بلدي نيوز
تداول نشطاء وإعلاميون على مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم الاثنين 9 كانون الأول 2024، صوراً لجثة تعرضت للتعذيب في أحد السجون التابعة لنظام الأسد، قالوا إنها تعود للناشط "مازن حمادة"، مايوكد وفاته في سجون الأسد بعد سنوات من غياب المعلومات عن مصيره، إضافة لآلاف المعتقلين السوريين الذين لم يتوضح مصيرهم رغم سقوط نظام الأسد وفتح كافة السجون.
و"مازن حمادة" من مدينة دير الزور، لاجئ سوري في هولندا عاش فيها لسنوات، وكان يعمل موظفاً في شركة "شمبرغير" الفرنسية للتنقيب عن النفط في محافظة دير الزور بصفة فني، وكان مساهماً في إجراءات لمحاكمة نظام الأسد، وظهر في أفلام وثائقية سورية تحدث فيها عن التعذيب في معتقلات النظام.
أجرى "مازن حمادة" المعتقل السابق في سجون النظام لثلاث مرات تسوية مع سفارة النظام في برلين وعاد إلى دمشق في شباط 2020، وبحسب مصادر مقربة من "مازن"، فإن المخابرات اعتقلت حمادة عقب وصوله مباشرة إلى مطار دمشق وأخذته لمكان مجهول، وقالت حينها المصادر إن "حمادة" كان يعاني آنذاك من أزمة مالية ونفسية، ورتّب النظام إجراءات رجوعه إلى سوريا.
سبق أن تعرض "حمادة" للاعتقال ثلاث مرات منذ بداية الحراك الثوري، وامتد الاعتقال الأول لمدة أسبوع بتاريخ 24 نيسان/أبريل 2011 على يد فرع أمن الدولة بدير الزور، أما الاعتقال الثاني فكان بتاريخ 29 كانون الأول/ديسمبر 2011 من قبل الفرع نفسه، أثناء عودته من دمشق من قبل أحد الحواجز العسكرية على مدخل مدينة دير الزور، ودام نحو أسبوعين. فيما يعتبر الاعتقال الثالث الأطول في المدة والأشرس في التعامل، حيث اعتقله عناصر من فرع المخابرات الجوية في وسط دمشق حتى العام 2014.
وقدم حمادة شهادات عن التعذيب ضد النظام في محاكمة لاهاي، وقال عن ظروف اعتقاله في فرع المخابرات الجوية: "بمجرد دخولنا هنا بدأوا في ضربنا بالعصي، وجعلونا نخلع ثيابنا ونقف عارين، وبالطبع فإنهم أوثقوا أيدينا، ومن ثم تم أخذنا إلى مبنى الدراسات، ومن ثم إلى ما يسمى أمن الطائرات وهو مهجع بطول 12 مترا وعرض 7 أمتار، وكنا 170 معتقلاً نقف في تلك المساحة، وبقينا ثلاثة أشهر هناك، وبعدها تم تحويلنا إلى فرع التحقيق القديم، لنجد أنفسنا 12 شخصا ضمن زنزانة لا تزيد أبعادها عن حوالي المترين طولاً ومترين عرضاً".
وأكد حمادة في شهاداته أنه تعرض لأنواع مختلفة من التعذيب منها "الشبح والخازوق والتعذيب عن طريق استهداف الأعضاء التناسلية، واستخدام الزيت الحار والماء المغلي، وإطفاء السجائر على أجساد المعتقلين" كما برز حمادة كناشط سياسي حيث نشر مقاطع فيديو قال فيها أنه التقى مسؤولين غربيين لدراسة قضايا تتعلق بالثورة السورية، لكنه أغلق حساباته في مواقع التواصل.
كشف "فضل عبد الغني" مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تصريح خلال لقاء مباشر على شاشة "تلفزيون سوريا"، عن أن غالبية المعتقلين المختفين قسرياً في سجون النظام السوري السابق، هم متوفون، بعد أم تم تصفيهم، وفق بيانات وتوثيقات حصلت عليها الشبكة عبر دوائر النفوس ووثائق تثبت ذلك.
تصريحات "عبد الغني" جاءت وسط تضارب المعلومات عن مصير مئات آلاف المعتقلين في سجون النظم لم يكشف مصيرهم، في وقت يترقب ملايين السوريين بفارغ الصبر واللوعة، معرفة مصير ذويهم المغيب أي خبر عنهم، فيما يمكن أن يكشف الوصول للسجن عن جرائم وفظائع كبيرة ربما تكون قد ارتكبت بحق المعتقلين عبر تصفيات وإعدامات ميدانية كان يجري تنفيذها طيلة سنوات مضت، وتحتاج لأشهر طويلة لكشف سلسلة طويلة من تلك الجرائم التي مورست بكل فظاعة.
وكان بث نشطاء عل مواقع التواصل الاجتماعي اليوم الاثنين 9 كانون الأول 2024، مقاطع فيديو مصورة حديثاً، تظهر عشرات الجثث المكدسة في ثلاجة حفظ الموتى في "مشفى حرستا العسكري" في ريف دمشق، تعود لمعتقلين تم تصفيتهم حديثاً في سجون النظام ونقلهم للمشفى تمهيداً لدفنهم في مقابر جماعية.
ووفق الفيديوهات الواردة، فإن الجثث تعود لمعتقلين في سجون النظام السوري السابق، تم تصفيتهم بوقت قريب ونقلهم للمشفى العسكري، لكن سقوط النظام السريع حال دون دفنها في المقابر الجماعية السرية التي دفن فيها نظام الأسد مئات آلاف المعتقلين السوريين، والذين لايزال مصيرهم مجهولاً لذويهم.
ووفق مصادر حقوقية، ستكشف الأسابيع والأشهر القادمة عن آلاف الجرائم التي تم ارتكابها بحق المعتقلين في سجون نظام الأسد، إذ تشير الإفراجات التي تمت خلال تحرير جميع السجون إلى أن الخارجين منهم لايعادلون نسبة قليلة من حجم الأعداد المسلجة في سجون النظام، ولم يكشف عن مصيرهم، مايؤكد بشكل قطعي أنه تم تصفيتهم ودفنهم في مقابر جماعية ستتوضح في الفترة القادمة.
وكانت أعلنت "إدارة العمليات العسكرية" في وقت مبكر من فجر يوم الأحد 8 كانون الأول 2024، تحرير المعتقلين في "سجن صيدنايا المركزي، أحد أكثر السجون العسكرية السورية تحصينا، وعرفه السوريون طيلة حقبة ريرة من حكم عائلة الأسد بأنه "المسلخ البشري" بسبب صنوف الموت والتعذيب والقتل التي مورست به خلال سنوات مريرة، يبدو أنها وصلت لنهايتها، يضم السجن آلاف المعتقلين السوريين المغيبين منهم يعود اعتقاله لأكثر من 40 عاماً، ومصيره مجهول حتى اليوم.
وانتشرت عشرات المقاطع المصورة التي تظهر عمليات فتح الأبوب الموصدة على الزنازين وإخراج مئات المعتقلين منهم نساء وأطفال ورجال مسنين، تم ذلك بصورة عشوائية، كما رصد أرتال كبيرة لمدنيين في الشوارع قالت المصادر إنهم لمعتقلين خروجوا من سجن صيدنايا بعد فتح الأبواب من قبل مدنيين وعناصر من الثوار.
وتنتشر معلومات عن وجود آلاف المفقودين لم يتوضح مصيرهم، وسط معلومات متضاربة عن وجود طوابق سفلية في السجن الأحمر كما يعرف، وأن لها أبواب سرية موصدة بكلمات سر ولايعرف كيفية الدخول إليها، إذ ان العناصر المشرفة على السجن فرت قبل وصول الفصائل للمكان، ولم يبق أحد منهم.
ولـ "سجن صيدنايا" تاريخ أسود في حياة السوريين عامة، فلا تكاد تخلوا بلدة أة قرية أو حي في مدينة إلا وذاق أبنائها مرارة الموت أو التعذيب أو التغييب لسنوات طويلة في ظلمات السجون، وذاق الويلات على يد عصابات النظام، لكن الأمل لايزال موجوداً للملايين أن يجدوا أبنائهم بين الأحياء الباقين في الزنازين الموصدة.
ووفق توثيقات "الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان" فإنَّ ما لا يقل عن 113218 شخصاً، بينهم 3129 طفلاً و6712 سيدة، لا يزالون قيد الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع في سوريا منذ آذار/ 2011، كما أشارت إلى أنَّه لا أفق لإنهاء جريمة الاختفاء القسري في سوريا، منهم ما لا يقل 96321، بينهم 2329 طفلاً، و5742 سيدة (أنثى بالغة) على يد قوات النظام السوري.