بلدي نيوز – (ميرفت محمد)
أكدت شواهد عدة على تورط إيران وضلوعها في عمليات إرهاب عابرة للحدود، فقد استخدم ووظف النظام الإيراني ميليشياته وعناصرها المدعومة بالمال والسلاح من أجل القيام بعمليات إرهابية لغايات معينة.
الآن توضع إيران أمام تهديدات متواصلة من قبل الإدارة الأمريكية التي يمثلها الخصم الجديد (دونالد ترمب)، وقد تدفع هيمنة إيران وميليشياتها المنتشرة في العالم نحو استخدام هذا الإرهاب لمواجهة ترمب بضرب المصالح الأمريكية، وتوظيف هذه العمليات لكبح ترمب بفتح جبهات ضد بلاده، وهذا ما يحاول "بلدي نيوز" استقرائه بالحديث مع عدة مختصين في الشأن الايراني.
تحريك الميليشيات
يؤكد الناشط الحقوقي الدولي "فيصل فولاذ" أن هناك "اعتقاد جازم بلجوء النظام الإيراني إلى إشعال المنطقة وتوتير الأجواء من خلال ميليشياته في لبنان كحزب الله وسوريا والعراق واليمن والبحرين وإثارة الفوضى والعنف".
ويفسر (فولاذ) اعتقاده السابق بالقول "جربت أمريكا فرض عقوبات مشددة على النظام الإيراني، ونجحت في تحشيد الرأي العام الدولي ضده، وتحولت العقوبات الأمريكية ضد طهران، إلى عقوبات دولية شاملة، ومع ذلك واصل النظام برنامجه النووي، وتوسعت مطامعه الإقليمية ومول ودعم الإرهاب أكثر وأكثر، وأجبر المنظومة الأمريكية والغربية بالتراجع مع التوقيع على الاتفاق النووي، الذي وصفه محمد جواد ظريف بـ(اتفاق رابح – رابح) اليوم"، وتابع فولاذ في حديثه لبلدي نيوز "لن يكون بمقدور إدارة ترمب، فرض أطواق العقوبات ولجم النظام الإيراني، فلا روسيا ولا الصين ولا أوروبا، تستطيع مجارة واشنطن في مسعاها هذا".
ويستشهد (فولاذ) بالقول "النظام الإيراني بدأ بتحريك الحشد الشعبي بالعراق ومناصريه للمطالبة بميناء وأراضي بالكويت، كذلك موقف قادته وتدخلاتهم بدعم الإرهاب بالبحرين صار مكشوف وعلني ودون تستر، أما في تخريب الاتفاق الروسي التركي في سوريا فهو واضح جدًا، وكذلك العمل مع النظام السوري لتخريب اتفاق وقف النار، كل ذلك ستكون أوراق ضغط ومساومة مع إدارة ترمب وستستغل من النظام الإيراني".
الاستراتيجية الجديدة
يقرأ مدير مركز ميسان للدراسات العربية والإيرانية "محمد المذحجي" في تصريحات إدارة دونالد ترمب "النارية دون أفعال"، كما يصفها حالة مشابهة لما تم التحضير له خلال فترة حكم (باراك أوباما)، مؤكدًا على أن ذلك الضغط الإعلامي والنفسي ضد إيران يأتي بهدف إرغامها على قبول الاستراتيجية الجديدة للشرق الأوسط التي تختلف عن استراتيجية الإدارة الأمريكية السابقة.
يقول "المذحجي" أن ترمب يحاول تأطير الدور الإيراني في المنطقة بعيداً عما تريده بعض الدول الأوربية ومنها ألمانيا وبريطانيا وأيضاً بعيداً عن الصين، ويضيف "هناك يأتي تقاسم في الأدوار بين موسكو وواشنطن حول هذا الموضوع، بحيث يلوح البيت الأبيض بلغة التهديد وفرض المزيد العقوبات على إيران في حال توجه الأخيرة إلى الصين أو الإبقاء على دعم السياسة الأوربية في الشرق الأوسط التي أصبحت تختلف عن السياسة الأمريكية في العديد من الجوانب والزوايا".
ويشدد مدير مركز "ميسان للدراسات العربية والإيرانية" خلال حديثه لبلدي نيوز على أنه في حال رفضت طهران التعامل إيجابياً مع توجهات ترمب الجديدة أو توجهها إلى الصين، سنشهد المزيد من التصعيد ضد إيران وحلفائها في المنطقة، وتابع القول "في المرحلة أولى ستدخل إسرائيل على الخط لضرب حليف طهران في لبنان أي حزب الله، وبعدها سيتم حذف الميليشيات والأحزاب الموالية لإيران في العراق من المشهد السياسي، في حال حصول مقاومة لذلك سيتم استخدام القوة العسكرية في العراق".
ويتوقع "المذحجي" أنه في حالة لم يغير ذلك من أسلوب طهران، سنشهد توجيه بعض الضربات لمواقع الحرس الثوري داخل إيران، فضلاً على فرض عقوبات صارمة ضدها، مضيفًا "حسب المؤشرات الحالية، يمكن القول إن طهران ستلبي جزءاً من المطالب الأمريكية بفعل الدور الروسي، وتعمل موسكو على أن تكون وسيطاً جديداً بين طهران وواشنطن بعدما فشلت الوساطة الأوربية من خلال فدريكا موغريني، ولم تنجح الأخيرة في فتح قناة حوار بين الإيرانيين والأمريكان".
الورقة الطائفية
يصف الكاتب والمحلل السياسي (أسامة الهتيمي) إيران بالإخطبوط الذي يمتلك العديد من الأذرع القادر على تحريكها في اتجاهات عديدة، فالأوراق التي بيد إيران لا تقتصر على أذرعها السياسية والعسكرية التي تتسم بالطائفية في عدد من البلدان كاليمن وسوريا والعراق والبحرين ولبنان وغيرها.
لذلك لا يستبعد الهتيمي أن تقوم إيران في إطار الضغط على الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة (دونالد ترمب) وإثنائه عن تهديداته المتواصلة بتحريك هذه الأذرع سواء السياسي منها أو العسكري، يقول (الهتيمي) لبلدي نيوز "بمقدور إيران أن تهدد أمريكا وبشكل مباشر عبر استهداف القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة والبالغ عددها نحو 36 قاعدة فضلًا عن منع الملاحة في خليج هرمز الذي يمر به كمية كبيرة جدًا من النفط المتجه إلى أوروبا وهو الأمر الذي بكل تأكيد سيزعج أوروبا، ويجعل إيران تضمن أن تمارس أوروبا ضغطًا على إدارة ترمب من أجل التفكير ألف مرة ومرة قبل اتخاذ مثل هذا القرار"، ويستدرك "لكن تبقى الورقة الطائفية هي الورقة الأقرب للاستخدام الإيراني في الوقت الحالي، فهي إن جاز التعبير أوراق الوقاية التي بها تسعى إيران إلى منع ترمب من ارتكاب فعلته، فيما تظل بقية الأوراق الأخرى أوراق رد في حال اتخذ ترمب قرار الحرب".
ومن ثم فإنه ليس مستبعدًا على الإطلاق أن تبذل طهران جهدًا كبيرًا في المرحلة المقبلة لتحريك العديد من الملفات الحساسة في المنطقة، وأن تثير عاصفة من القلاقل التي تلفت النظر بعيدا عنها بل وتدفع القوى الدولية وفي مقدمتها أمريكا نفسها إلى التنسيق مع إيران الفاعل الرئيس في هذه للتعاطي مع هذه الملفات.
ويعتقد الهتيمي أن إيران قادرة على إثارة العديد من الملفات التي يمكن أن توتر المنطقة بأكملها، مضيفًا "هي قادرة على الدفع بالعديد من القوى الدولية الأخرى، لأن تكون أكثر فاعلية، لتعقد هذه الملفات وتشابكها وارتباطها من قريب أو من بعيد بمصالح هذه القوى، وهو الأمر الذي يقلل من احتمالية اتخاذ أمريكا قرار بشن حرب عسكرية على إيران".
ميليشيات خفية
"إن إيران لا تُجيد سوى الفوضى وتسلق الحبال، ولذلك أنشأت في أغلب المناطق ميليشيات تتبعها في الباطن وتحاربها في الظاهر كالقاعدة وتنظيم الدولة"، هذا ما قاله المحلل السياسي العراقي (أبو بكر العيساوي)، مؤكدًا على أن هذه الميليشيات تستخدمها إيران إذا ما حصل بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية عداء وتضارب مصالح.
ويتابع خلال حديث لبلدي نيوز "هذه الميليشيات في الحقيقة تنفذ الإرادة الإيرانية ببعض كياناتها وهذا ما نشاهده واضحًا في العراق وسوريا وبعض المناطق من العالم، فإيران سترد على أمريكا بالقاعدة وتنظيم الدولة إذا ما استلزم الأمر ذلك"، ويستشهد العيساوي بصراع إيران والولايات المتحدة الأمريكية في العراق، فقد استطاعت إيران تسديد عدة ضربات غير مباشرة للولايات بدعم الميليشيات العراقية التي أوجدتها في مفاصل الدولة العراقية، وذلك "لكي تبقى الولايات المتحدة في تخبط، وهذا ما حصل عندما تركت أمريكا العراق وهو غارق في الفوضى، مما حقق حلم إيران في اغتنام الفرصة لسد الفراغ في العراق والسيطرة عليه"، حسب العيساوي.