بلدي نيوز – درعا (خاص)
يلفت نظرك في زيارتك المدن الخاضعة لسيطرة قوات النظام في محافظة درعا، خصوصا درعا المحطة، غياب فئة الشباب بشكل كبير، حيث يغلب تواجد النساء والأطفال وكبار السن من الجنسين فقط، ويعود ذلك لأسباب عديدة، أهمها سياسة التجنيد الإجباري التي يتبعها النظام، حيث أفرغت فئة الشبان الذكور وأدت لنزوح قسم كبير منهم إلى المناطق المحررة.
ويضاف إلى ذلك، التضييق على من بقي من الشباب بغية زجهم في بعض اللجان الشعبية والقوى الأمنية، أو ما يعرف مؤخرا "الفيلق الخامس اقتحام"، تحت ميزات من توفير بعض الحماية لهم من تجاوزات قوات النظام، إضافة لبعض المميزات والرواتب الكبيرة التي يتقاضاها هذا التشكيل والذي تحدثت مصادر عن وصولها قرابة المئة ألف ليرة سورية شهريا للمقاتل الواحد.
وكانت الدوائر الحكومية في درعا، قد أرسلت تعميما يفيد من يرغب التطوع في الفيلق الخامس اقتحام، من الذين أنهوا الخدمة العسكرية وليس عليهم أي خدمة احتياط أنهم قادرين على الانضمام والتطوع بالفيلق الخامس من عمر 30 سنة حتى سن 50 سنة، مما يزيد المؤشرات الدالة على نقص العنصر البشري بشكل كبير في قوات النظام، وبحثه عن عناصر سورية تحت أي مسمى كان بحيث يسهل السيطرة عليها على عكس المليشيات الطائفية التي تقاتل بجانبه.
وأدت هذه التعميمات إلى تخوف كبير لدى الموظفين ممن ينطبق عليهم هذا التعميم من إجبارهم على التطوع بالفيلق الخامس، وتخيريهم بين البقاء بوظائفهم واحتفاظهم برواتبهم أو قطعها في حال رفضوا الانضمام للتشكيل الجديد، الأمر الذي دفع بالكثير من الموظفين إلى العزوف عن الذهاب لمناطق سيطرة النظام، خشية من سياسة النظام الذي قد يحول الأمر من الممكن التطوع إلى الإجبار.
"أبو محمد" رب أسرة في الثلاثينات من عمره، قال لبلدي نيوز "لقد فضلت البقاء في منزلي وتركت الوظيفة الحكومية رغم أنها مصدر دخلي الوحيد، إلا أن خسارة الوظيفة بالنسبة لي قد تكون أقل من الخسارة الأخلاقية أو الجسدية في حال تم إجباري على الانضمام للفيلق الخامس".
ولفت أبو محمد إلى أن "الشباب لا وجود لهم في مناطق النظام، إذا ما قارنا سابقا بحجم الوجود البشري الكبير الذي تشغله أحياء مدينة درعا، حيث لا ترى عينك سوى الشباب من جنود قوات النظام ومليشياته".
من جانبه، قال عزام وهو شاب من درعا لبلدي نيوز "لا مكان لنا في مناطق النظام كشباب، من يريد البقاء عليه أن يتهيأ للانضمام للقتلة والمجرمين في صفوف جيش بشار ومليشياته ونحن لسنا كذلك ".
وأضاف عزام "قد يكون هذا الضغط ذا مفعول عكسي على النظام، مما قد يجعل العديد من الشباب ينخرطون في صفوف المعارضة أو ينتقلون لدعمها بشتى السبل خصوصا بعد إغلاق كامل متنفسات الحياة من قبل النظام عليهم ".
من غير المستغرب غياب الشباب من مناطق النظام، إذ أن ما يوفره النظام لهم لا يشكل إلا خيارات مميتة بالنسبة لهم، بالانضمام لتشكيلات عسكرية بالنهاية تستهدف أهلهم وذويهم، وتبعدهم عن أخلاقهم ومبادئهم.