بلدي نيوز - شادي شماع
دعت المنظمة الدول لوقف الإعادة القسرية وإنشاء آلية لحماية العائدين، مع دعم اللاجئين مالياً وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.
أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن السوريين العائدين إلى بلادهم هرباً من التصعيد في لبنان، يواجهون مخاطر القمع، والاختفاء القسري، والتعذيب، وحتى الوفاة في أثناء الاحتجاز على يد قوات النظام السوري.
وأوضحت المنظمة في تقرير لها، أن الفارين من لبنان، وخاصة الرجال، يواجهون خطر الاعتقال والانتهاكات على يد قوات النظام السوري، مؤكدةً توثيقها لأربع حالات اعتقال، في حين أفادت جهات أخرى بعشرات الحالات.
وفي عام 2024، توفي على الأقل رجلان ممن رحّلوا سابقاً من لبنان وتركيا وبقوا محتجزين منذ ذلك الحين، في حين تم اعتقال اثنين آخرين في لبنان وإخفاؤهما قسريًا بعد تسليمهما إلى النظام السوري.
ولفت آدم كوغل، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة، إلى أن السوريين يُجبرون على العودة رغم بقاء سوريا غير آمنة، في حين ترفض حكومة النظام السماح للمنظمات الحقوقية بالوصول إلى مواقع الاحتجاز، مما يحجب حقيقة الانتهاكات.
وشدد "كوغل" على أن العودة إلى سوريا لا تعني تحسن الأوضاع، بل تأتي نتيجة لغياب بدائل آمنة، إذ يواجه العائدون مخاطر الاعتقال والانتهاكات والموت.
وأجرت "هيومن رايتس ووتش" مقابلات مع سوريين عادوا من لبنان، بينهم أقارب لخمسة معتقلين احتجزتهم قوات النظام بعد عودتهم في تشرين الأول/أكتوبر، وشملت الاعتقالات حالتين عند معبر الدبوسية بين لبنان وحمص، في حين اعتُقل آخرون على حاجز بين حلب وإدلب، حيث نفذ جهاز "المخابرات العسكرية" الاعتقالات من دون توضيح الأسباب أو مكان الاحتجاز للعائلات.
وروت إحدى الحالات قصة امرأة فرّت إلى سوريا مع زوجها وأطفالها بسبب القصف الإسرائيلي المتزايد. اعتُقل زوجها، وهو "جندي" سابق، عند وصولهم إلى معبر الدبوسية رغم العفو الصادر عن حكومة النظام والذي شمل التهرب من الخدمة العسكرية. اضطرت الزوجة إلى الانتظار خمس ساعات للحصول على معلومات من دون جدوى، وتعيش الآن في ظروف صعبة مع أطفالها من دون معرفة مصير زوجها، معبرة عن ندمها على العودة للبلاد.
لفت التقرير استناداً إلى إحصائيات "الهلال الأحمر العربي السوري" إلى أنه بين 24 أيلول/سبتمبر و22 تشرين الأول/أكتوبر لجأ نحو 440 ألف شخص، 71% منهم سوريون و29% لبنانيون، إلى سوريا هربًا من لبنان عبر المعابر الحدودية الرسمية. ويُعتقد أن آخرين عبروا بشكل غير رسمي.
كما وصل نحو 50,779 نازحاً إلى شمال شرقي سوريا بحلول 25 تشرين الأول و6,600 إلى شمال غربي البلاد بحلول 24 الشهر ذاته، مع أن نسبة كبيرة من العائدين هم من النساء والأطفال.
يواجه السوريون في لبنان ظروفاً قاسية مع تصاعد العداء، فقد أفادت المنظمة بأن العديد من الملاجئ تمنح الأولوية للنازحين اللبنانيين والفلسطينيين وتمنع دخول السوريين، في حين قام بعض أصحاب العقارات بطرد المستأجرين السوريين لإفساح المجال للنازحين اللبنانيين، حتى قبل الهجوم الإسرائيلي.
وشدد التقرير على أن السوريين في لبنان عاشوا في بيئة قسرية مصممة لإجبارهم على التفكير في العودة إلى سوريا، إذ واجهوا ظروفًا صعبة وتصاعدًا في العداء للأجانب، والترحيل.
وأوضح التقرير أن ذلك يأتي في ظل تزايد الدعوات في أوروبا لعودة اللاجئين رغم المخاوف الحقوقية، وقد دعت "هيومن رايتس ووتش" الدول المستضيفة إلى وقف عمليات الإعادة القسرية، وإلى إنشاء آلية حماية مستقلة لمراقبة الانتهاكات في سوريا.
وحثت المنظمة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين على ضرورة التزامها بموقفها المنشور في آذار/مارس 2021 بأن سوريا غير آمنة للعودة، وعدم تشجيع العودة حتى تتوفر ظروف آمنة وكريمة. كما طالبت بإنشاء آلية مستقلة وفعّالة لرصد الانتهاكات الحقوقية بحق العائدين.
دعت أيضاً الدول المانحة إلى تقديم دعم مالي للنازحين داخل سوريا وفي دول الجوار، وتجنب توفير حوافز للعودة المبكرة. كما شددت على ضرورة ضمان الإعفاءات الإنسانية لتسهيل وصول المساعدات من دون قيود من الدول التي فرضت عقوبات على سوريا، كأميركا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي.