بلدي نيوز – درعا (حذيفة حلاوة)
يروي "أبو سعيد" أحد أهالي مدينة دمشق المهجرين من منازلهم في جنوب دمشق إلى ريف محافظة درعا بعد معاناة طويلة في المعتقل وتنقله عبر عدة معتقلات انتهت به في أحد المشافي العسكرية التي لا تحمل من المشفى إلا اسمها مخلفة له إعاقة دائمة في إحدى قدميه.
يقول "أبو سعيد" في حديث خاص لبلدي نيوز: "أصبت في بدايات عام 2012 برصاصة في منطقة الورك من أحد قناصي النظام في جنوب دمشق، حيث قام الأهالي على إثر تلك الإصابة وبعد ازدياد سوء حالتي بنقلي إلى أحد المشافي الخاصة في العاصمة ليتم اعتقالي من فرع الأمن العسكري (فرع المنطقة ) واقتيادي إلى الفرع وبسبب الإصابة تم نقلي مباشرة إلى المشفى العسكري 601 المعروفة في دمشق".
ويتابع "لم يتأكد الأمن في البداية من سبب الإصابة التي تعرضت لها واستمرت الشكوك حولي حيث قام المحقق بمراجعتي عدة مرات قبل أن يتم نقلي إلى زنزانة المشفى، وبالرغم من أن كلمة مشفى تعبر عن مكان التقديم العلاج والدواء بالإضافة إلى كوني مصاباً بطلق ناري إلا أني لم أتلقَ أي علاج في المشفى إطلاقاً".
وأوضح "أبو سعيد" بأنه تم توجيه تهمة الإرهاب وحمل السلاح له من قبل المحقق التابع للأمن الموجود في المشفى قبل أن يتأكد من أي معلومات عن كونه مسلحاً أو مدنياً وكيفية تعرضه لإطلاق النار, "وبعدها تم وضعي في الزنزانة في المشفى ومن هنا تبدأ قصتي وما شهدت من فضائع وسوء معاملة للمعتقلين".
وأشار "أبو سعيد" إلى أن فترة اعتقاله زادت عن السنة داخل الزنزانة التابعة لمشفى 601 المخصصة للجيش النظامي، "حيث دخلت وشاهدت أن جميع المعتقلين يبقون مكبلي الأيدي طوال فترة البقاء في السجن مهما كانت سوء حالتهم وعدم قدرتهم في بعض الأحيان على الحراك حتى".
وأردف أبو سعيد: "عندما يذكر اسم المشافي التابعة للجيش مثل مشفى 601 يظن البعض بأن وجودنا في المشفى كان في نفس المكان الذي كان يتلقى شبيحة الأسد وعناصر قوات النظام العلاج والاستطباب, ولكن هذا ظن خاطئ بكل المعايير بسبب كون الزنزانة التي كنا بها لا تتبع إلى مشفى 601 إلا من حيث الاسم فلا علاج ولا دواء أو حتى أقل معايير الرعاية الصحية فكثير من الجرحى المعتقلين كانوا ينازعون حتى الموت بسبب تهالك أجسامهم من شدة الضرب وعدم تلقي العلاج اللازم".
ونوه أبو سعيد "لم يكن يدخل علينا أي طبيب أو ممرض لتفقد حالتنا الصحية فالذين كانوا يشرفون على الزنزانة هم مجموعة من عناصر أمن النظام وشبيحته الموجودين في غرفة بالقرب من زنزانتنا, فهي كانت تضم كل من يلقى القبض عليه وهو مصاب سواء بطلق ناري أو قصف أو غير ذلك من وسائل القتل التي كانت تستخدمها قوات النظام مع المدنيين بالإضافة إلى المعتقلين الذين كانوا يحضرونهم من الأفرع الأمنية بهدف تصفيتهم".
وعن حالة المعتقلين القادمين من الأفرع الأمنية تحدث "أبو سعيد" بأن جراحهم في معظمها قد تعرضت للعفن والالتهاب الشديد حيث كانت حالتهم ميؤوساً منها بشكل تام، ويتم إحضارهم إلى زنزانة المشفى بهدف تصفيتهم, فقد كانت مشفى 601 عبارة عن مكان لتصفية المعتقلين وبالطبع كنا جميعا في فترة الاعتقال عبارة عن أرقام فممنوع علينا ذكر أسمائنا بشكل تام.
يكمل أبو سعيد: "حالات الوفاة في زنزانة المشفى تتراوح بين التصفية المباشرة أو تعمد عدم تقديم العلاج للمعتقلين المرضى بهدف التخلص منهم, ففقد كان يتم إعدام البعض عن طريق الضرب الشديد بالبواريد أو وضع القطن المبلول على أنوفنا وأفواهنا أو حتى فتح وريد وحقن ماء أوكسجين أو ماء أو حزامة بلاستيك."
وتابع: "وصل عدد من تم إعدامه خلال فترة اعتقالي من معتقلي فرع المنطقة لوحده حوالي 1700 معتقل، وكان يتم وضع رقم على جبهة المريض الذي تمت تصفيته.. يأتي بعدها مصور للشرطة العسكرية (النيابة العامة العسكرية ) ويقوم بتصوير الجثث عليها الأرقام بعدها يتم نقل الجثث إلى مكان مجهول".
ويكمل بالقول "خلال السبع شهور لم أتلق أي علاج حيث وصل الالتهاب بجرحي إلى الأعصاب وأغلب مناطق الظهر إذ كنت استدركت نفسي بالرمق الأخير بعد خروجي من السجن فقد كانت هناك العديد من حالات الموت نتيجة (الغرغرينا) في الزنزانة فقد رأيت في تلك الزنزانة إصابات غير مسبوقة لم أر مثلها من قبل".
ويروي أبو سعيد بأنه كان هناك تنوع بين المعتقلين فقد كان هناك عناصر من الجيش الحر أو من طلاب الجامعات أو حتى ضباط الجيش من الرتب العالية وهم منشقون طبعا أو شك النظام بمحاولة انشقاقهم بالإضافة إلى أساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين، فقد كانوا يعذبون الشخص بحسب ترتيبه العلمي حيث كانوا يعذبون المعلمين أكثر "لأنهم كانوا يحرضون على النظام"!.