تشير التقارير المحلية إلى تحول ملحوظ في استراتيجيات الميليشيات الإيرانية في مدينة البوكمال، الواقعة في ريف دير الزور الشرقي بالقرب من الحدود السورية-العراقية. يتضمن هذا التحول تقليصًا لظهورها العلني وتخفيفًا لنشاطها العسكري، مما يستدعي تحليل العوامل التي أدت إلى هذا التغيير والآثار المحتملة على الوضع الأمني في المنطقة.
بحسب المصادر، بدأت الميليشيات الإيرانية في إخلاء العديد من المقرات العسكرية في البوكمال، حيث تم تقليص أعداد العناصر الأجنبية والمحلية بشكل كبير، مع الإبقاء على عدد محدود من العناصر المحلية للقيام بأعمال الحراسة. كما شهدت المدينة انخفاضًا ملحوظًا في تواجد الدوريات والحواجز، التي كانت تشرف عليها ميليشيات مثل "الحرس الثوري" الإيراني و"فاطميون" الأفغانية.
في إطار هذا التقليص، تم استبدال بعض الحواجز بعناصر محلية بأعداد قليلة، خاصة عند مدخل المدينة وفي نهايتها. يعكس هذا التحول توجه الميليشيات نحو تقليل المخاطر المرتبطة بالاستهداف الجوي، حيث بدأت في تخزين كميات كبيرة من الأسلحة في مستودعات منتشرة بين البوكمال ودير الزور.
المصادر أكدت أن قيادات الميليشيات الأجنبية قد غادرت المنطقة بعد القصف الأخير، متوجهة إلى الجانب العراقي لتدير العمليات عن بُعد. هذا الانتقال يشير إلى تقديرات أمنية جديدة تتعلق بخطورة الوضع، خصوصًا بعد زيادة الاستهدافات الجوية.
على الرغم من تقليص الأنشطة العسكرية، تستمر عمليات التجنيد بين أبناء المنطقة، ولكن دون الحاجة لدورات عسكرية أو عقائدية، مع التركيز على تحسين المردود المالي للمتطوعين. وقد تم إلغاء العديد من الدورات العسكرية السابقة، في ظل تزايد المخاوف من استهداف القيادات المحلية أثناء الاجتماعات.
في ظل التهديدات المتزايدة، لجأت المقرات العسكرية مثل المركز الثقافي الإيراني ومراكز التجنيد التابعة لـ"حزب الله" اللبناني إلى إطفاء الأنوار خلال المساء. تأتي هذه الخطوة في إطار الاحتياطات ضد رصد واستهداف هذه المواقع من قبل الطيران الحربي، سواء الإسرائيلي أو قوات التحالف الدولي.
يمثل تراجع الوجود العسكري الإيراني في البوكمال تحولًا استراتيجيًا يعكس المخاوف من الاستهدافات الجوية والضغوط المتزايدة على الميليشيات. هذا التطور قد يؤثر على ديناميكيات السيطرة في المنطقة، ويطرح تساؤلات حول قدرة إيران على إدارة عملياتها في ظل هذه الظروف المتغيرة. استمرار التجنيد واستراتيجيات البقاء التي تتبناها الميليشيات قد تعكس عزمها على الحفاظ على نفوذها في المنطقة، بالرغم من التحديات التي تواجهها.