روسيا تعرقل فرض عقوبات على الأسد بسبب الكيماوي - It's Over 9000!

روسيا تعرقل فرض عقوبات على الأسد بسبب الكيماوي

فورين بوليسي –(ترجمة بلدي نيوز)

لم تؤدي الغارات الجويّة الروسية فقط إلى عرقلة اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، بل إن التباطؤ الروسي الآن، يهدّد بعرقلة آخر الجهود الدبلوماسية من قبل الولايات المتحدة وحلفائها: لفرض عقوبات على نظام الأسد لاستخدامه الأسلحة الكيميائية ضد شعبه !

فعلى الرغم من القصف الشرس هذا الأسبوع على مدينة حلب المحاصرة للطائرات الروسية والسورية، والذي هيمن على المحادثات حول سوريا، فإن الدبلوماسيين الأمريكيين لا يزالون متخبّطين من نتائج الأمم المتحدة الأخيرة من أن نظام الأسد قام باستخدام قنابل الكلور في هجمات على المدن السورية شمال غرب البلاد في أعوام 2014 و 2015، وفي الوقت نفسه عبّرت مؤخّراً الوكالة الدولية لمراقبة الأسلحة الكيميائية في لاهاي -هولندا، عن شكوكها بأن النظام السوري قد لا يكون قد دمّر كل مخزوناته من غاز الأعصاب والخردل، والأسلحة الكيميائية الأخرى.

ففي يوم 24 آب المنصرم، خلص فريق مفوّض من الأمم المتحدة من خبراء الأسلحة الكيميائية، بأن مروحيات قوات النظام الجوية قامت بإسقاط قنابل برميلية معبّئة بغاز الكلور على بلدات تلمينيس وسرمين بمحافظة إدلب ما بين أبريل 2014 ومارس 2015، بينما قام الفريق - والمعروف رسمياً باسم فريق "آليات التحقيقات المشتركة"، بتقديم أقوى دليل حتى الآن على تورط النظام السوري في هجمات الأسلحة الكيميائية، مما يمنح الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيين السبب لمتابعة العمل على فرض عقوبات ضد النظام، حيث قالت سامانثا باور، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في الشهر الماضي، وذلك بعد فترة وجيزة من تقديم التقرير إلى مجلس الأمن: "يؤكد التقرير أن النظام السوري هو المسؤول عن الاستخدام المتكرر للأسلحة الكيميائية في سوريا".

لقد ضغطت كلّ من بريطانيا وفرنسا في الشهر الماضي لفرض عقوبات فورية على النظام السوري، بما في ذلك تجميد الأصول المحتمل على المسؤولين السوريين المرتبطين ببرنامج الأسلحة الكيميائية، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تبدو بأنها تميل إلى توافق معهما، فإن واشنطن تريد أيضاً الانتظار حتى نهاية شهر تشرين الأول -عندما سيقوم فريق الأسلحة الكيميائية التابع للأمم المتحدة بتقديم تقرير آخر يوثق ثلاث حالات أخرى لاستخدام الأسلحة الكيميائية السورية- قبل اتخاذ قرار بشأن الرد.

وفي غضون ذلك، تصب الولايات المتحدة طاقتها الدبلوماسية في محاولة إنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، وقال كبير الدبلوماسيين الروس يوم الجمعة بأن وزير الخارجية الأميركي جون كيري لم يثر مسألة الأسلحة الكيميائية السورية في المناقشات المطوّلة الأسبوع الماضي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ولكن وفي حين أصبح اتفاق وقف إطلاق النار في حالة يرثى لها، فإن الولايات المتحدة وحلفاؤها يقومون الآن بالتقرير ما إذا كانت ستقوم فيه بالدفع من أجل قرار فرض عقوبات على النظام السوري في مجلس الأمن، وذلك وفقاً لدبلوماسي أوروبي رفيع المستوى، غير أن مسؤولاً في الولايات المتحدة قال أن أي إجراء يجب أن ينتظر، مصرّحاً: "كما تعلمون، فإن عمل لجنة التحقيق لم يكتمل بعد، وبناء على طلبها، فقد مدّد المجلس مهمتها حتى 31 أكتوبر حتى تتمكن من مواصلة عملها على التقرير، ونأمل في هذا الوقت الإضافي بأنها ستكون قادرة على توفير أكبر قدر من المعلومات الإضافية الممكنة".

وتبدو روسيا أكبر عقبة محتملة في الحصول على موافقة مجلس الأمن لفرض أي عقوبات على نظام الأسد، روسيا التي تضخّ الدم والمال في الحرب في سوريا لدعم الأسد ونظامه، قد تغتنم بصيص الغموض الذي يلفّ نتائج اللجنة لتحدّي أي جهود لفرض عقوبات على النظام السوري، وذلك وفقاً لدبلوماسي مجلس الأمن وخبراء خارجيين، مثل حقيقة أن التقرير لم يقم مباشرة بربط الهجمات بنظام الأسد، إذ أنه يقول ببساطة بأن مروحيات النظام السوري قامت بإلقاء القنابل الكيميائية، الأمر الذي يظهر كدليل دامغ لمعظم المراقبين، ولكن ليس بالنسبة لروسيا.

وقد أصرّ لافروف يوم الجمعة على أن لجنة التحقيق لم تقم أبداً في الواقع باتهام النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيميائية قائلاً: "إنه تقرير جيد، ذو جودة جيدة"، كما عقّب في مؤتمر صحفي رداً على سؤال من صحيفة الفورين بوليسي: "إن اللجنة لا تقول بأنها تؤكد أن الحكومة أو تنظيم الدولة قامتا باستخدام الأسلحة الكيميائية، إنهم يقومون فقط بتقديم الأدلة، تلك الأدلة ليست قاطعة، وإنهم يدركون ذلك".
بينما صرّح السفير الروسي للأمم المتحدة- فيتالي تشوركين، عن إيجاد بعض "العيوب" في ذلك التقرير، معرباً عن انحيازيّة في "منهجية" الخبراء، كما عبّرت روسيا عن قلقها من أن النتائج التي توصّلت إليها اللجنة كانت قد وُضعت في جزء منها، على تقييمات من وكالات الاستخبارات الغربية التي تعتبرها موسكو "منحازة".

وهذا يجعل من غير المرجح للأمم المتحدة أن تكون قادرة على حشد عقوبات صارمة حقاً على نظام الأسد، حتى في ظل وجود دليل على أن النظام قام بإطلاق العنان لأسلحة محظورة دولياً ضد شعبه، في الحين الذي تشتدّ فيه الحرب التي دامت أكثر من خمس سنوات في البلاد.

وقال أحد دبلوماسي مجلس الأمن، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية القضية، بأن البلدان التي تدعم الرد بحزم على نظام الأسد "يجب عليها أن لا تتراجع عن فرض استجابة قوية، تحسّباً من الصعوبات التي قد يواجهونها مع الروس، وإذا ما أراد الروس منع الأمر، سيكون عليهم بأنفسهم القيام بذلك"، كما أفاد دبلوماسيون بأن الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون من المتوقع لهم أن يستأنفوا المناقشات بشأن مشروع قرار العقوبات في الأسابيع المقبلة.

وتتهم الولايات المتحدة وحلفاؤها النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيميائية منذ ديسمبر كانون الأول عام 2012، عندما قتل مدنيون في حمص إثر هجوم حكومي باستخدام غازات كيميائية سامة، قبل عدة أشهر من اعتراف النظام السوري بامتلاكه لبرنامج سري لتطوير الأسلحة الكيميائية على مدى عقود، وبعد ذلك وافق على الانضمام لاتفاقية الأسلحة الكيميائية والقضاء على برنامجه تحت إشراف دولي، لكن وحتى بعد تدمير برنامجه المعلن إلى حد كبير، استمرت التقارير في الظهور مبينة أن النظام السوري قام باستخدام سلاح الكلور لعدّة مرات لاحقة في الهجمات على البلدات التي تسيطر عليها المعارضة، كما أنه لم يدمّر كامل مخزونه الكيميائي.

وفي أبريل من عام 2014، قامت الوكالة الدولية لمراقبة الأسلحة الكيماوية- منظمة حظر الأسلحة الكيميائية- بتشكيل بعثة لتقصّي الحقائق لتحديد ما إذا كان الكلور قد تمّ استخدامه كسلاح حربي، بينما وجدت البعثة دلائل "دامغة" على أن الكلور تم استخدامه في حوادث متعددة، ولكن اللجنة حينها لم تملك الصلاحية لتحديد الأشخاص الذين قاموا باستخدامه.
وكان ذلك الأمر يقع على عاتق فريق جديد -لجنة التحقيق، التي أنشأها مجلس الأمن في أغسطس عام 2015، لقد فحص الفريق تسع حالات، بينهم ثمانية هجمات بالكلور من قبل النظام السوري والاستخدام لغاز الخردل في هجمة من قبل تنظيم الدولة.

وفي الشهر الماضي، أعلن الفريق بأنه جمع "معلومات كافية" لاستنتاج أنه وفي يوم 16 مارس 2015، ألقت الطائرات المروحية التابعة لقوات النظام السوري برميلاً متفجّراً أَطلَقَ "مادة سامّة تطابق خصائص الكلور" على منزل في بلدة سرمين، مما أسفر عن مقتل ستة من أفراد الأسرة المقيمة هناك، وخلصت الدراسة أيضاً إلى أن مروحية تابعة لنظام السوري الجوية قامت أيضاً بإسقاط برميل متفجّر على مبنى خرسانيّ في تلمينيس في 21 نيسان من عام 2014، انبعثت منه "مادة سامة" أصابت مئات الأشخاص، وبالإضافة إلى ذلك، فقد خلص الفريق إلى أن تنظيم الدولة قام باستخدام غاز الخردل في هجوم مدفعي على بلدة مارع التي كانت تسيطر عليها المعارضة السوريّة.

وقد زعمت دمشق أن مقاتلي المعارضة في تلمينيس هم من أطلقوا "قذيفة أرضية" ضربت ذلك المبنى، ولكن التقرير وجد أن حجم الأضرار وشظايا الذخيرة كانت تتّسق مع هجوم مروحيّ ببرميل متفجّر.

كما حاولت روسيا أيضاً تشويه سمعة تقرير المفتّشين، مشيرةً إلى أن الجماعات الإسلامية حصلت على طائرات مروحية كانت قد اغتنمتها من النظام في 11 يناير من عام 2013، حيث ادّعت أن ثلاثة فصائل إسلامية مختلفة، بما في ذلك الجماعة المعروفة سابقاً باسم جبهة النصرة، قامت بالاستيلاء على قاعدة جوية في تفتناز في شمال إدلب، حيث هربت قوات النظام مخلّفة وراءها 15 مروحية، بما في ذلك تسعة كانت تعمل بكامل طاقتها، ويصرّ المسؤولون الروس على أنّ طياري المعارضة كانوا قد استولوا على تلك المروحيات، بينما قال دبلوماسيّ في مجلس الأمن واصفاً الأمر بأنه: "مثير للسخرية، إذ لم تكن هنالك أي تقارير تفيد بوجود مروحيات طائرة للمعارضة".

غير أن فريق لجنة التحقيق أسقط كل تلك الحجج الواهنة، مفيداً بأن قوى المعارضة من المستحيل لها أن تكون قادرة على قيادة طائرات مروحية في مواجهة دفاعات النظام السوري المتطورة، قائلاً: "إن قدرات الدفاع الجوي الحديث لقوات نظام الأسد تجعل من المستحيل وجود أي إمكانية لإقلاع طائرة معارضة في غرب الجمهورية العربية السورية دون أن يتم اكتشافها وتدميرها"، كما ذكر تقرير لجنة التحقيق مضيفاً: "بعد مراجعة جميع المعلومات التي تم جمعها، فإن لجنة التحقيق لم تجد أي أدلة على أن جماعات المعارضة المسلحة قامت بالسيطرة على أي طائرات مروحية في الوقت والمكان الذي حدثت فيه حالات استخدام الكيميائي التي حققنا فيها".

كما حصل فريق الأمم المتحدة على اعتراض لإذاعة البلاغات لسلاح جو النظام السوري، والذي وجدت فيه تفاصيل لرحلة الطائرة المروحية الحكومية في مواقع هجمات الأسلحة الكيميائية في كل من تلمينيس وسرمين، في اليوم الذي قامت فيه المروحيات بإلقاء قنابل برميلية بالقرب من سرمين، حيث ألقت "اثنين من البراميل" على سرمين نفسها قبل أن تعود إلى قاعدة في اللاذقية، وفقاً لتقرير لجنة التحقيق، والذي أضاف بأن التسجيل كان يضم "بلاغ الطيار للقاعدة العسكرية حيث قال:" سيدي، أُلقَت البراميل على منطقة الإرهابيين".
كما أشار تقرير فريق لجنة التحقيق أيضاً بناء على مصادره بأن طائرة مروحية تابعة للنظام السوري والتي تعمل انطلاقاً من مدينة حماة، ألقت ببرميلين متفجرين على بلدة تلمينيس في الوقت الذي شهد فيه شهود عيان انفجار السلاح الكيميائي هناك متزامناً مع أولى إصابات المدنيين بتلك الأسلحة، وخلص التقرير إلى أن هنالك "معلومات كافية" للإشارة الواضحة للآثار الناجمة عن سلاح جو النظام السوري حيث أفاد بأن: "مروحية تابعة للنظام السوري قامت بإسقاط براميل متفجرة تسببت بأضرار في هيكل منزل الخرساني، وتبع ذلك إطلاق مادة سامة أصابت المدنيين هناك".
وتراهن الولايات المتحدة على أن تقرير لجنة التحقيق في الشهر المقبل سيعزّز القضية الدولية لمعاقبة النظام السوري بكونه المسؤول عن استخدامه للأسلحة الكيميائية، ولكن دبلوماسيين آخرين يقولون بأنهم يتوقعون شجاراً دبلوماسياً ما بين روسيا والغرب.

وقال دبلوماسيّ في مجلس الأمن "لست متأكّداً من أن لدى الروس أي صعوبة في استخدام حقّ النقض ضد أي شيء سيُعرضُ على المجلس، إذ أنهم المجمل... الحامي الدولي لنظام الأسد".

مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى حشد الدعم الإقليمي والدولي لسوريا

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

//