لماذا تستعجل روسيا السيطرة على حلب؟ - It's Over 9000!

لماذا تستعجل روسيا السيطرة على حلب؟

ناشيونال رفيو - (ترجمة بلدي نيوز)  

لقد بات بوتين يدرك بأن أوباما استسلم في النهاية، وبأن المستقبل القادم مع ترامب لا يزال غير مؤكد، وعندما بدأ الهجوم الروسي على سوريا في العام الماضي جادلتُ بأن استراتيجية بوتين ستركّز على "تأمين منطقة مجاورة لسيطرة نظام الأسد في غرب سوريا، تمتد من الشمال إلى الجنوب"، وبعد ما يزيد قليلاً على العام، فإن الزعيم الروسي بات على وشك الفوز بأكثر من ذلك بكثير. 

وبدعم من الجيش الروسي والمليشيات الإيرانية الطائفية، أصبحت قوات الأسد على مقربة من الاستيلاء على حلب بأكملها، وسيكون الأمر بمثابة هزة كبيرة لقوات الثوار المحتشدين المعارضين لنظام الأسد في المدينة، إذ أن استيلاء الأسد على حلب، سيؤمّن لمحوره الروسي-الإيراني تطويقاً للمعارضة في محافظة إدلب غرب سوريا، حيث سيكون الثوار محاطين من ثلاث جهات، في حين ستكون الحدود الشمالية الغربية لهم مع تركيا هي الشريان الحياتيّ الوحيد للتوريد الخارجي، ولكن حتى هذا الأخير لا يمكن أن يكون أمراً مُسلّماً به.

ومع ذلك، يجدر الذكر بأن الأمر ليس من قبيل الصدفة بقيام روسيا وإيران بالانتظار حتى الآن لشنّ حملتهم الأخيرة على حلب: إذ أن بوتين يرى بأن هذه اللحظة تقدم له الإمكانيات القصوى لتعزيز استراتيجيّته الكبرى.

إن الديناميكيات العسكرية في حلب اليوم، تصب في صالح الروس بشكل لم يسبق له مثيل، في حين أن بوتين يقوم بشكل متعمد ومنهجي بذبح السكان المدنيين في حلب، بل أكثر من ذلك فإنه ومن خلال التلاعب المستمر في الغرب، اشترى مساحة ووقتاً للاستعداد لهذا الهجوم الأخير، وكما شرحتُ من قبل في سبتمبر أثناء وقف إطلاق النار في حلب، لم تكن روسيا تملك أدنى رغبة في الوصول لوقف دائم لإطلاق النار، فقد صممت ادعاءات بوتين بشكل عكسي من ذلك، فقط لتأخير الدعم الأوروبي والأمريكي الجديد للثوار، وبالإضافة إلى ذلك فإن بوتين بات يستشعر بوضوح بأن أوباما قد استسلم في نهاية المطاف، وبأنه يودّ التخلص من سوريا وسعيد لتسليم الملفّ لخليفته، لذلك فإن بوتين يشعر بأنه مخوّل للقيام بالأسوأ في حين لا يزال أوباما في منصبه!

ولكن دفع بوتين الحالي يرجع أيضاً لكونه غير متأكد من المستقبل القادم، ففي حين يبدو الرئيس المنتخب دونالد ترامب متعاطف بشكل ما مع بوتين، فإن عقيد ال KGB حذر جداً، فقد بدأ ترامب الآن يكتشف أكثر من خلال التقارير الموثقة حول ما تقوم به روسيا فعلاً في سوريا، على سبيل المثال -لا تقوم باستهداف تنظيم الدولة- ومن الممكن لترامب الآن أن يشكك بالنوايا الروسية، كما يعلم بوتين أيضاً بأن حلفاء أمريكا من العرب السنة سيدفعون ترامب لاتخاذ نهج أكثر صرامة ضد ذبح الأسد وحُمَاتِهِ للسنة السوريين (الغالبية السورية والمشكّل الأول لمواطنيها) وهذا ما يعطي بوتين مبررات أخرى لسحق حلب الآن وليس آجلاً.

ولربّما يأمل بوتين الآن بأن ترامب سيساعدهُ فيما يتعلق بأمور أخرى، عن طريق تغيير السياسة الدولية الأوسع نطاقاً إزاء ما يحدث في سوريا، فبعد كل شيء، وبقدر ما ارتفعت أسهم بوتين في ساحة المعركة السورية، فإنه لا يزال يعاني من العقوبات الغربية لسياساته في أوكرانيا وسوريا، وجزئياً بفضل تلك العقوبات، لا يزال الاقتصاد الروسي غارقاً في الركود، في حين أن روسيا الآن تعتمد بشكل كبير على صادرات النفط لتوليد رأس المال الأجنبي، في الوقت الذي لا تزال فيه أسعار النفط منخفضة جداً، فإن الاقتصاد الروسي ضعيف بشكل كبير.

وعلى الرغم من ذلك فإن روسيا ترى أملاً اقتصادياً يلوح في الأفق، لأن ترامب ليس الزعيم الغربيّ الوحيد القادم حديثاً والذي يقول أشياء لطيفة عن روسيا، فبعد الانتخابات التمهيدية للمحافظين في فرنسا، فرانسوا فيون بات الآن المرشح الأوفر حظاً في السباق ليصبح الرئيس القادم لفرنسا، وبكونه مرشح يميني متطرف فإن فيون يريد علاقات اقتصادية وسياسية أقوى بين فرنسا وروسيا، ومثل بوتين فإن فيون يريد إنهاء العقوبات.

ومنذ رضوخ أنجيلا ميركل الألمانية للضغوط الروسية، وبعد أن صوتت المملكة المتحدة في Brexit، ولأن بريطانيا تحب سيول الأموال الروسية في النظام المالي البريطاني، يعتقد بوتين بأنه سيتمكن الآن من تقويض التحالف الغربي من الداخل، وفي الوقت الذي سيقوم فيه من الانتهاء من حلب، لربما يأمل بأن يأتي 20 يناير من 2017، حيث ستكون حينها صور أشلاء السوريين محض فكرة ثانوية في الأذهان الغربية.

في نهاية المطاف، وعلى الرغم من وجوب انتقاد ترامب لأوهامه حول بوتين، فإن النجاح الروسي الذي بات يلوح في الأفق، يشهد أساساً على فشل أوباما الكارثي في السياسة الخارجية، وحتى الآن فإن الولايات المتحدة تحتفظ بوسائل مهمة ووجيزة من القوة العسكرية القادرة على كبح جماح محور بوتين، وللأسف فإن لا أحد في البيت الأبيض أو في جميع أنحاء العالم يعتقد بأننا سنقوم باستخدام تلك التدابير.

وهكذا، وفي أنقاض مصداقية الولايات المتحدة المُدمّرة على أيدي أوباما، يستمر بوتين الآن باسماً في مبادرته الدموية.

- توم روغان كاتب، يكتب ل NRO، وأحد أعضاء فريق مجموعة ماكلولين، يعمل حالياً كزميل بارز في معهد ذا ستيمبوت.

مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى حشد الدعم الإقليمي والدولي لسوريا

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

//