعم تركي، نجاحا مزدوجاً للأتراك على المستويين التكتيكي والاستراتيجي.
فمنع الميليشيات الانفصالية من وصل الكانتونين، يضمن كذلك منع وصولهم إلى البحر الأبيض المتوسط، فوصولهم للمتوسط له أهمية كبيرة عندهم، وهو هدف استراتيجي كبير، يتمثل بعاملين مهمين، تقوية مشروعهم الانفصالي بالوصول إلى البحر، بما يعنيه من امكانية تصدير النفط والثروات الباطنية والمنتجات المنهوبة من أراضي السوريين، والأمر الثاني خنق تركيا اقتصادياً، عبر منع وصولها اقتصاديا إلى سوريا الداخلية ودول الخليج، أو على الاقل استثمارها لإضعافها، حيث سيعتبر الشريط الكردي منطقة لاستنزاف تركيا، عبر الضرائب الكبيرة على البضاعة المصدرة، التي ستضعف القدرة التنافسية للبضائع التركية في الخليج.
ومن جهة أخرى يقوي هذا الكيان وضع الميليشيات الانفصالية الكردية في تركيا، والتي في حال استقر لها الوضع في سوريا، فستكون خطوتها التالية تركيا بكل تأكيد.
كذلك يعمل الشريط الكردي على عزل تركيا عن عمقها العربي الاسلامي، ومنعها من التفاعل معه والتأثير فيه، ومنع السوريين من الاتصال بتركيا، ومنع أي شكل من أشكال الدعم الانساني والعسكري من الوصول للسوريين عبر تركيا، وحماية نظام الأسد عبر حزام عازل كردي، والسماح لإيران بالنفوذ في المنطقة، بهدف اتمام الطوق حول تركيا بغية إضعافها واستنزافها.
لكن ما يحدث الآن هو أن الشريط الكردي يتعرض لإعادة الهيكلة، فيبدو أن القسم الشرقي لن يتصل بالغربي، وسيصبح كانتون عفرين في خطر حقيقي، فهو مؤهل الآن لأن يكون الهدف التالي للثوار وتركيا، التي لن تحتاج للكثير من الجهد لتحريره، خصوصاً إذا أجرت تفاهماً مع أمريكا حوله كي لا تدعم الميليشيات الانفصالية فيه جوياً، فهي تدرك أنه في وضعه الحالي عديم الفائدة، فهو بمثابة جيب صغير، يمكن تحييده بسهولة وخنقه، ولن تصمد الميليشيات الكردية في المدينة، كما صمد التنظيم أمام الثوار، ففي حال تعرضت تلك الميليشيات لجزء محدود من القصف الذي تعرض له التنظيم، فلن تستمر بالقتال لعدة ساعات، وسيكون تحرير عفرين أسرع بمائة مرة من تحرير الباب، على الرغم من الفرق في المساحة والقوات الموجودة فيها، ومستوى تسليحها ودعمها، الأمر الذي سيشكل ضربة معنوية وعسكرية ونفسية للميليشيات الانفصالية الكردية لن تتعافى منها بسهولة ، فهذه المعركة التي لا يبدو أنها ستستغرق سوى ساعات إلى أيام بالحد الأقصى، تكشف حقيقة القدرة العسكرية للميليشيات الكردية بدون دعم جوي، وستحرر عفرين خلال وقت قياسي، فيما استغرقت الميليشيات الانفصالية عدة أشهر للسيطرة على مدن صغيرة من قبضة التنظيم، رغم الدعم الغير محدود جوياً وبرياً.
خيارات أخرى.. التحالف مع الشيطان!
لكن هذه ليست كل السيناريوهات المتعلقة بعفرين، فالأكراد يعملون عادة نكاية بتركيا، وقد يعملون على تسليم المدينة للنظام، بحجة إجراء مصالحة معه، الأمر الذي سوف يمنع تركيا من دخولها، وستعود المدينة لسلطة النظام مرة أخرى، الأمر الذي يعتبر ضربة أخرى للأكراد، الذين على الرغم من ولائهم للنظام، لكنه سوف ينتقم منهم بهدف تحجيم طموحهم، وسوف يعيد المدينة لقبضته، وستعرضون للضغط من الميليشيات الايرانية، وستحدث عمليات توطين للشيعة في المنطقة، خصوصاً أن المنطقة مهمة جداً لايران وروسيا للضغط على تركيا لاحقا، ما يعني أن الميليشيات الكردية ستعاني من التهميش، وقد تعمل إيران على تصفية هذه الميليشيات في تلك المنطقة، بهدف تحجيم دور الأكراد في سوريا، فهي تدرك أن نجاحهم في سوريا قد يكون مقدمة للبدء بالتحرك ضدها، خصوصاً بعد المؤتمر الذي عقد برعاية روسية، وضم ممثلين عن الميليشيات الكردية في الدول الأربع.
الخيار الثالث والذي قد يكون وارداً أيضاً، أن تسعى الميليشيات الانفصالية الكردية لضم هذا الكانتون تحت عباءة "المناطق الآمنة"، وبخاصة إذا كانت إدارتها تابعة لدول غربية، وبخاصة المانيا والدول الاسكندنافية، وتحويل الميليشيات الكردية إلى "شرطة محلية" تسيطر على المنطقة بغطاء غربي، وبهذه الحالة ستضمن سيطرتها عليها والحماية من تركيا عبر "الأمم المتحدة".
خلاصة القول، تعاني الميليشيات الانفصالية الكردية، من وضع لا تحسد عليه في كانتون عفرين، ولن يطول الأمر قبل خروجه عن سيطرتها، وهي بين خيارين أحلاهما مر، تسليم الكانتون لإيران والنظام بما يحويه الأمر من إذلال منتظر على يد الميليشيات الشيعية، التي سوف تمارس مع هذه الميليشيات نفس ممارساتها العنصرية السابقة مع المدنيين العرب والتركمان، وستتعرض المنطقة لعملية تغيير ديموغرافية جديدة، بهدف استجلاب عناصر شيعية إلى المنطقة، تساهم بشكل أكبر في تحييد الاكراد، أو أن تسلمها لأصحابها الأصليين من الثوار السوريين، الذين شردتهم من بيوتهم وأرضيهم، متناسية واحدة من أعظم حكم التاريخ والتي تنطبق اليوم على كانتون عفرين "إن من يسلب حقاً بالقتال، كيف يحمي حقه يوماً إذا الميزان مال؟؟".

مقالات ذات صلة

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

أردوغان: لدينا تواصل مستمر مع الإدارة الجديدة في سوريا

تجار هولنديون يبدون رغبتهم لتجديد تجارتهم في سوريا

قسد تقترح حلا لمدينة عين العرب شمال شرق حلب

مشروع خط غاز "قطر - تركيا" يعود إلى الواجهة من جديد

أزمة حادة في اليد العاملة بتركيا بعد عودة عدد كبير من العمال السوريين إلى بلدهم

//