(نيويورك تايمز)
بلدي نيوز - ترجمة (مي قباني)
واشنطن - هناك العديد من التخمينات حول دوافع روسيا للتدخل في سوريا، الجواب الجذري يكمن في التوقيت.
فلاديمير بوتين رئيس الكرملين، قرر أخيراً أن الرئيس السوري وحليف موسكو "بشار الأسد" في خطر فقدان السيطرة على دمشق، عاصمة البلاد التي مزقتها الحرب.
بدوره، كان سيسحق الهدف الرئيسي للسياسة الخارجية الروسية - وهو الحفاظ على سوريا كدولة متحدة، والحفاظ على موطئ القدم الروسي في الشرق الأوسط.
يوجين رومر، مدير مؤسسة كارنيغي لبرنامج روسيا ويوراسيا، قال: "لم يكن الأسد على ما يرام لفترة طويلة من الوقت، وهذا يقودني إلى الاعتقاد أن (الروس) قد رأوا شيئا في الآونة الأخيرة، مما جعلهم يعتقدون أن الأمور تزداد سوءاً، إلى حد كبير، وأن عليهم التدخل" .
وعند التفكير في الماضي فأن الحفاظ على الوضع الراهن، لعب دوراً كبيراً في السياسة الخارجية للكرملين، ومنطق التطورات والتغيرات في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا – تدهور أوضاع كل من العراق وليبيا، على سبيل المثال – كان مثيرا للأعصاب بالنسبة إلى موسكو.
وكان ذلك صحيحاً وبشكل خاص عندما رأى الروس الخطر في سوريا، أحد أقدم الحلفاء وزبائن الأسلحة ومنفذ موسكو الوحيد المتبقي في المنطقة، وغير ذلك، سوريا هي موطن لقاعدة موسكو البحرية الوحيدة في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
بدأ بوتين بالتدخل الروسي في ما أصبح يعرف لاحقا بأسلوبه التدريجي، أولاً، في أواخر الصيف، عندما عزز بهدوء المعدات العسكرية والأفراد في قاعدة طرطوس السوفيتية على ساحل البحر الأبيض المتوسط السوري، ثم في أواخر أيلول/سبتمبر، عندما تحدث مع الجمعية العامة للأمم المتحدة للمرة الأولى منذ سنوات، مدلياً بحجة قوية بأن الولايات المتحدة تفشل في مهامها ضد ميليشات داعش، التي تسيطر على رقعة واسعة من الأراضي في سوريا والعراق المجاور.
و في اليوم التالي، قال بوتين أن روسيا قد تبدأ الغارات الجوية، حيث بدأت جولات القصف تلك خلال أيام، ولكن لم تكن الأهداف من مقاتلي (داعش) كما قال بوتين ولكن "المعارضين السوريين" الأكثر اعتدالاً والتي كانت واشنطن تدعمهم ضد الأسد.
تبقى المنطقة الشمالية الغربية التي تعمل منها موسكو مركزا للعلويين داعمي الأسد، والعلويين هم فرع من الشيعية الإسلام، وهذا هو السبب الذي جعل من سوريا الحليف المقرب لإيران غير العربية وذات الأغلبية الشيعية، حيث كانت طهران متورطة بشكل مكثف نيابة الأسد في الحرب الأهلية التي دامت أربع سنوات.
ولكن مساعدة طهران, مع مقاتلي الميليشيات من حزب الله الشيعي في لبنان، لم تكن كافية .
وقال ويليام كورتني، وهو دبلوماسي أمريكي سابق في موسكو، والسفير السابق في كازاخستان وجورجيا والآن مساعد كبير في مؤسسة راند، قال: "لقد عانى الأمن الروسي والقادة العسكريين ولفترة من الزمن من الاحباط، لأنه حتى ومع مساعدة مقاتلين من إيران وحزب الله، لم تتمكن قوات الأسد من الصمود ".
وأضاف كورتني: "مخاوف الكرملين تتركز على تكيف المعارضة المسلحة للأسد على الغارات الجوية الروسية، والتي سوف تفقد فعاليتها في تلك الحالة" .
كما قال كورتني: "لقد ساهمت هذه المخاوف في اهتمام روسيا المعلن الجديد على إيجاد (حل سياسي للأزمة السورية)، وأكمل: "الكرملين قد يضغط ولفترة من الوقت لكي يحتفظ الأسد بمنصبه, ولكن وفي بعض الوقت قد تراه روسيا والغرب على أنه شخص يمكن الاستغناء عنه، فأن الغرب ينظر للأسد على أنه شديد الوحشية، وروسيا تراه ضعيف جدا وغير فعال".
وسواء كونه فعالاً أم لا، أدى تدخل روسيا لاستئناف المحادثات حول مستقبل سوريا في فيينا، حتى الآن ليس هناك أي تقدم ولكن على الأقل هناك محادثات بارزة، بسبب انضمام إيران - تحت إصرار روسيا - لأول مرة.
التحرك الروسي - سواء كان بشكل نظامي أم لا - قد تم تتبعه بقرار الرئيس باراك أوباما بإدخال بضع عشرات من القوى الخاصة الأمريكية في سوريا لدعم معارضة الأسد، بما في ذلك المقاتلين الأكراد شديدي الفعالية في الشمال، هذه الحركة تعارض تعهد أوباما السابق بعدم وضع "القوات الأمريكية على الأرض في سوريا".
في حين أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان بإمكان روسيا النجاح في سوريا – عبر قيام دولة موحدة سواء بقيادة الأسد أو رجل قوي آخر – من المؤكد أن تدخل الكرملين كان ذا توقيت استراتيجي، فحجب تكتيكات الولايات المتحدة وقام بإعادة المفاوضات من أجل إنهاء الحرب الأهلية السورية.