لماذا لا يمكن لموسكو وواشنطن أن يكونوا حلفاء رغم حفاظهم على الأسد؟ - It's Over 9000!

لماذا لا يمكن لموسكو وواشنطن أن يكونوا حلفاء رغم حفاظهم على الأسد؟

التلغراف – (ترجمة بلدي نيوز)
إن وقف الأعمال العدائية في سوريا الهش لربما يكون قد وفّر فترة راحة من عنف الأعمال القتالية بالنسبة للسكان المدنيين المعانين منذ فترة طويلة في البلاد، ولكنّ اتّفاق وقف إطلاق النار المتفاوض بشأنه بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف، والذي أوقف القتال على الأقل لفترة قصيرة -يمثّل هزيمة مُذِلّة بالنسبة لتلك البلدان، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، والذين ألزموا أنفسهم بإسقاط النظام الوحشي لبشار الأسد.

فقبل ثلاث سنوات فقط كان ديفيد كاميرون يحاول يائساً إقناع أعضاء البرلمان لدعم القيام بضربات جوية ضد نظام الأسد بعد استخدامه الأسلحة الكيمائية ضد شعبه !

أما باراك أوباما، والذي أيّد الاحتجاجات المناهضة للنظام السوري، فكان قد أعلن أن استخدام الأسلحة الكيميائية سيكون بمثابة عبور "خط أحمر" بالنسبة للولايات المتحدة !

والآن أيّ احتمالٍ لبريطانيا وأمريكا باتّخاذ أي إجراء عسكري ضد الأسد انتهى، عندما خسر كاميرون تصويته في مجلس العموم وخسر أوباما أعصابه، ومنذ ذلك الحين حظي الأسد بإعادة إحياء ملحوظة، خصوصاً بعد أن قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ملء الفراغ الناجم عن التقاعس الغربي ونشر قواته في سوريا لدعم نظام الأسد.

ويهدف التدخل الروسي في المقام الأول لتأمين أصول روسيا العسكرية في سوريا، خاصة في ميناء طرطوس، ولكنه قام أيضاً بتقديم دعم كان نظام الأسد في أمس الحاجة إليه في روحه المعنوية، مما مكّنه من تكثيف جهوده لاستعادة الأراضي التي فقدها لصالح قوات الثوار.

وواصل الأسد استخدامه للأسلحة الكيميائية ضد شعبه، في الأسبوع الماضي فقط قام بوريس جونسون، وزير الخارجية البريطانية بالتصريح ضدّ الروس، داعياً إياهم لوضع حد لدعمهم "غير المبرّر" لنظام الأسد، يجد نفسه الآن مضطرّاً لتقديم الدعم البريطاني لاتفاق وقف إطلاق النار الذي توسط فيه السيد لافروف مع السيد كيري، ذلك الاتفاق الذي يكفل إبقاء الأسد في السلطة في المستقبل المنظور.

في الواقع فإن أكبر تهديد كان يواجه وقف إطلاق النار هو إصرار الأسد على أنه لا يزال ينوي استعادة السيطرة على البلاد بأكملها، وهو الطموح الذي لا يمكن له أن يتحقق إلا عن طريق إلحاق المزيد من سفك الدماء في تلك البلاد التي مزقتها الحرب.

وإذا ما كان الأسد قادراً على تحقيق هدفه ذلك، فإن الأمر يعتمد إلى حد كبير على موسكو، والتي تقول بأن طموحها الآن يقتصر على انضمام قواتها إلى قوات الولايات المتحدة وحلفاء التحالف لاستهداف تنظيم الدولة.
ومن خلال الموافقة على التعاون مع الروس لهزيمة تنظيم الدولة، فقد استسلم الأميركيون بشكل فعال عن أي أمل واقعي لإزاحة الأسد من السلطة، وباتت الطريقة الوحيدة لسقوط بشار الأسد الآن، تكمن في ما إذا كان سيغضب مناصريه في روسيا من خلال انتهاجه لسياسات قد تتعارض مع مصالح موسكو، في حين أن الأسد سيقوم بفعل أي شيء ليبتعد عن اقتراف مثل هذا الخطأ.

وعلى هذا الأساس، سيتعين على الغرب القبول بهزيمته من قبل الأسد وروسيا، كما سينبغي عليه أن يركز جهوده في دحر تنظيم الدولة، والذي يمثّل أكثر بكثير كتهديد مباشر للغرب من "علويي" الأسد.

وعلاوة على ذلك فإن العمل مع الروس، يمكن له أن يساعد في خلق بعض التحديات الأخرى التي ستواجه منطقة الشرق الأوسط، وخاصة فيما يتعلق بتعميق المواجهة ما بين المملكة العربية السعودية- الدولة السنية العظمى، وإيران الشيعية.

لقد عمل الروس بشكل وثيق مع ايران بشأن سوريا، وحتى لو كانت أهدافهما غير مشتركة دائماً، إلا أن مصلحة روسيا الأولية في النزاع السوري هي حماية قواعدها العسكرية وتوجدها الدائم في طرطوس واللاذقية، إيران من ناحية أخرى، تسعى يائسة لإبقاء الأسد في السلطة، وذلك للحفاظ على تحالفها الاستراتيجي طويل الأمد مع نظامه، وكذلك الحفاظ على روابطها مع حزب الله في جنوب لبنان.

وإذا ما كان الروس يستطيعون المحافظة على وفاقهم مع ايران بشأن سوريا، فلا لا يوجد هنالك من سبب لعدم إمكانيتهم أن يقوموا بفعل الشيء نفسه مع القضايا الإقليمية الهامة الأخرى، كموقف طهران العدواني تجاه الرياض في بلدان مثل اليمن، حيث الحرس الثوري الايراني يقوم بنشاط بدعم الحوثيين المتمردين ضد حكومة البلاد المنتخبة ديمقراطياً، والمؤيدة من قبل المملكة العربية السعودية.

ولكن وقبل أن نذهب بعيداً بشأن إمكانية زيادة التعاون بين روسيا والغرب، دعونا لا ننسى أنه وما دام بوتين في الكرملين، فإن الروس لن يكونوا أبداً أصدقاءً حقيقيين.

إن مشكلة روسيا هي أنها تعاني من عقدة نقص هائلة أمام الولايات المتحدة، و تريد أن تُعامَلَ كَنِدٍّ لها، ولهذا السبب فإن بوتين سيكون سعيداً للغاية لكون اتفاق وقف اطلاق النار منح روسيا التكافؤ مع الولايات المتحدة، ولكن هذا هو فقط لأنه، من مصلحة كل من واشنطن وموسكو تحديد تنظيم الدولة باعتباره العدو الرئيسي، بدلاً من الأسد.

لكن وفي قضايا أخرى، مثل تدخل روسيا المستمر في أوكرانيا وغيرها من الأجزاء في أوروبا الشرقية، فإن روسيا والغرب لديهما أهداف مختلفة جداً، في هذه الحالات فإن الهدف الرئيسي لموسكو يتجلّى بإحباط الغرب، تماماً كما فعلت في سوريا من خلال ضمان بقاء الأسد، ولطالما يبقى هذا الحال، فإن روسيا والغرب لا يمكنهما أبداً أن يكونا حلفاء حقيقيين.

مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى حشد الدعم الإقليمي والدولي لسوريا

مظلوم عبدي ينفي مطالبة قواته بحكومة فدرالية ويؤكد سعيه للتواصل مع الحكومة الجديدة

جنبلاط يلتقي الشرع في دمشق

الشرع وفيدان يناقشان تعزيز العلاقات بين سوريا وتركيا

توغل جديد للقوات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة

من عائلة واحدة.. وفاة طفل وإصابة ستة آخرين بانفجار مخلفات الحرب في درعا

//