dailycaller - (ترجمة بلدي نيوز)
لقد كان إعلان الولايات المتحدة عن اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا مع روسيا، يشكّل تنازلاً أساسياً عن مستقبل البلاد للديكتاتور السوري بشار الأسد.
فالاتفاق كان ينص على أنه ومنذ بداية صباح يوم الاثنين، يتوجب على جميع الأطراف في سوريا بدء "وقف حقيقي لأعمال العنف"، ولمدة أسبوع كامل، وإذا ما استمر وقف إطلاق النار لمدة أسبوع، ستقوم الولايات المتحدة بعد ذلك بافتتاح مركز عمليات مشترك مع روسيا يهدف لاستهداف عناصر تنظيم "الدولة" ومقاتلي "القاعدة" في سوريا.
يقول (بيل روغيو)، الزميل البارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات "إن حكومة الولايات المتحدة لا تريد للأسد البقاء في السلطة، ولكن أفعالها لا تقوم بفعل أي شيء لإجباره على التنحّي، لقد ساعدت سياسات الولايات المتحدة فقط في إبقاء الأسد في السلطة"، كما أوضح روغيو لصحيفة (الديلي كولير) مقيّماً وقف إطلاق النار: "إن هذه التهدئة لن تستمر، سيستخدمها الجميع لتصبّ في مصلحته الخاصة، ومن ثم سيستأنف القتال بعد ذلك."
إن تصريحات وزير الخارجية جون كيري بنفسه تشاطر روغيو التشاؤم ذلك بشأن وقف إطلاق النار، إذ أن كيري يعترف سراً لأصدقائه والمقربين منه بأنّه لا يعتقد أن تلك الهدنة التي توسط فيها حديثاً مع روسيا في سوريا ستنجح، كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، إذ أن كيري بدلاً من ذلك يستخدم اتفاق وقف إطلاق النار كوسيلة لحماية إرثه وإرث الرئيس باراك أوباما في سوريا، لكي يثبتوا بأنهم حاولوا على الأقل وقف إراقة الدماء في الحرب السورية.
وكما كان دوماً متوقعاً فإن البيت الأبيض تحت ولاية أوباما لن يلتزم حتى ولن يتعهّد علناً بتنفيذ وقف إطلاق النار بشكل كامل، إذ قال السكرتير الصحفي للبيت الأبيض جوش ارنست للصحفيين يوم الاثنين: "أعتقد أنه سيكون لدينا بعض الأسباب للتشكّك بأن الروس قادرون أو على استعداد لتنفيذ الترتيب المتوافق عليه بالطريقة التي تم وصفها".
ويعكس وقف إطلاق النار اعتقاد إدارة أوباما بأن سياسة الولايات المتحدة في سوريا لم تترك للولايات المتحدة أي خيار آخر سوى التنازل عن سوريا للأسد، وإبعاد المعارضة المعتدلة، وتنازل الولايات المتحدة للأسد، من المرجح أن يضمن استمرارية الحرب السورية لسنوات قادمة.
وكانت الصورة في سوريا في عام 2015 مختلفة تماماً عمّا هي عليه الآن، فقد بدا حينها نظام الأسد ينازع في مراحله الأخيرة، في حين كانت سيطرته على الأرض أقل مما كانت عليه في أي وقت مضى منذ بدء الحرب، وكانت الولايات المتحدة القوة الغربية المهيمنة داخل سوريا، مع برنامج جديد بكلفة 500 مليون دولار لتدريب وتسليح مقاتلي المعارضة، بينما كانت رغبة أوباما تتطلع نحو تركيز قوة آلاف المقاتلين المدعومين من الولايات المتحدة والمدرّبين في تركيا والأردن لقتال تنظيم "الدولة" بدعم وأسلحة أمريكيّة.
ولكن الولايات المتحدة أوقفت برنامجها في التدريب والتجهيز في أكتوبر من عام 2015، وذلك بعد أن أنفق البنتاغون الملايين من أموال دافعي الضرائب دون أن يدرّب سوى عدد قليل جداً من المقاتلين، في حين كان الأسوأ من ذلك، هو انشقاق عدد من المقاتلين المدعومين من الولايات المتحدة قبل أن ينتسبوا لـ"جبهة النصرة"، واعترف مسؤولون في إدارة أوباما لصحيفة نيويورك تايمز في عام 2015، بأن إستراتيجيتهم فشلت ببساطة بسبب أنها كان تركّز بشكل حصري على قتال تنظيم "الدولة"، في حين كانت رغبة معظم الثوار السوريين تتطلع نحو محاربة نظام الأسد ولم يهتموا كثيراً بقتال تنظيم "الدولة".
وفي خضمّ التدخّل الروسي القوي في سوريا في عام 2015، سعى أوباما إلى توضيح أهدافه الخاصة وبرنامجه الذي أراد أن يواصل فيه المضيّ قدماً، مايكل كوفمان، الزميل العالمي من معهد وودرو ويلسون، يُقيّم موقف الولايات المتحدة في أعقاب التدخل الروسي في سوريا، إذ يقول بأن: "أوباما انحنى راضخاً"، كما أوضح أن الولايات المتحدة "قبلت" احتماليّة بقاء الأسد في السلطة.