جرّاح بريطاني يصاب بالانهيار أمام الملكة بسبب ما شاهده في حلب - It's Over 9000!

جرّاح بريطاني يصاب بالانهيار أمام الملكة بسبب ما شاهده في حلب

ميرور -(ترجمة بلدي نيوز) 

الجراح البريطاني الشجاع ديفيد نوت -والذي كُرِّمَ بجائزة الفخر البريطانية- يعرف تمام المعرفة الأهوال التي تصيب مدينة حلب، تلك الفظائع التي حفرت عميقاً في ذاكرته.

فذلك الرجل قليل الحديث، قد عمل بلا كلل من أجل إنقاذ الأرواح في وسط فوضى تلك الحرب المدوية، إن ما شهده السيد نوت ترك له ندوباً عميقة في ذاكرته لا يزال يعاني منها، وحتى أمام الملكة حين كان يُقلَّدُ وسام الإمبراطورية البريطانية لعمله الشجاع، ديفيد والذي قضى حياته المهنية في خضمّ بعض من أخطر الصراعات حول العالم، في كل من العراق وأفغانستان وليبيا يصف الصراع في حلب بكونه الأخطر الذي شهده، وقد كُرِّمَ لمرة أخرى بجائزة التقدير الخاص لصحيفة ديلي ميرور بكونه فخر لبريطانيا.

ومن جميع مناطق الحرب التي كان قد تطوّع للعمل فيها، كانت حلب هي الوحيدة التي أرّقته بتلك الشِدة، هناك حيث تمّ تدمير المستشفى الذي كان يعمل فيها، في حين لقي العديد من زملائه القدامى مصرعهم، إن تلك الفظائع التي شهدها هناك لا تزال حتى الآن تعود لمطاردته.

ويروي أنه في أحد الأيام تمّ نقل سبعة أطفال من عائلة واحدة إلى المستشفى، " كانت والدتهم قد قتلت، في حين أن أحد أبنائها قد نسفت أطرافه" يقول ديفيد مضيفاً: "لقد كان لا يزال حياً، في حين كانت هناك نقط بيضاء على وجهه، لقد كانت تلك النقط تعود لأشلاء دماغ شقيقته، لقد كان أكثر مشهد مثير للأسى رأيته في 20 عاماً من عملي الطبيّ في مناطق الحرب، لم أتمكّن من إنقاذه، جلّ ما استطعت فعله كان بمواساته والإمساك بيده".

"لم يكن هناك من عمليات جراحية حقيقية هناك، بسبب أن القنابل كانت شديدة الانفجار بحيث أنها تقتل الجميع، إنهم يلقون حتفهم بسبب نزيف أعضائهم الداخلية فقط، إذ أن هزّة الانفجار وحدها من شأنها قتلهم"، كما يضيف بأن القيام بأي عمل جراحي صغير يصبح أمراً شديد الصعوبة في الوقت الذي تستمر فيه القنابل المتساقطة في الجوار بهز أركان المبنى لتسمع في أثرها الصرخات والبكاء.

ديفيد، الذي ساعد الجرحى في كل من البوسنة وأفغانستان والعراق وباكستان وليبيا وفي أعقاب زلزال هايتي في عام 2010، اضطّر إلى الخروج من حلب في أكتوبر من عام 2014 بسبب اشتداد استخدام القنابل البرميلية المتفجرة على المدينة من قبل النظام.

ويذكر ديفيد كيف سُدّت الطرق يومياً، و يصف صعوبة خروجه من المدينة حيّاً إذ يتذكّر قائلاً: "لقد كانت هناك طائرات تعود للنظام السوري تحلّق في الجو، كانت تطلق النار على أي شخص، لقد توجّب علي السير بحذر، وحتى الزحف في بعض الأحيان لأبتعد مسافة 10 ميلاً عن مدينة حلب".

كما يضيف: "لقد شعرت بذعر كبير، أصبحت أشعر بالرطوبة والبرد في شعور أقرب ما يكون بأن الموت بات وشيكاً".

وحتى بعد أن عاد الطبيب ديفيد بسلام إلى بريطانيا، ليعمل كاستشاري في الجراحة العامة والجراحة القلبية في لندن، لا يزال غير قادر حتى الآن على الهرب من الجحيم الذي شهده في حلب، حتى انه تعرض لاضطرابات نفسية عميقة ما بعد الصدمة.

إذ يصف ديفيد ذلك قائلاً: "أستيقظ كل يوم وأنا أشعر بألم في معدتي، بقلق شديد، نوع من الضغط، كجمرة صغيرة تبدأ في الاحتراق والنمو لتتحول إلى نار تزأر بداخلي، إن إجهاد ما بعد الصدمة يجعلك ذُهانيّاً في بعض الأحيان، لا يمكنك مشاهدة ما يحدث من حولك، شيء ما يزعجني بشدة، وبعد ذلك يخرج الأمر عن نطاق السيطرة".

ويروي ديفيد كيف أنه وبعد 10 أيام من عودته من سوريا حضر مأدبة غداء مع الملكة وانهار حينها، حيث كان يعاني من ذكريات الماضي المُنهكة، ولكن حساسية الملكة فقط استطاعت تغيير تلك المحادثة لتقدّم له كلابها الوليزيّة قصيرة القامة، الأمر الذي أنقذه من الانهيار.

حتى الآن، ومع عودته ومحاولته للاستقرار لمرة أخرى في حياة طبيعية مع زوجته إللي وطفلتهما الأولى مولي، يقول ديفيد بأن هناك خيطاً لا يزال يطارده بشدة لما رآه من الفظائع في حلب.

زملاء حجرة العمليات القدامى والذين درّبهم هناك، تواصلوا معه عدة مرات عبر السكايب وعلى هاتفه للحصول على المشورة حين كانوا يقومون بالعملية، إن هنالك الآن 35 طبيباً وسبعة جرّاحين متبقين في شرقي حلب، حيث يوجد 275،000 مدنيٍّ محاصر.

في صباح أحد الأيام، في 03:00 صباحاً، اهتزّ هاتفه برسالة "واتساب" جلبت له لمرة أخرى ما تعانيه تلك المدينة من مأساة، حيث كانت الرسالة من طبيب بالغ من العمر 35 عاماً، ونصّها كما يلي: "نتمنى حقاً أن نراك قبل أن نموت، إن الموت يحيط بنا من كل مكان، في كل دقيقة ... في حين أن كل العالم يراقب هذا، ولا أحد يحاول مساعدتنا".

في حين يصف ديفيد الأمر بحزن قائلاً: "إن هذه هي المرة الأولى التي أشعر فيها بأن شيئاً من عزم هذا الطبيب وألمه قد انكسر"، قبل أن يصمت لبرهة فيما بدا بأنه يستذكر شيئاً ما ليضيف: "لطالما كان مبتسماً، ولكنه يدرك الآن بأن القنابل تتساقط كالمطر في كل مكان من حوله، إنه يفكّر بأن ذلك سيحدث له، إنه شخص لطيف جداً وجراح ماهر جداً"، مضيفاً: "إن لديه زوجة وطفلين يعيشون الآن في تركيا، في حين أن جلّ ما يهتم به هو إنقاذ المزيد من الأرواح".

في الأسابيع الثلاثة الماضية، كان ديفيد قد تلقّى بعض المكالمات طلباً للمساعدة من سوريا، كما أُرسلت إليه بعض الصور من قبل الزملاء لأطفال في أمس الحاجة للمساعدة، "إنه لأمر فظيع جداً لوصف الأمر حتى"، يقول ديفيد مضيفاً: "أشعر بشعور الأب لهؤلاء الأطفال، إن قلبي يعتصر لأجلهم".

-إميلي ريتير الكاتبة لصحيفة ديلي ميرور.

مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى حشد الدعم الإقليمي والدولي لسوريا

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

//